الفقه على المذاهب الأربعة

الصلوة

مباحث صلاة التطوع


تعريفها وأقسامها

صلاة التطوع هي ما يطلب فعله من المكلف زيادة على المكتوبة طلبا غير جازم وهي إما أن تكون غير تابعة للصلاة المكتوبة كصلاة الاستسقاء والكسوف والخسوف والتراويح وسيأتي لكل منها فصل خاص وإما أن تكون تابعة للصلاة المكتوبة كالنوافل القبلية والبعدية فأما التابعة للصلاة المكتوبة فمنها ما هو مسنون وما هو مندوب وما هو رغيبة وغير ذلك مما هو مفصل في المذاهب تحت الخط




( الحنابلة قالوا : تنقسم صلاة التطوع التابعة للصلاة المكتوبة إلى قسمين : راتبة وغير راتبة فالراتبة عشر ركعات وهي ركعتان قبل الظهر وركعتان بعده وركعتان بعد صلاة المغرب وركعتان بعد صلاة العشاء وركعتان قبل صلاة الصبح لحديث ابن عمر رضي الله عنهما : " حفظت عن النبي صلى الله عليه و سلم عشر ركعات وسردها " وهي سنة مؤكدة بحيث إذا فاتته قضاها إلا ما فات منهما مع الفرائض وكثر فتركه أولى دفعا للحرج ويستثنى من ذلك سنة الفجر فإنها تقضي ولو كثرت وإذا صلى السنة القبلية للفرض بعده كانت قضاء ولو لم يخرج الوقت وغير الرواتب عشرون وهي : اربع ركعات قبل صلاة الظهر وأربع بعدها وأربع قبل صلاة العصر وأربع بعد صلاة المغرب وأربع بعد صلاة العشاء ويباح أن يصلي ركعتين بعد أذان المغرب وقبل صلاتها لحديث أنس : كنا نصلي على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ركعتين بعد غروب الشمس فسئل أنس أكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصليها ؟ قال : كان يرانا نصليها فلم يأمرنا ولم ينهنا ويباح أن يصلي ركعتين من جلوس بعد الوتر والأفضل أن يصلي الرواتب والوتر وما لا تشرع له الجماعة من الصلوات في بيته ويسن أن يفصل بين كل فرض وسنته بقيام أو كلام وللجمعة سنة راتبة بعدها وأقلها ركعتان وأكثرها ست ويسن أن يصلي قبلها أربع ركعات وهي غير راتبة : لأن الجمعة ليس لها راتبة قبلية
الحنفية قالوا : تنقسم النافلة التابعة للفرض إلى مسنونة ومندوبة فأما المسنونة فهي خمس صلوات : إحداها : ركعتان قبل صلاة الصبح وهما أقوى السنن فلهذا لا يجوز أن يؤديهما قاعدا أو راكبا بدون عذر ووقتهما وقت صلاة الصبح فإن خرج وقتهما لا يقضيان إلا تبعا للفرض فلو نام حتى طلعت عليه الشمس قضاهما أولا ثم قضى الصبح بعدهما ويمتد وقت قضائهما إلى الزوال فلا يجوز قضاءهما بعده أما إذا خرج وقتهما وحدهما بأن صلى الفرض وحده فلا يقضيان بعد ذلك لا قبل طلوع الشمس ولا بعده ومن السنة فيهما أن يصليهما في بيته في أول الوقت وأن يقرأ في أولاهما سورة " الكافرون " وفي الثانية " الإخلاص " وإذا قامت الجماعة لصلاة الصبح قبل أن يصليهما فإن أمكنه إدراكها بعد صلاتهما فعل وإلا تركهما وأدرك الجماعة ولا يقضيهما بعد ذلك كما سبق ولا يجوز له أن يصلي أية نافلة إذا أقيمت الصلاة سوى ركعتي الفجر ثانيتها : أربع ركعات قبل صلاة الظهر بتسليمة واحدة وهذه السنة آكد السنن بعد سنة الفجر ثالثتها : ركعتان بعد صلاة الظهر وهذا في غير يوم الجمعة أما فيه فيسن أن يصلي بعدها أربعا كما يسن أن يصلي قبلها أربعا رابعتها : ركعتان بعد المغرب خامستها : ركعتان بعد العشاء وأما المندوبة فهي أربع صلوات : إحداها : أربع ركعات قبل صلاة العصر وإن شار ركعتين ثانيتها : ست ركعات بعد صلاة المغرب ثالثتها أربع ركعات قبل صلاة العشاء رابعتها : أربع ركعات بعد صلاة العشاء لما روي عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يصلي قبل العشاء أربعا ثم يصلي بعدها أربعا ثم يضطجع وللمصلي أن يتنفل عدا ذلك بما شاء والسنة في ذلك أن يسلم على رأس كل أربع في نفل النهار في غير أوقات الكراهة فلو سلم على رأس ركعتين لم يكن محصلا للسنة وأما في المغرب فله أن يصليها كلها بتسليمة بين الفرض والسنة البعدية بقوله : " اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام " أو بأي ذكر وارد في ذلك
الشافعية قالوا : النوافل التابعة للفرائض قسمان : مؤكد وغير مؤكد أما المؤكد فهو ركعتا الفجر ووقتهما وقت صلاة الصبح وهو من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس ويسن تقديمها على صلاة الصبح إن لم يخف فوات وقت الصبح أو فوات صلاته في جماعة فإن خاف ذلك قدم الصبح وصلى ركعتي الفجر بعده بلا كراهة وإذا طلعت الشمس ولم يصل الفجر صلاهما قضاء ويسن أن يقرأ فيها بعد الفاتحة آية { قولوا آمنا بالله } إلى قوله تعالى : { ونحن له مسلمون } في الركعة الأولى في سورة البقرة وفي الركعة الثانية { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم } إلى { مسلمون } في سورة آل عمران ويسن أن يفصل بينهما وبين صلاة الصبح بضجعة أو تحول أو كلام غير دنيوي ومن المؤكد ركعتان قبل الظهر أو الجمعة وركعتان بعد الظهر أو الجمعة وإنما تسن ركعتان بعد الجمعة إذا لم يصل الظهر بعدها وغلا فلا تسن لقيام سنة الظهر مقامها وركعتان بعد صلاة المغرب وتسن في الركعة الأولى قراءة " الكافرون " وفي الثانية " الإخلاص " وركعتان بعد صلاة العشاء والصلوات المذكورة تسمى رواتب وما كان منها قبل الفرض يسمى راتبة قبلية وما كان منها بعد الفرض يسمى راتبة بعدية ومن المؤكد الوتر وأقله ركعة واحدة وأدنى الكمال ثلاث ركعات وأعلاه إحدى عشرة ركعة والأفضل أن يسلم من كل ركعتين ووقته بعد صلاة العشاء . ولو كانت مجموعة مع المغرب جمع تقديم ويمتد وقته لطلوع الفجر ثم يكون بعد ذلك قضاء وغير المؤكد اثنتا عشرة ركعة ركعتان قبل الظهر سوى ما تقدم وركعتان بعدها كذلك والجمعة كالظهر وأربع قبل العصر وركعتان قبل المغرب ويسن تخفيفهما وفعلهما بعد إجابة المؤذن لحديث " بين كل أذانين صلاة " والمراد الأذان والإقامة وركعتان قبل العشاء
المالكية قالوا : النوافل التابعة للفرائض قسمان : رواتب وغيرها أما الرواتب فهي النافلة قبل صلاة الظهر وبعد دخول وقتها وبعد صلاة الظهر وقبل صلاة العصر وبعد دخول وقتها وبعد صلاة المغرب وليس في هذه النوافل كلها تحديد بعدد معين ولكن الأفضل فيها ما وردت الأحاديث بفضله وهو أربع قبل صلاة الظهر وأربع بعدها وأربع قبل صلاة العصر وست بعد صلاة المغرب وحكم هذه النوافل أنها مندوبة ندبا أكيدا : وأما المغرب فيكره التنفل قبلها لضيق وقتها وأما العشاء فلم يرد في التنفل قبلها نصر صريح من الشارع نعم يؤخذ من قوله صلى الله عليه و سلم : " بين كل أذانين صلاة " أنه يستحب التنفل قبلها والمراد بالأذانين في الحديث الأذان والإقامة " وأما غير الرواتب فهي صلاة الفجر وهي ركعتان وحكمها أنها رغيبة والرغيبة ما كان فوق المستحب ودون السنة في التأكد ووقتها من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس ثم تكون قضاء بعد ذلك إلى زوال الشمس ومتى جاء الزوال فلا تقضى ومحلها قبل صلاة الصبح فإن صلى الصبح قبلها كره فعلها إلى أن يجيء وقت حل النافلة وهو ارتفاع الشمس بعد طلوعها قدر رمح من رماح العرب وهو طول اثني عشر شبرا بالشبر المتوسط فإذا جاء وقت حل النافلة فعلها نعم إذا طلعت الشمس ولم يكن صلى الصبح فإنه يصلي الصبح أولا على المعتمد . ويندب أن يقرأ في ركعتي الفجر بفاتحة الكتاب فقط لا يزيد سورة بعدها وإن كانت الفاتحة فرضا كما تقدم ومن غير الرواتب الشفع وأقله ركعتان وأكثره لا حد له ويكون بعد صلاة العشاء وقبل صلاة الوتر وحكم الشفع الندب ومنها الوتر وهو سنة مؤكذة آكد السنن بعد ركعتي الطواف ووقته بعد صلاة العشاء المؤداة بعد مغيب الشفق للفجر وهذا هو وقت الاختيار ووقته الضروري من طلوع الفجر إلى تمام صلاة الصبح ويكره تأخيره لوقت الضرورة بلا عذر وإذا تذكر الوتر في صلاة الصبح ندب له قطع الصلاة ليصلي الوتر إلا إذا كان مأموما فيجوز له القطع ما لم يخف خروج وقت الصبح . ويندب أن يقرأ في الشفع سورة الأعلى في الركعة الأولى وسورة " الكافرون " في الثانية وفي الوتر سورة الإخلاص والمعوذتين والسنة في النفل كله أن يسلم من ركعتين لقوله صلى الله عليه و سلم : " صلاة الليل مثنى مثنى " وحملت نافلة النهار على نافلة الليل لأنه لا فارق )



