الفقه على المذاهب الأربعة

الصلوة

مباحث الجنائز

ما يفعل بالمحتضر

يسن أن يوجه من حضرته الوفاة إلى القبلة بأن يجعل على جنبه الأيمن ووجه لها إن لم يشق ذلك وإلا وضع على ظهره ورجلاه للقبلة ولكن ترفع رأسه قليلا ليصير وجهه لها وقال : المالكية هذا الوضع مندوب لا سنة ويستحب أن يلقن الشهادة بأن تذكر عنده ليقولها لقوله صلى الله عليه و سلم : " لقنوا موتاكم لا إله إلا الله فإنه ليس مسلم يقولها عند الموت إلا أنجته من النار " وهذا الحديث رواه أبو حفص بن شاهين في كتاب " الجنائز " عن ابن عمر مرفوعا وروى مسلم عن أبي هريرة : " لقنوا موتاكم شهادة أن لا إله إلا الله " ولا يقال له : قل لئلا يقول : لا فيساء به الظن ولا يلح عليه متى نطق بها مخافة أن يضجر إلا إذا تكلم بكلام أجنبي بعد النطق بها فإنه يعاد له التلقين ليكون النطق بها مخافة أن يضجر إلا إذا تكلم بكلام أجنبي بعد النطق بها فإنه يعاد له التلقين ليكون النطق بها آخر كلامه من الدنيا ويستحب تلقينه أيضا بعد الفراغ من دفنه وتسوية التراب عليه والتلقين هنا هو أن يقول الملقن مخاطبا للميت : يا فلان ابن فلانة إن كان يعرفه وإلا نسبه إلى حواء عليها السلام ثم يقول بعد ذلك : اذكر العهد الذي خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن الجنة حق وأن النار حق وأن البعث حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من القبور وأنك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه و سلم نبيا وبالقرآن إماما وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخوانا وهذا التلقين مستحب عند الشافعية والحنابلة وخالف المالكية والحنفية فانظر مذهبيهما تحت الخط




الحنفية قالوا : التلقين بعد الفراغ من الدفن لا ينهى عنه ولا يؤمر به وظاهر الرواية يقتضي النهي عنه
المالكية قالوا : التلقين بعد الدفن وحاله مكروه وإنما التلقين يندب حال الاحتضار فقط كما ذكر



ويندب أن يدخل عليه حال احتضاره أحسن أهله وأصحابه وكثرة الدعاء له وللحاضرين ويندب غبعاد الحائض والنفساء والجنب وكل شيء تكرهه الملائكة كآلة اللهو ويندب أن يوضع عند طيب . ويستحب أن يقرأ عند سورة { يس } لما ورد في الخبر " ما من مريض يقرأ عند { يس } إلا مات ريان وأدخل قبره ريان وحشر يوم القيامة ريان " رواه أبو داود وهذا الحكم متفق عليه إلا عند المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط




المالكية : رجحوا القول لكراهة قراءة شيء من القرآن عند المحتضر لأنه ليس من عمل السلف وقال بعضهم : يستحب قراءة سورة { يس } عنده
الحنفية قالوا : تكره القراءة عند الميت قبل غسله إذا كان القارئ قريبا منه أما إذا بعد عنه فلا كراهة كما لا تكره القراءة قريبا منه إذا كان جميع بدن الميت مستورا بثوب طاهر والمكروه في الصورة الأولى إنما هو القراءة برفع الصوت
الشافعية قالوا : يقتصر في الدعاء حال التغميض على قول : بسم الله وعلى ملة رسول الله



على أنه ينبغي للقارئ أن يقرأها سرا كي لا يزعج المحتضر أما بعد موته فلا يقرأ عنده شيء باتفاق ويندب للمحتضر أن يحشن ظنه بالله تعالى لقوله صلى الله عليه و سلم : " لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله أن يرحمه ويعفو عنه " وفي الصحيحين : قال الله تعالى : { أنا عند ظن عبدي بي } . ويندب لمن يكون عند المحتضر أن يحمله على تحسين ظنه بالله تعالى ويسن تغميض عينيه وأن يقول مغمضة : بسم الله وعلى ملة رسول الله اللهم اغفر له وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يا رب العالمين عليه إلا عند المالكية فإنهم يقولون : إن تغميض العينين مندوب لا سنة وإن الدعاء وهو بسم الله وعلى ملة رسول الله الخ ليس بمطلوب عندهم