الذكر الوارد عقب الصلاة وختم الصلاة

وردت الشريعة بأذكار خاصة تقال بعد الفراغ من كل صلاة مكتوبة ومنها أن يقول : سبحان الله ثلاثا وثلاثين ويقول : الحمد لله ثلاثا وثلاثين ويقول : الله أكبر ثلاثا وثلاثين عقب كل صلاة مفروضة من صبح وظهر . . . الخ . ومنها غير ذلك مما ستعرفه وهل يسن أن يقول هذه الأذكار قبل صلاة النافلة بدون فاصل أو يقولها بعد صلاة النافلة ؟ فإذا صلى الظهر مثلا ثم فرغ منه يشرع في قراءة الذكر أو يصلي سنة الظهر ثم يشرع في ختم الصلاة بالذكر في ذلك تفصيل المذاهب فانظره تحت الخط




( الحنفية قالوا : يكره تنزيها أن يفصل بين الصلاة والسنة إلا بمقدار ما يقول : " اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام " وأما ما ورد من الأحاديث في الأذكار فإنه لا ينافي ذلك لأن السنن من لواحق الفرائض فليست بأجنبية عنها : ويستحب أن يستغفر بعد السنن ثلاثا ويقرأ آية الكرسي والمعوذتين ويسبح ويحمد ويكبر في كل ثلاثا وثلاثين ويهلل تمام المائة بأن يقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ثم يقلو : اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ويدعو ويختم بقول : سبحان ربك رب العزة عما يصفون
المالكية قالوا : الأفضل في الراتبة التي تصلى بعد الصلاة المكتوبة أن تكون بعد الذكر الوارد بعد صلاة الفريضة كقراءة " آية الكرسي " وسورة " الإخلاص " والتسبيح والتحميد والتكبير كل منها ثلاث وثلاثون مرة . ثم يقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
الشافعية قالوا : يسن أن يفصل بين المكتوبة والسنة بالأذكار الواردة فيستغفر الله ثلاثا ويقول : اللهم أنت السلام ومنك السلام . تباركت يا ذا الجلال والإكرام ويسبح الله ثلاثا وثلاثين . ويحمده ثلاثا وثلاثين . ويكبر ثلاثا وثلاثين ويقول بعد ذلك : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد
الحنابلة قالوا : يأتي بالذكر الوارد عقب الصلاة المكتوبة قبل أداء السنن فيقول : أستغفر الله ثلاث مرات ثم يقول : الله أنت السلام ومنك وإليك السلام تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير . لا حول ولا قوة إلا بالله لا إله إلا الله ولا نعبد إلا غياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ويسبح ويحمد ويكبر ثلاثا وثلاثين . والأفضل أن يفرغ منهن معا بأن يقول : سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة وتمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير )



التنفل في المكان الذي صلى فيه مع جماعة

إذا صلى الفرض في جماعة وأراد أن يصلي النافلة فهل يصليها في المكان الذي صلى فيه الفرض مع الجماعة أو ينتقل منه إلى مكان آخر ؟ في ذلك تفصيل المذاهب فانظره تحت الخط




( الحنفية قالوا : إذا كان يصلي الفرض إماما فإنه يكره له أن ينتقل من مكانه لصلاة النفل أما المأموم فإن له أن يصلي في مكانه الذي صلى فيه الفرض وله أن ينتقل منه بدون كراهة ولكن الأحسن للمأموم أن ينتقل من مكانه
الشافعية قالوا : يسن لمصلي الفرض أن ينتقل من مكانه بعد الفراغ منه لصلاة النفل . فإذا لم يتيسر له الانتقال لزحام ونحوه فإنه يسن له أن يتكلم بكلمة خارجة عن أعمال الصلاة كأن يقول : أنهيت صلاة الفريضة ونحو ذلك ثم يشرع في صلاة النافلة التي يريدها
المالكية قالوا : إذا كان يصلي النوافل الراتبة وهي السنن المطلوبة بعد الفرائض فالأفضل صلاتها في المسجد سواء صلاها في المكان الذي صلى فيه الفريضة أو انتقل إلى مكان آخر وإذا كان يصلي نافلة غير راتبة كصلاة الضحى فالأفضل أن يصليها في منزله ويستثنى من ذلك الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه و سلم . فإنه يندب لمن كان بالمدينة أن يصلي النافلة في المكان الذي كان يصلي فيه النبي صلى الله عليه و سلم وهو أمام المحراب الذي بجنب المنبر وسط المسجد فإنه هو المكان الذي كان يصلي فيه النبي صلى الله عليه و سلم
الحنابلة قالوا : صلاة السنن الراتبة وغيرها سوى ما تشرع فيه الجماعة فعلها في البيت أفضل على كل حال . فإذا صلاها في المسجد فله أن يصليها في المكان الذي صلى فيه الفرض أو ينتقل منه إلى مكان آخر على أن الشافعية يوافقون أيضا على أن صلاة النافلة في البيت أفضل )



صلاة الضحى وتحية المسجد

صلاة الضحى سنة عند ثلاثة من الآئمة وخالف المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط




( المالكية قالوا : إن صلاة الضحى مندوبة ندبا أكيدا وليست سنة )



ووقتها من ارتفاع الشمس قدر رمح إلى زوالها والأفضل أن يبداها بعد ربع النهار وخالف المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط




( المالكية قالوا : الأفضل تأخير صلاة الضحى حتى يمضي بعد طلوع الشمس مقدار ما بين دخول وقت العصر وغروب الشمس )



وأقلها ركعتان وأكثرها ثمان فإن زاد على ذلك عامدا عالما بنية الضحى لم ينعقد ما زاد على الثمان فإن كان ناسيا أو جاهلا انعقد نفلا مطلقا عند الشافعية والحنابلة أما المالكية والحنفية فانظر مذهبهم تحت الخط




( الحنفية قالوا : أكثرها ست عشرة وإذا زاد على الأكثر في صلاة الضحى فإما أن يكون قد نواها كلها بتسليمة واحدة وفي هذه الحالة يجزئه ما صلاه بنية الضحى وينعقد الزائد نفلا مطلقا إلا أنه يكره له أن يصلي في نفل النهار زيادة على أربع ركعات بتسليمة واحدة وإما أن يصليها مفصلة اثنتين اثنتين أو أربعا وفي هذه الحالة لا كراهة في الزائد مطلقا
المالكية قالوا : إن زاد على الثمان صح الزائد ولا يكره على الصواب )



ويسن قضاؤها إذا خرج وقتها عند الشافعية . والحنابلة . وانظر مذهب المالكية . والحنفية تحت الخط




( المالكية والحنفية قالوا : إن جميع النوافل إذا خرج وقتها لا تقضى إلا ركعتي الفجر فإنهما يقضيان إلى الزوال كما تقدم )



تحية المسجد

إذا دخل المصلي مسجدا فإنه يسن له أن يصلي ركعتين بنية تحية المسجد وله أن يزيد ما شاء بهذه النية باتفاق الشافعية والحنابلة . أما الحنفية . والمالكية فانظر مذهبهم تحت الخط




( الحنفية قالوا : تحية المسجد ركعتان أو أربع وهي أفضل من الاثنتين ولا يزيد على ذلك بنية تحية المسجد
المالكية قالوا : تحية المسجد ركعتان بدون زيادة . وقال المالكية : إن تحية المسجد مندوبة ندبا أكيدا على الراجح . وبعضهم يقول : إنها سنة . والأمر في ذلك سهل )



ويشترط لتحية المسجد شروط : أحدها : أن يدخل المسجد في غير الأوقات التي نهي عن صلاة النفل فيها كوقت طلوع الشمس وبعد صلاة العصر وسيأتي بيان هذه الأوقات في مبحث خاص . ولا يشترط أن يقصد المكث في المسجد فلو دخل المسجد بنية المرور منه إلى جهة أخرى فإن تحية المسجد تطلب منه عند ثلاثة من الأئمة وخالف المالكية . فانظر مذهبهم تحت الخط