مبحث ما يفعل بالميت قبل غسله

إذا مات المحتضر يندب شد لحييه بعصابة عريضة تربط من فوق رأسه وتليين مفاصله برفق ورفعه عن الأرض وستره بثوب صونا له عن الأعين بعد نزع ثيابه التي قبض فيها إلا عند المالكية فإن لهم في ذلك تفصيلا تحت الخط





المالكية قالوا : في نزع ثيابه التي قبض فيها أحد قولين : الأول : تنزع ولكن لا تنزع بتمامها بل يترك عليه قميصه والثاني : أنه لا ينزع شيء من ثيابه ويزاد عليها ثوب آخر يستر جميع بدنه عن الأعين



ويجب الانتظار بتجهيزه حتى يتحقق موته وبعد التحقق من الموت ينبغي الإسراع بتجهيزه ودفنه ويستحب إعلام الناس بمةته ولو بالنداء في الأسواق ليشهدوا جنازته من غير إفراط في المدح بأن يقول مثلا : مات الفقير إلى الله تعالى فلان ابن فلان فاسعوا في جنازته وهذا متفق عليه إلا عند الحنابلة فإنهم يقولون : إن الإعلام مباح ويكره رفع الصوت به ووافقهم المالكية على كراهة رفع الصوت به والمناسب لمذهبيهما أن يكون الإعلام بطريق الإعلانات في الصحف ونحوها مما يفعل في زماننا


مبحث غسل الميت – حكمه

غسل الميت فرض كفاية على الأحياء إذا قم به البعض سقط عن الباقين والمفروض غسله مرة واحدة بحيث يعم بها جميع بدنه أما تكرار غسله وترا فهو سنة كما يأتي في مبحث " كيفية الغسل " باتفاق إلا عند المالكية فإنهم قالوا : تكرار الغسل وترا مندوب لا سنة


شروط غسل الميت

ويشترط لفريضة غسل الميت شروط : الأول : أن يكون مسلما فلا يفترض تغسيل الكافر بل يحرم باتفاق ثلاثة وقال الشافعية : إنه ليس بحرام لأنه للنظافة لا للتعبد الثاني : أن لا يكون سقطا فإنه لا يفترض غسل السقط على تفصيل في المذاهب فانظره تحت الخط




الشافعية قالوا : إن السقط النازل قبل عدة تمام الحمل وهي ستة أشهر ولحظتان إما أن تعلم حياته فيكون كالكبير في افتراض غسله وإما أن لا تعلم حياته وفي هذه الحالة إما أن يكون قد ظهر خلقه فيجب غسله أيضا دون الصلاة عليه وإما أن لا يظهر خلقه فلا يفترض غسله وأما السقط النازل بعد المدة المذكورة فإنه يفترض غسله وإن نزل ميتا وعلى كل حال فإنه يسن تسميته بشرط أن يكون قد نفخت فيه الروح
الحنفية قالوا : إن السقط إذا نزل حيا بأن سمع له صوت أو رئيت له حركة وإن لم يتم نزوله وجب غسله سواء كان قبل تمام مدة الحمل أو بعده وأما إذا نزل ميتا فإن كان تام الخلق فإنه يغسل كذلك وإن لم يكن تام الخلق بل ظهر بعض خلقه بإنه لا يغسل المعروف وإنما يصب عليه الماء ويلف في خرقة وعلى كل حال فإنه يسمى لأنه يحشر يوم القيامة
الحنابلة قالوا : السقط إذا تم في بطن أمه أربعة أشهر كاملة ونزل وجب غسله وأما إن نزل قبل ذلك فلا يجب غسله
المالكية قالوا : إذا كان السقط محقق الحياة بعد نزوله بعلامة تدل على ذلك كالصراخ والرضاع الكثير الذي يقول أهل المعرفة إنه لا يقع مثله إلا ممن فيه حياة مستقرة وجب تغسيله وإلا كره



الثالث : أن يوجد من جسد الميت مقدار ولو كان قليلا باتفاق الشافعية والحنابلة وخالف الحنفية والمالكية فانظر مذهبيهما تحت الخط




الحنفية قالوا : لا يفرض الغسل إلا إذا وجد من الميت أكثر البدن أو وجد نصفه مع الرأس
المالكية قالوا : لا يفترض غسل الميت إلا إذا وجد ثلثا بدنه ولو مع الرأس فإن لم يوجد ذلك كان غسله مكروها