( المالكية قالوا : لا تطلب تحية المسجد إلا ممن دخل المسجد قاصدا الجلوس فيه : أما من قصد مجرد المرور به فإن تحية المسجد لا تطلب منه )



ثانيها : أن يدخل المسجد وهو متوضئ . فلو دخل المسجد وهو محدث فإن تحية المسجد لم تطلب منه باتفاق ثلاثة من الأئمة وخالف الشافعية فانظر مذهبهم تحت الخط




( الشافعية قالوا : إذا دخل محدثا وأمكنه التطهر في زمن قريب فإنها تطلب منه . وإلا فلا تطلب )



: ثالثها : أن لا يصادف دخوله إقامة صلاة الجماعة فإذا دخل ووجد الإمام يصلي بجماعة فإنه لا يصلي تحية المسجد باتفاق ثلاثة من الأئمة . وخالف المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط




( المالكية قالوا : إن صادف دخلوه إقامة الصلاة للإمام الراتب فإن تحية المسجد : لا تطلب منه : أما إن صادف دخوله صلاة جماعة بإمام غير راتب : فإنه يجوز له أن يصلي تحية المسجد ) :



رابعها : أن لا يدخل المسجد عقب خروج الخطيب للخطبة يوم الجمعة والعيدين ونحوهما فإن دخل في ذلك الوقت فلا يصليها عند المالكية والحنفية أما الشافعية والحنابلة فانظر مذهبهم تحت الخط




( الشافعية والحنابلة قالوا : إذا دخل المسجد والإمام فوق المنبر سن له تحية المسجد قبل أن يجلس بركعتين خفيفتين : ولا يزيد عليهما . فإن جلس لا يقوم لأدائهما )



ويستثنى من المساجد المسجد الحرام لحدث بمكة فإن لتحيته أحكاما خاصة مفصلة في المذاهب




( المالكية قالوا : من دخل الحرام بمكة وكان مطالبا بالطواف ولو ندبا أو قاصدا له فتحيته في الطواف ومن دخل مكة لمشاهدة البيت مثلا ولم يكن مطالبا بالطواف فلا يخلو إما أن يكون من أهل مكة أولا فإن كان من أهل مكة فتحيته الركعتان وإلا فتحيته الطواف
الحنفية قالوا : التحقيق أن تحية المسجد الحرام هي الركعتان : ولكن من دخل المسجد الحرام وكان مطالبا بالطواف أو قاصدا له فإنه يقدم الطواف ويصلي بعد ذلك ركعتي الطواف وتحصل بهما تحية المسجد
الشافعية قالوا : من دخل المسجد الحرام وأراد الطواف طلب منه تحيتان تحية للبيت وهي الطواف وتحية للمسجد وهي الصلاة والأفضل أن يبدأ بالطواف ثم يصلي بعده ركعتي الطواف وتحصل في ضمنها تحية للمسجد . وله أن يصلي بعد الطواف أربعا ينوي بالأوليين تحية المسجد وبالأخريين سنة الطواف ولا يصح العكس أما إذا دخل المسجد غير مريد الطواف فلا يطلب منه إلا تحية المسجد بالصلاة
الحنابلة قالوا : إن تحية المسجد الحرام الطواف وإن لم يكن قاصدا له )



وإذا لم يتمكن من تحية المسجد لحدث أو غيره فإنه يندب له أن يقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أربع مرات باتفاق ثلاثة من الأئمة وقال الحنابلة : لا يندب له أن يقول ذلك هذا . وينوب عن تحية المسجد مطلق يصليها ذات ركوع وسجود عند دخوله . فمن صلى فائتة كانت عليه بدخوله المسجد . فإن تحية المسجد تؤدي بها ضمنا بشرط أن ينويها وقال الحنفية والشافعية : يحصل له ثوابها إن لم ينوها . أما إذا نوى عدم صلاة تحية المسجد فإنها تسقط عنه ولا يحصل له ثوابها هذا ولا تسقط تحية المسجد بالجلوس قبل فعلها وإن كان مكروها باتفاق الحنفية والمالكية وقال الشافعية : إن جلس عمدا سقطت مطلقا وإن جلس سهوا أو جهارا فإن طال جلوسه عن ركعتين سقطت وإلا فلا وقال الحنابلة : تسقط إن طال جلوسه عرفا


صلاة ركعتين عقب الوضوء وعند الخروج للسفر أو القدوم منه

تندب صلاة ركعتين عقب الطهارة وتندب صلاة ركعتين عند الخروج للسفر وركعتين عند القدوم منه لقوله صلى الله عليه و سلم : " ما خلف أحد عند أهله أفضل من ركعتين يركعهما عندهم حين يريد سفرا " رواه الطبراني ولما روى كعب بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يقدم من السفر إلا نهارا في الضحى فإذا قدم بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين . ثم جلس فيه رواه مسلم


التهجد بالليل وركعتا الاستخارة

يندب أيضا التهجد بالليل لقوله صلى الله عليه و سلم : " لا بد من صلاة بليل ولو حلب شاة " رواه الطبراني مرفوعا وهو أفضل من صلاة النهار لقوله صلى الله عليه و سلم : " أفضل صلاة بعد الفريضة صلاة الليل رواه مسلم ومن المندوب أيضا ركعتا الاستخارة لما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن يقول : " إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل : اللهم إني استخيرك بعلمك واستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة امري أو قال : عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه وإن كنت تعلم أن هذا شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال : عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به قال : ويسمي حاجته " رواه أصحاب السنن إلا مسلما


صلاة قضاء الحوائج

يندب لمن كانت له حاجة مشروعة أن يصلي ركعتين كما ورد في قوله صلى الله عليه و سلم : " من كانت له عند الله حاجة أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ ويحسن الوضوء ثم ليصل ركعتين ثم ليثن على الله تعالى وليصل على النبي صلى الله عليه و سلم ثم ليقل : لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم لا تدع لي ذنبا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا حاجة هي لي رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين " أخرجه الترمذي عن عبد الله بن أبي أوفى


صلاة الوتر وصيغة القنوت الواردة فيه وفي غيره من الصلوات

اتفق ثلاثة من الأئمة على أن صلاة الوتر سنة وقال الحنفية : إن الوتر واجب وقد عرفت أن الواجب عندهم أقل من الفرض وكما عرفت أن التحقيق عندهم هو أن ترك الواجب لا يوجب العقوبة الأخروية كما يوجبها ترك الفرض القطعي وإنما يوجب الحرمان من شفاعة النبي صلى الله عليه و سلم وكفى بذلك عقوبة عند المؤمنين الذين يرجون شفاعة المصطفى وقد ذكرنا أحكام الوتر عند كل مذهب تحت الخط




( الحنفية قالوا : الوتر واجب وهو ثلاث ركعات بتسليمة واحدة في آخرها ويجب أن يقرأ في كل ركعة منها الفاتحة وسورة أو ما يماثلها من الآيات . وقد ورد أنه صلى الله عليه و سلم كان يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة " الأعلى " . وفي الثانية سورة " الكافرون " وفي الثالثة " الإخلاص " . فإذا فرغ المصلي من القراءة في الركعة الثالثة وجب عليه أنيرفع يديه . ويكبر كما يكبر للافتتاح إلا أنه لا يدعو بدعاء الافتتاح . وهو " سبحانك اللهم وبحمدك . وتبارك اسمك . وتعالى جدك . ولا إله غيرك " بل يقرأ القنوت وهو كل كلام تضمن ثناء على الله تعالى ودعاء ولكن يسن أن يقنت بما ورد عن ابن مسعود رضي الله عنه ونصه : اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونؤمن بك ونتوكل عليك ونثني عليك الخير كله نشكرك ولا نكفرك ونخلع وترك من يفجرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك الجد بالكفار ملحق ثم يصلي على النبي وآله ويسلم " ووقته من غروب الشفق إلى طلوع الفجر فلو تركه ناسيا أو عامدا وجب عليه قضاءه وإن طالت المدة ويجب أن يؤخرة عن صلاة العشاء لوجوب الترتيب فلو قدمه عليها ناسيا صح كذا لو صلاهما على الترتيب ثم ظهر له فساد العشاء دونه فإنه يصح ويعيد العشاء وحدها لأن الترتيب يسقط بمثل هذا العذر ولا يجوز أن يصليه قاعدا مع القدرة على القيام كما لا يجوز أن يصليه راكبا من غير عذر والقنوت واجب فيه . ويسن أن يقرأ سرا سواء كان إماما أو منفردا أو مأموما ومن لم يحسن القنوت يقول : ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار أو يقول : اللهم اغفر لنا ثلاث مرات وإذا نسي القنوت ثم تذكره حال الركوع فلا يقنت في الركوع ولا يعود إلى القيام بل يسجد للسهو بعد السلام فإن عاد إلى القيام وقنت ولم يعد الركوع لم تفسد صلاته وإن ركع قبل قراءة السورة والقنوت سهوا فعليه أن يرفع رأسه لقراءة السورة والقنوت ويعيد الركوع ثم يسجد للسهو وإذا نسي الفاتحة وقراءة السورة والقنوت وركع فإنه يرفع رأسه ويقرأ الفاتحة والسورة والقنوت ويعيد الركوع فإن لم يعده صحت صلاته ويسجد للسهو على كل حال ولا يقنت في غير الوتر إلا في النوازل أي شدائد الدهر فيسن له أن يقنت في الصبح لا في كل الأوقات على المعتمد وأن يكون قنوته بعد الرفع من الركوع بخلاف الوتر وإنما يسن قنوت النوازل للإمام لا للمنفرد وأما المأموم فإنه يتابع إمامه في قراءة القنوت إلا إذا جهر بالقنوت فإنه يؤمن ولم تشرع الجماعة في صلاة الوتر إلا في وتر رمضان فإنها تستحب لأنه في حكم النوافل من بعض الوجوه وإن كان واجبا أما في غير رمضان فإن الجماعة تكره فيه إن قصد بها دعاء الناس للاجتماع فيه أما لو اقتدى واحد بآخر أو اثنان بواحد أو ثلاثة بواحد فإنه لا يكره إذ ليس فيه دعاء للاجتماع
الحنابلة قالوا : إن الوتر سنة مؤكدة وأقله ركعة ولا يكره الإتيان بها وأكثره إحدى عشرة ركعة وله أن يوتر بثلاث وهو أقل الكمال وبخمس وبسبع وبتسع فإن أوتر بإحدى عشرة فله أن يسلم من كل ركعتين ويوتر بواحدة وهذا أفضل وله أن يصليها بسلام واحد إما بتشهدين أو بتشهد واحد وذلك بأن يصلي عشرا ويتشهد ثم يقوم للحادية عشرة من غير سلام فيأتي بها ويتشهد أو يصلي الإحدى عشرا ويتشهد ثم يقوم للحادية عشرة من غير سلام فيأتي بها ويتشهد ويسلم وهذا أفضل وله أن يصليها بتشهد واحد بأن يصلي التسعة ويتشهد ويسلم وله أن يسلم من كل ركعتين ويأتي بالتاسعة ويسلم وإن أوتر بسبع أو بخمس بالأفضل أن يصليه بتشهد واحد وسلام واحد وله أن يصليه بتشهدين بأن يجلس بعد السادسة أو الرابعة ويتشهد ولا يسلم ثم يقوم فيأتي بالباقي ويتشهد ويسلم وله أن يسلم من كل ركعتين وإن أوتر بثلاث أتى بركعتين يقرأ في أولهما سورة " سبح " وفي الثانية سورة " الكافرون " ثم يسلم ويأتي بالثالثة ويقرأ فيها سورة الإخلاص ويتشهد ويسلم وله أن يصليها بتشهدين وسلام واحد : كالمغرب وهذه الصورة هي أقل الصور فضلا ويسن له أن يقنت بعد الرفع من الركوع في الركعة الأخيرة من الوتر في جميع السنة بلا فرق بين رمضان وغيره . والأفضل أن يقنت بالوارد وهو : " اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونتوب إليك ونؤمن بك ونتوكل عليك ونثني عليك الخير كله نشكرك ولا نكفرك اللهم إياك نعبد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك . إن عذابك الجد بالكافرين ملحق " : " اللهم اهدنا فيمن هديت وعافنا فيم عافيت وتولنا فيمن توليت وبارك لنا فيما أعطيت وقنا شر ما قضيت إنك سبحانك تقضي ولا يقضي عليك إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت " " اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك وبعفوط من عقوبتك وبك منك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك " ثم يصلي على النبي صلى الله عليه و سلم وله أن يصلي على الآل أيضا ولا بأس أن يدعو في قنوته بما يشاء غير ما تقدم من الوارد وإن كان الوارد أفضل ويسن أن يجهر بالقنوت إن كان إماما أو منفردا أما المأموم فيؤمن جهرا على قنوت إمامه كما يسن للمنفرد أن يفرد الضمائر المتقدمة في نحو " اهدنا " ويجمع الإمام الضمير كاللفظ الوارد ويسن للمصلي أن يقول بعد سلامه من الوتر : سبحان الملك القدوس ثلاثا وأن يرفع صوته بالثالثة منها ويكره القنوت في غير الوتر إلا إذا نزل بالمسلمين نازلة غير الطاعون فيسن للسلطان ونائبه أن يقنت في جميع الصلوات المكتوبة للناس - إلا الجمعة - بما يناسب تلك النازلة أما الطاعون فلا يقنت له فإذا قنت للنازلة غير السلطان ونائبه لا تبطل صلاته سواء كان إماما أو منفردا وإذا ائتم بمن يقنت في الفجر تابعه في قنوته وأمن على دعائه إن كان يسمعه وإن لم يسمع في هذه الحالة سن له أن يدعو بما شاء ويجوز للمصلي أن يقنت قبل ركوع الركعة الأخيرة من الوتر بأن يكبر ويرفع يديه ثم يقنت ثم يركع ولكن الأفضل أن يكون بعد الرفع من الركوع كما تقدم ويسن في حال قنوته أن يرفع يديه إلى صدره مبسوطتين ويجعل بطونهما جهة السماء ويمسح وجهه بيديه بعد الفراغ من القنوت ووقته من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر الثاني والأفضل فعله آخر الليل إن وثق من قيامه فيه فإن لم يثق من ذلك أوتر قبل أن ينام ويسن له قضاؤه مع شفعه إذا فات ويسن فعله جماعة في رمضان ويباح فعله جماعة في غير رمضان