الرابع : أن لا يكون شهيدا قتل في إعلاء كلمة الله كما سيأتي في مبحث " الشهيد " لقوله صلى الله عليه و سلم في قتلى أحد : " لا تغسلوهم فإن كل جرح أو كل دم يفوح مسكا يوم القيامة ولم يصل عليهم " رواه أحمد ويقوم التيمم مقام غسل الميت عند فقد الماء أو تعذر الغسل كأن مات حريقا ويخشى أن يتقطع بدنه إذا غسل بذلك أو بصب الماء عليه بدون دلك أما إن كان لا يتقطع بصب الماء فلا ييمم بل يغسل بصب الماء بدون دلك


حكم النظر إلى عورة الميت ولمسها وتغسيل الرجال النساء وبالعكس

يجب ستر عورة الميت فلا يحل للغاسل ولا غيره أن ينظر إليها وكذلك لا يحل لمسها فيجب أن يلف الغاسل على يده خرقة ليغسل بها عورته سواء كانت مخففة أو مغلظة أما باقي بدنه فيصح للغاسل أن يباشر بدون خرقة وهذا متفق عليه إلا أن الحنابلة يقولون : إنه يندب لف خرقة لغسل باقي البدن وفي قول صحيح للحنفية : إن لمس العورة المخففة من الميت غير محرم ولكن يطلب سترها وعدم لمسها ولا يحل للرجال تغسيل النساء وبالعكس إلا الزوجين فيحل لكل منهما أن يغسل الآخر إلا إذا كانت المرأة مطلقة ولو طلاقا رجعيا فإنه لا يحل لأحد الزوجين غسل الآخر حينئذ وهذا الحكم متفق عليه بين المالكية والشافعية أما الحنفية والحنابلة فانظر مذهبيهما تحت الخط




الحنفية قالوا : إذا ماتت المرأة فليس لزوجها أن يغسلها لانتهاء ملك النكاح فصار أجنبيا منها أما إن مات الزوج فلها أن تغسله لأنها في العدة فالزوجية باقية في حقها ولو كانت مطلقة رجعيا قبل الموت أما إن كانت بائنة فليس لها أن تغسله ولو كانت في العدة
الحنابلة قالوا : المرأة المطلقة رجعيا يجوز لها أن تغسل زوجها أما المطلقة طلاقا بائنا فلا



فإذا ماتت امرأة بين رجال ليس معهم امرأة غيرها أو زوج لها وتعذر إحضار امرأة تغسلها كأن ماتت في طريق سفر منقطع ففي ذلك تفصيل المذاهب فانظره تحت الخط




المالكية قالوا : إذا ماتت المرأة وليس معها زوجها ولا أحد من النساء فإن كان معها رجل محرم لها غسلها وجوبا ولف على يديه خرقة غليظة لئلا يباشر جسدها وينصب ستارة بينه وبينها ويمد يده من داخل الستارة مع غض بصره فإن لم يوجد معها إلا رجال أجانب وجب عليهم أن ييممها واحد منهم لكوعيها فقط : ولا يزيد في المسح إلى المرفقين وإذا مات رجل بين نساء فإن كان منهن زوجته غسلته ولا يغسله غيرها : وإن لم توجد زوجته فإن وجد من بينهن امرأة محرم له غسلته ويجب عليها أن لا تباشره إلا بخرقة تلفها على يدها ويجب عليها ستر عورته فقط فإن لم يوجد محرم له من النساء يممته واحدة من الأجنبيات ويكن التيمم لمرفقيه
الحنفية قالوا : إذا ماتت المرأة وليس معها نساء يغسلنها فإن كان معها رجل محرم يممها باليد إلى المرفق وإن كان معها أجنبي وضع خرقة على يده ويممها كذلك ولكنه يغض بصره عن ذراعيها والزوج كالأجنبي إلا أنه لا يكلف بغض البصر عن الذراعين ولا فرق في ذلك بين الشابة والعجوز وإذا مات الرجل بين نساء ليس معهن رجل ولا زوجة فإن كان معهن قاصرة لا تشتهي علمنها الغسل وغسلته وإن لم توجد قاصرة بينهن يممنه إلى مرفقيه مع غض بصرهن عن عورته فإذا غسل الميت مع مخالفة شيء مما ذكر صح غسله مع الإثم
الشافعية قالوا : إذا ماتت المرأة بين رجال ليس فيهم محرم ولا زوج يممها الأجنبي إلى مرفقيها مع غض البص عن العورة ومع عدم اللمس فإن وجد محرم وجب عليه تغسيلها إن لم يوجد زوجها وإلا قدم على المحرم وإذا مات الرجل بين نساء ليس بينهن زوجته ولا محرم يممته واحدة من الأجنبيات بحائل يمنع اللمس مع غض البصر عن العورة فإن كان بينهن زوجته غسلته وجوبا ولو بلا حائل فإن لم توجد الزوجة ولكن وجد بينهن امرأة محرم كبنته وأخته وأمه غسلته أيضا والزوجة مقدمة على المحرم
الحنابلة قالوا : إذا ماتت المرأة بين رجال ليس فيهم زوج يممها واحد من الأجانب بحائل وإذا مات الرجل بين نساء ليس فيهن يممته واحدة أجنبية بحائل ويحرم أن ييمم بغير حائل إلا إذا كان الميمم محرما من رجل أو امرأة فيجوز بلا حائل