الشافعية قالوا : الوتر سنة مؤكدة وهو آكد السنن وأقله ركعة وأكثره إحدى عشرة فلو زاد على العدد المذكور عامدا عالما لم تنعقد صلاته الزائدة أما لو زاد جاهلا أو ناسيا فلا تبطل صلاته بل تنعقد نفلا مطلقا والاقتصار على ركعة خلاف الأولى ويجوز لمن يصلي الوتر أكثر من ركعة واحدة أن يفعله موصولا بأن تكون الركعة الأخيرة متصلة بما قبلها أو مفصولا بأن لا تكون كذلك فلو صلى الوتر خمس ركعات مثلا جاز له أن يصلي ركعتين بتسليمة ثم يصلي الثلاثة بعدها بتسليمة وجاز له أن يفصل بحيث يصلي الركعة الأخيرة منفصلة عما قبلها . سواء صلى ما قبلها ركعتين ركعتين أو أربعا ولا يجوز له في حالة الوصل أن يأتي بالتشهد أكثر من مرتين والأفضل أن يصليه مفصولا ووقته بعد صلاة العشاء ولو جمعت جمع تقديم مع المغرب وينتهي إلى طلوع الفجر الصادق ويسن تأخيره عن أول الليل لمن يثق بالانتباه آخره كما يسن تأخيره عن صلاة الليل بحيث يختم به وتسن فيه الجماعة في شهر رمضان والقنوت في الركعة الأخيرة منه في النصف الثاني من ذلك الشهر كما يسن القنوت بعد الرفع من ركوع الثانية في الصبح كل يوم والقنوت كل كلام يشتمل عن ثناء ودعاء ولكن يسن أن يكون مما ورد عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو : " اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يقضي عليك . وإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت فلك الحمد على ما قضيت استغفرك وأتوب إليك وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم " ويقول هذه الصيغة إذا كان منفردا فيخص نفسه بالدعاء بأن يقول : اهدني وعافني . . . الخ إلا كلمة ربنا في قوله : تباركت ربنا فإنه لا يقول فيها ربي أما الإمام فيقوله بصيغة الجمع : اهدنا وعافنا . . . الخ ويسن للإمام أن يجهر بالقنوت ولو كانت صلاته قضاء ويسن للمنفرد أن يسر به ولو كانت صلاته أداء أما المأموم فإنه يؤمن على دعاء الإمام وإذا ترك المصلي شيئا من القنوت يسجد له ويسن قضاء الوتر إذا فات وقته وكذا كل نفل مؤقت
هذا ويسن أن يقنت للشدائد في جميع أوقات الصلاة ويجهر فيه الإمام والمنفرد ولو كانت الصلاة سرية والمأموم يؤمن على دعاء الإمام وإذا فات منه شيء لا يسجد له
المالكية قالوا : الوتر سنة مؤكدة بل هو آكد السنن بعد ركعتي الطواف والعمرة فآكد السنن على الإطلاق ركعتا الطواف الواجب ثم ركعتا الطواف غير الواجب ثم العمرة ثم الوتر وهو ركعة واحدة ووصلها بالشفع مكروه ويندب أن يقرأ فيها بعد الفاتحة سورة " الإخلاص - والمعوذتين " ويتأكد الجهر بهما فإن زاد ركعة أخرى فلا يبطل على الصحيح وإن زاد ركعتين بطل وله وقتان : وقت اختياري ووقت ضروري أما الاختياري فيبتدئ من بعد صلاة العشاء الصحيحة المؤداة بعد مغيب الشفق الأحمر فإن صلى الوتر بعد العشاء ثم ظهر له فسادها أعاد الوتر بعد أن يصلي العشاءمرة أخرى وإذا جمع العشاء مع المغرب جمع تقديم وذلك للمطر كما يأتي أخر الوتر حتى يغيب الشفق فلا تصح صلاتهقبله يمتد وقته الاختياري إلى طلوع الفجر الصادق والضروري من طلوع الفجر إلى تمام صلاة الصبح فلو تذكر الوتر وهو في صلاة الصبح ندب له قطعها ليصلي الوتر سواء كان إماما أو منفردا . ويستخلف الإمام ما لم يخف خروج الوقت . أما إذا كان مأموما فيجوز له القطع ويجوز له التمادي ومتى قطع صلاة الصبح للوتر صلى الشفع ثم الوتر وأعاد ركعتي الفجر لتتصلا بالصبح ويكره تأخير الوتر إلى وقت الضرورة بلا عذر ومتى صلى الصبح فلا يقضي الوتر لأن النافلة لا تقضي إلا ركعتا الفجر كما تقدم ولا قنوت في الوتر وإنما هو مندوب في صلاة الصبح فقط كماتقدم ويندب أن يكون قبل الركوع فإن نسيه حتى ركع فلا يرجع إليه بل يؤديه بعد الركوع وبذلك يحصل ندب الإتيان به ويفوت ندب تقديمه فهما مندوبان كل واحد منهما مستقل فإن رجع بطلت صلاته ويجوز مع الكراهة صلاة الوتر جالسا مع القدرة على القيام على المعتمد وأما الاضطجاع فيه فلا يجوز مع القدرة على القعود وتجوز صلاته على الدابة بالركوع والسجود مطلقا وبالإيماء للمسافر سفر قصر ويكون المصلي مستقبلا جهة السفر إلى آخر ما سيذكر في صلاة النافلة على الدابة وتقديم الشفع على الوتر شرط كمال فيكره فعله من غير أن يتقدمه شفع ويندب تأخيره إلى آخر الليل لمن عادته الاستيقاظ آخره ليختم به صلاة الليل . عملا بقوله صلى الله عليه و سلم : " اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترا " وغذا قدمه عقب صلاة العشاء ثم استيقظ آخر الليل وتنفل كره له أن يعيد الوتر تقديما لحديث النهي وهو قوله صلى الله عليه و سلم " لا وتران في ليلة " على حديث " اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترا " لأن الحاظر مقدم على المبيح عند تعارضهما وإذا استيقظ من النوم وقد بقي على طلوع الشمس ما يسع ركعتين بعد الطهارة ترك الوتر وصلى الصبح وأخر ركعتي الفجر يقضيهما بعد حل النافلة للزوال وإن بقي على طلوعها ما يسع ثلاث ركعات صلى الوتر والصبح وترك الشفع وأخر الفجر كما تقدم وأما إذا بقي ما يسع خمس ركعات فإنه يصلي الشفع والوتر والصبح ويؤخر الفجر وإن اتسع الوقت لسبع ركعات صلى الجميع ولا تطلب الجماعة في الشفع والوتر إلا في رمضان فتندب الجماعة فيهما كما تندب التراويح )