فإن كان الميت صغيرا جاز للنساء تغسيله وإن كانت صغيرة جاز للرجال تغسلها وفي حد الصغير والصغيرة المذكورين التفصيل المتقدم في مبحث " ستر العورة " وفي تغسيل الخنثى المشكل تفصيل المذاهب فانظره تحت الخط




المالكية قالوا : إن أمكن وجود أمة للخنثى سواء كانت من ماله أو من بيت المال أو من مال المسلمين فإنها تغسله ولا يغسله أحد سواها
الحنفية قالوا : الخنثى المشكل المكلف أو المراهق لا يغسل رجلا ولا امرأة ولا يغسله رجل ولا امرأة وإنما ييمم وراء ثوب
الحنابلة قالوا : إذا مات الخنثى المشكل الذي له سبع سنين فأكثر وكانت له أمة غسلته وإلا ييمم بحائل يمنع المس والرجل أولى من المرأة بتيميمه
الشافعية قالوا : يجوز للرجل والمرأة الأجنبيين تغسيل الخنثى المشكل الكبير عند فقد محرمه مع وجوب غض البصر وعدم اللمس ويجب أن يقتصر في غسله على غسله واحدة تعم بدنه أما الخنثى الصغير فهو كباقي الصبيان



مندوبات غسل الميت وتكرار الغسلات إلى ثلاث

تندب في غسل الميت أشياء . أحدها : تكرار الغسلات إلى ثلاث . بحيث تعم كل غسلة منها جميع بدن الميت بالكيفية الآتي بيانها وإحدى الغسلات الثلاث التي تعم جميع البدن فرض والغسلتان اللتان بعدها مندوبتان باتفاق ثلاثة وخالف الحنفية فقالوا : إن الغسلتين . مسنونتين وقد يوافقهم على ذلك الشافعية والحنابلة إذ لا فرق عندهم بين المندوب والمسنون ومتى غسل الميت ثلاث غسلات عمت كل غسلة منها جميع بدنه ونظف بدنه بها فإنه يكره أن يزاد عليها كما يكره أن ينقص عنها ولو نظف بأقل من الثلا باتفاق أما إذا لم ينظف البد بالثلاث المذكورة المستوعبة لجميع البدن فإنه يندب أن يزاد عليها حتى ينظف البدن بدون عدد معين ولكن يندب أن تنتهي الزيادة إلى وتر فإن حصل تنظيف البدن بأربع زيد عليها خامسة وهكذا وهذا الحكم متفق عليه عند الشافعية والحنفية أما المالكية والحنابلة فانظر مذهبيهما تحت الخط




المالكية قالوا : إن احتاج إلى غسله أربع مرات . الأولى : منها تكون بالماء القراح والثلاثة التي بعدها بمنظف كالصابون ونحوه ثم يزيد غسله خامسة ليصير عدد الغسل وترا فإن لم ينظف جسده بذلك غسله ستا بمنظف ما عدا الأولى وزاد السابعة ليصير العدد وترا فإن لم ينظف إلا بثمانية اقتصر عليها ولا يزيد تاسعة وعلى كل حال فيجعل الطيب في الغسلة الأخيرة وتكون الغسلة بالماء القراح
الحنابلة قالوا : إن لم ينظف جسد الميت بثلاث غسلات وجبت الزيادة عليها إلى سبع فإن لم ينظف بالسبع كان الأولى أن يزاد عليها حتى ينقى ولكن يندب أن ينتهي إلى وتر