صلاة التراويح : حكمها ووقتها

هي سنة عين مؤكدة للرجال والنساء عند ثلاثة من الأئمة وخالف المالكية . فانظر مذهبهم تحت الخط




( المالكية قالوا : هي مندوبة ندبا أكيدا لكل مصل من رجال ونساء ) وتسن فيها الجماعة عينا بحيث لو صلتها جماعة لا تسقط الجماعة عن الباقين فلو صلى الرجل في منزله صلاة التراويح فإنه يسن له أن يصلي بمن في داره جماعة فلو صلاها وحده فقد فاته ثواب سنة الجماعة وهذا الحكم متفق عليه عند الشافعية والحنابلة أما المالكية والحنفية فانظر مذهبهم تحت الخط ( المالكية قالوا : الجماعة فيها مندوبة الحنفية قالوا : الجماعة فيها سنة كفاية لأهل الحي فلو قام بها بعضهم سقط الطلب عن الباقين )



وقد ثبت كونها سنة في جماعة بفعل النبي صلى الله عليه و سلم فقد روى الشيخان " أنه صلى الله عليه و سلم خرج من جوف الليل ليالي من رمضا وهي ثلاث متفرقة : ليلة الثالث والخامس والسابع والعشري وصلى في المسجد وصلى الناس بصلاته فيها كان يصلي بهم ثمان ركعات ويكملون باقيها في بيوتهم فكان يسمع له أزيز كأزيز النحل ومن هذا يتبين أن النبي صلى الله عليه و سلم سن لهم التراويح والجماعة فيها ولكنه لم يصل بهم عشرين ركعة كما جرى عليه العمل من عهد الصحابة ومن بعدهم إلى الآنن ولم يخرج إليهم بعد ذلك خشية أن تفرض عليهم كما صرح به في بعض الروايات ويتبين أيضا أن عددها ليس مقصورا على الثمان ركعات التي صلاها بهم بدليل أنهم كانوا يكملونها في بيوتهم وقد بين فعل عمر رضي الله عنه أن عددها عشرون حيث أنه جمع الناس أخيرا على هذا العدد في المسجد ووافقه الصحابة على ذلك ولم يوجد لهم مخالف ممن بعدهم من الخلفاء الراشدين وقد قال النبي صلى الله عليه و سلم : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ " رواه أبو داود وقد سئل أو حنيفة عما فعله عمر رضي الله عنهما فقال التراويح سنة مؤكدة ولم يتخرجه عمر من تلقاء نفسه ولم يكن فيه مبتدعا ولم يأمر به إلا عن أصل لديه وعهد من رسول الله صلى الله عليه و سلم نعم زيد فيها في عهد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنهن فجعلت ستا وثلاثين ركعة ولكن كان القصد من هذه الزيادة مساواة أهل مكة في الفضل لأنهم كانوا يطوفون بالبيت بعد كل أربع ركعات مرة فرأى رضي الله عنه أن يصلي بدل كل طواف أربع ركعات وهذا دليل على صحة اجتهاد العلماء في الزيادة على ما ورد من عبادة مشروعة إذ مما لا ريب فيه أن للإنسان أن يصلي من النافلة ما استطاع بالليل والنهار إلا في الأوقات التي ورد النهي عن الصلاة فيها أما كونه يسمي ما يصليه زيادة على الوارد تراويح أولا فلذلك يرجع إلى الإطلاق اللفظي والأولى أن يقتصر في التسمية على ما أقره النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه المجتهدون . وقد ثبت أن صلاة التراويح عشرون ركعة سوى الوتر