حكم خلط ماء الغسل بالطيب ونحوه

ثاني المندوبات : أن يجعل في ماء السغلة الأخيرة كافور ونحوه من الطيب إلا أن الكافرو أفضل أما غير الغسلة الأخيرة فيندب أن يكون بماء فيه ورق نبق ونحوه مما ينظف كالصابون وإنما يوضع الطيب في ماء غسل الميت إذا لم يكن متلبسا بالإحرام - للحج - أما المتلبس بالإحرام فإنه لا يوضع في ماء غسله طيب كما لو كان حيا وهذا متفق عليه عند الحنابلةن والشافعية أما المالكية والحنفية فانظر مذهبيهما تحت الخط




الحنفية و المالكية قالوا : يندب وضع الطيب ونحوه في ماء غسل الميت سواء كان متلبسا بالإحرام أو لا وذلك لأن الميت غير مكلف وينقطع إحرامه بالموت ولذا تغطي رأسه بخلاف ما لو كان متلبسا بالإحرام وهو حي إلا أن
المالكية قالوا : إنه يلزم أن تكون الغسلة الأولى بالماء القراح وذلك لأن مذهبهم أن طهورية الماء تسلبها الصابون ونحوه كما تقدم في مباحث " المياه "



تسخين ماء الغسل

ثالث المندوبات : أن يغسل بالماء البارد إلا لحاجة كشدة برد أو إزالة وسخ وهذا متفق عليه عند الشافعية والحنابلة أما المالكية فقالوا : لا فرق بين أن يكون الماء باردا أو ساخنا وأما الحنفية فقالوا : الماء الساخن أفضل على كل حال


تطييب رأس الميت ولحيته

رابعها : رأس الميت ولحيته بعد تمام الغسل بطيب بشرط أن لا يكون الطيب زعفران وأن يوضع الطيب على الأعضاء التي يسجد عليها وهي الجبهة والأنف واليدان والركبتان والقدمان وكذلك يوضع الطيب على عينيه وأذنيه وتحت إبطيه . والأفضل أن يكون الطيب كافورا وهذا كله إذا لم يكن متلبسا بالإحرام وغلا فلا يطيب وهذا الحكم متفق عليه إلا عند المالكية فإنهم قالوا : وضع الطيب على رأس الميت ولحيته ليس بمندون


إطلاق البخور عند الميت وتجريده من ثيابه عند الغسل

خامس المندوبات : إطلاق البخور عند الميت على تفصيل في المذاهب فانظره تحت الخط




المالكية قالوا : لا يندب إطلاق البخور
الحنفية قالوا : يندب إطلاق البخور في ثلاثة مواضع : أحدها : عند خروج روح الميت فمتى تيقن موته يوضع على مكان مرتفع - سرير أو دكة - وقبل وضعه على المكان المرتفع يبخر ذلك المكان ثلاث مرات أو خمسا بأن تدار المجمرة - المبخرة - حول السرير ثلاثا أو خمسا أو سبعا ولا يزاد على ذلك ثم يوضع الميت عليه ثانيها : عند غسله بأن تدار المجمرة حول - دكة - غسله بالكيفية المذكورة ثالثها : عند تكفينه بالصفة المتقدمة
الحنابلة قالوا : التبخير يكون في مكان الغسل إلى أن يفرغ منه
الشافعية قالوا : يندب أن يستمر البخور عند الميت من وقت خروج روحه إلى أن يصلى عليه



سادسها : أن يجرد الميت عند غسله من ثيابه ما عدا ساتر العورة باتفاق ثلاثة وخالف الشافعية فانظر مذهبهم تحت الخط




الشافعية قالوا : يندب تغسيل الميت في قميص رقيق لا يمنع وصول الماء فإن أمكن أن يدخل الغاسل يديه في كمه الواسع فذاك وإن لم يمكن شقه من الجانبين



هل يوضأ الميت قبل غسله ؟

يندب أن يوضأ كما يتوضأ الحي عند الغسل من الجنابة إلا المضمضة والاستنشاق فإنهما لا يفعلان في وضوء الميت لئلا يدخل الماء إلى جوفه فيسرع فساده ولوجود مشقة في ذلك ولكن يستحب أن يلف الغاسل خرقة على سبابته وإبهامه ويبلها بالماء ثم يمسح بها سنان الميت ولثته ومنخريه فيقوم ذلك مقام المضمضة والاستنشاق وهذا متفق عليه بين الحنفية والحنابلة أما المالكية والشافعية فانظر مذهبيهما تحت الخط




المالكية و الشافعية قالوا : يوضأ يمضمضة واستنشاق وأن تنظيف أسنانه ومنخريه بالخرقة مستحب ولا يغني عن المضمضة والاستنشاق



ما يندب أن يكون عليه الغاسل من الصفات

يندب أن يكون الغاسل ثقة كي يستوفي الغسل ويستر ما يراه من سوء ويظهر ما يراه من حسن فإن رأى ما يعجبه من تهلل وجه الميت وطيب رائحته ونحو ذلك فإنه يستحب له أن يتحدث به إلى الناس وإن رأى ما يكرهه من نتن رائحة أو تقطيب وجه أو نحو ذلك لم يجز له أن يتحدث به ويندب أن يجفف بدن الميت بعد الغسل حتى لا تبتل أكفانه


ما يكره فعله بالميت

يكره تسريح شعر رأسه ولحيته إلا عند الشافعية فإنهم قالوا : يسن تسريحهما إن تلبد الشعر وإلا فلا يسن ولا يكره وكذا يكره قص ظفره وشعره وشاربه وإزالة شعر إبطيه وشعر عانته بل المطلوب أن يدفن بجميع ما كان عليه فإن سقط منه شيء من ذلك رد إلى كفنه ليدفن معه وهذا متفق عليه بين الشافعية والحنفية أما الحنابلة والمالكية فانظر مذهبيهما تحت الخط




الحنابلة قالوا : يسن قص شارب غير المحرم وتقليم أظافره إن طالما وأخذ شعر إبطيه إلا أنها بعد نزعها توضع معه في كفنه أما حلق رأسه الميت فحرام لأنه إنما يكون لنسك أو زينة أما حلق عانته فهو حرام لا مكروه لما قد يترتب على ذلك من مس عورته أو نظرها
المالكية قالوا : ما يحرم فعله في الشعر مطلقا حال الحياة يحرم بعد الموت وذلك كحلق لحيته وشاربه وما يجوز حال الحياة يكره بعد الموت



إذا خرج من الميت نجاسة بعد غسله

إذا خرج من الميت بعد غسله نجاسة علقت ببدنه أو بكفنه فإنها تجب إزالتها ولا يعاد الغسل مرة أخرى باتفاق المالكية والشافعية أما الحنفية والحنابلة فانظر مذهبيهما تحت الخط




الحنفية قالوا : النجاسة الخارجة من الميت لا تضر سواء أصابت بدنة أو كفنه إلا أنها تغسل قبل التكفين تنظيفا لا شرطا في صحة الصلاة عليه أما بعد التكفين فإنها لا تغسل لأن في غسلها مشقة وحرج بخلاف النجاسة الطارئة عليه كأن كفن بنجس فإنها تمنع من صحة الصلاة عليه
الحنابلة قالوا : إذا خرج من الميت نجاسة بعد غسله وجبت إزالتها وإعادة غسله إلى سبع مرات . فإن خرج بعد السبع وجب غسل الخارج فقط ولا يعاد الغسل هذا إذا كان خروج النجاسة قبل وضعه في الكفن أما بعده فلا ينتقض الغسل ولا يعاد