( المالكية قالوا : عدد التراويح عشرون ركعة سوى الشفع والوتر )



أما وقتها فهو من بعد صلات العشاء ولو مجموعة جمع تقديم مع المغرب عند من يقول بجواز الجمع للمسافر سفر قصر ونحوه بالشرائط الآتية في مبحث " الجمع بين الصلاتين تقديما وتأخيرا " إلا عند المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط




( المالكية قالوا : إذا جمعت العشاء مع المغرب جمع تقديم أخرت صلاة التراويح حتى يغيب الشفق فلو صليت قبل ذلك كانت نفلا مطلقا ولم يسقط طلبها )



وينتهي بطلوع الفجر وتصح قبل الوتر وبعده وبدون كراهية ولكن الأفضل أن تكون قبله باتفاق ثلاثة . وخالف المالكية فقالوا : إن تأخيرها عن الوتر مكروه فانظر مذهبهم تحت الخط




( المالكية قالوا : تصلى التراويح قبل الوتر وبعد العشاء ويكره تأخيرها عن لوتر لقوله عليه السلام : " اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترا " )



فإذا خرج وقتها بطلوع الفجر فإنه لا تقضى . سواء كانت وحدها أو مع العشاء . باتفاق ثلاثة من الأئمة . وخالف الشافعية . فانظر مذهبهم تحت الخط




( الشافعية قالوا : إن خرج وقتها قضيت مطلقا )



مندوبات صلاة التراويح

يندب أن يسلم في آخر كل ركعتين . فلو فعلها بسلام واحد وقعد على رأس كل ركعتين صحت مع الكراهة . إلا عند الشافعية . فانظر مذهبهم في تفصيل المذاهب تحت الخط






الحنفية قالوا : إذا صلى أربع ركعات بسلام واحد نابت عن ركعتين اتفاقا وإذا صلى أكثر من أربع بسلام واحد اختلف التصحيح فيه فقيل : ينوب عن شفع من التراويح وقيل : يفسد الحنابلة قالوا : تصح مع الكراهة وتحسب عشرين ركعة
المالكية قالوا : تصح وتحسب عشرين ركعة ويكون تاركا لسنة التشهد والسلام في كل ركعتين . وذلك مكروه
الشافعية قالوا : لا تصح إلا إذا سلم بعد كل ركعتين فإذا صلاها بسلام واحد لم تصح سواء قعد على رأس كل ركعتين أو لم يقعد فلا بد عندهم من أن يصليها ركعتين ركعتين ويسلم على رأس كل ركعتين



أما إذا لم يقعد على رأس كل ركعتين ففيه اختلاف المذاهب فانظره تحت الخط





الحنفية قالوا : هذا الجلوس مندوب ويكون بقدر الأربع ركعات وللمصلي في هذا الجلوس أن يشتمل بذكر أو تهليل أو يسكت
المالكية قالوا : إذا أطال القيام فيها ندب له أن يجلس للاستراحة اتباعا لفعل الصحابة وإلا فلا



ويندب لمن يصلي التراويح أن يجلس بدون صلاة للاستراحة وفي ذلك الجلوس تفصيل المذاهب فانظره تحت الخط




الحنابلة قالوا : هذا الجلوس مندوب ولا يكره تركه والدعاء فيه خلاف الأولى
الشافعية قالوا : يندب هذا الجلوس اتباعا للسلف ولم يرد فيه ذكر



ويجلس بعد كل أربع ركعات للاستراحة . هكذا كان يفعل الصحابة رضوان الله عليهم ولهذا سميت تراويح حكم قراءة القرآن كله في صلاة التراويح وحكم النية فيها وما يتعلق بذلك تسن قراءة القرآن بتمامه فيها بحيث يختمه آخر ليلة من الشهر إلا إذا تضرر المقتدون به فالأفضل أن يراعي حالهم بشرط أن لا يسرع إسراعا مخلا بالصلاة وهذا متفق عليه إلا عند المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط







المالكية قالوا : يندب للإمام قراءة القرآن بتمامه في التراويح جميع الشهر وتركذلك خلاف الأولى إلا إذا كان لا يحفظ القرآن ولم يوجد غيره يحفظه أو يوجد غيره يحفظه ولكن لا يكون على حالة مرضية بالنسبة للإمامة



وكل ركعتين منها صلاة مستقلة فينوي في أولها ويدعو بدعاء الافتتاح بعد تكبيرة الإحرام وقبل القراءة عند من يقول به أما من لا يقول به وهم المالكية فانظر تحت الخط






المالكية قالوا : يكره الدعاء بعد تكبيرة الإحرام وقبل القراءة وهو المسمى بدعاء الاستفتاح عند غيرهم وقد تقدم بيانه غير مرة وهو " سبحانك اللهم وبحمدك . . . إلخ " أو " وجهت وجهي . . . " إلخ



ويزيد على التشهد الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم وهكذا والأفضل أن يصلي من قيام عند القدرة فإن صلاها من جلوس صحت وخالف الأولى ويكره أن يؤخر المقتدي القيام إلى ركوع الإمام لما فيه من إظهار الكسل في الصلاة والأفضل صلاتها في المسجد لأن كل ما شرعت فيه الجماعة فعله بالمسجد أفضل باتفاق ثلاثة من الأئمة وخالف المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط





المالكية قالوا : يندب صلاتها في البيت ولو جماعة لأنه أبعد عن الرياء بشروط ثلاثة : أن ينشط بفعلها في بيته وأن لا يكون بأحد الحرمين المكي والمدني وهو من أهل الآفاق لا من أهل مكة ولا من أهل المدينة . وأن لا يلزم من فعلها في البيت تعطيل المساجد وعدم صلاتها فيها رأسا فإن تخلف شرط من هذه الشروط فعلت في المسجد