كيفية غسل الميت

ذكرت كيفية غسل الميت مفصلة في المذاهب فانظرها تحت الخط




الحنفية قالوا : يوضع الميت على شيء مرتفع ساعة الغسل - كخشبة الغسل - ثم يبخر حال غسله ثلاثا أو خمسا أو سبعا بأن تدار المجمرة حول الخشبة ثلاث مرات أو خمسا أو سبعا كما تقدم ثم يجرد من ثيابه ما عدا ساتر العورة ويندب أن لا يكون معه أحد سوى الغاسل ومن يعينه ثم يلف الغاسل على يده خرقة يأخذ بها الماء ويغسل قبله ودبره - الاستنجاء - ثم يوضأ ويبدأ في وضوئه وجهه لأن البدء بغسل اليدين إنما هو للأحياء الذين يغسلون أنفسهم فيحتاجون إلى تنظيف أيديهم أما اللميت فإنه يغسله غيره ولأن المضمضة والاستنشاق لا يفعلان في غسل الميت ويقوم مقامهما تنظيف الأسنان والمنخرين بخرقة كما تقدم ثم يغسل رأسه ولحيته بمنظف كالصابون ونحوه إن كان عليهما شعر فإن لم يكن عليهما شعر لا يغسلان كذلك ثم يضجع الميت على يساره ليبدأ بغسل يمينه فيصب الماء على شقه الأيمن من رأسه إلى رجليه ثلاث مرات حتى يعم الماء الجانب الأسفل ولا يجوز كب الميت على وجهه لغسل ظهره بل يحرك من جانبه حتى يعمه الماء وهذه هي الغسلة غسلتان أخريان وذلك بأن يضجع ثانيا على يمينه ثم يصب الماء على شقه الأيسر ثلاثا بالكيفية المتقدمة ثم يجلسه الغاسل ويسنده إليه ويمسح بطنه برفق ويغتسل ما يخرج منه وهذه هي الغسلة الثانية ثم يضجع بعد ذلك على يساره ويصب الماء على يمينه بالكيفية المتقدمة وهذه هي الغسلة الثالثة وتكون الغسلتان الأوليان بماء ساخن مصحوب بمنظف كورق النبق والصابون أما الغسلة الثالثة فتكون بماء مصحوب بكافور ثم بعد ذلك يجفف الميت ويوضع عليه الطيب كما تقدم هذا ولا يشترط لصحة الغسل نية وكذلك لا تشترط النية لإسقاط فرض الكفاية على التحقيق إنما تشترط النية لتحصيل الثواب على القيام بفرض الكفاية
المالكية قالوا : إذا أريد تغسيل الميت وضع أولا على شيء مرتفع ثم يجرد من جميع ثيابه ما عدا ساتر العورة فإنه يجب إبقاؤه سواء كانت مغلظة أو مخففة ثم يغسل يدي الميت ثلاث مرات ثم يعصر بطنه برفق ليخرج ما عسى أن يكون فيها من الأذى فلا يخرج بعد الغسل ثم يلف الغاسل على يده اليسرى خرقة غليظة ويغسل بها مخرجيه حال صب الماء عليهما ثم يغسل ما على بدنه من أذى ثم يمضمضه وينشفه ويميل رأسه لجهة صدره برفق حال المضمضة والاستنشاق ثم يمسح أسنانه وداخل أنفه بخرقة ثم يكمل وضوءه ويكون هذا الوضوء ثلاث مرات في كل عضو ثم يفيض الماء على رأسه ثلاث مرات بلا نية فإن النية ليست مشروعة في غسل الميت ثم يغسل شقه الأيمن ظهرا وبطنا الخ ثم يغسل شقه الأيسر كذلك وقد تم بذلك غسله . وهذه هي الغسلة الأولى وتكون بماء قراح وبها يحصل الغسل المفروض ثم يندب أن يغسله غسلة ثانية وثالثة للتنظيف وتكون أولى هاتين الغسلتين بالصابون ونحوه فيدلك جسده بالصابون أولا ثم يصب عليه الماء أما الغسلة الثانية منهما فتكون بماء فيه طيب والكافور أفضل من غيره ولا يزاد على هذه الغسلات الثلاث متى حصل بها إنقاء جسده من الأوساخ فإن احتاج لغسلة رابعة غسله أربع مرات إلى آخر ما تقدم في " المندوبات " ثم ينشف جسده ندبا ثم يجعل الطيب في حواسه ومحل سجوده كالجبهة واليدين والرجلين وفي المحال الغائرة منه ثم يجعل في منافذه قطنا وعليه شيء من الطيب
الشافعية قالوا : إذا أريد غسل الميت وضع على شيء مرتفع ندبا وأن يكون غسله في خلوة لا يدخلها إلا الغاسل ومن يعينه وأن يكون في قميص رقيق لا يمنع وصول الماء فإن أمكن الغاسل أن يدخل يده في كمه الواسع اكتفى بذلك وإن لم يمكن شقه من الجانبين فإن لم يوجد قميص يغسل فيه وجب ستر عورته ويستحب تغطية وجهه من أول وضعه على المغتسل وأن يكون الغسل بماء بارد مالح إلا لحاجة كبرد أو وسخ فيسخن قليلا ثم يجلسه الغاسل على المرتفع برفق ويجعل يمينه على كتف الميت وإبهامه على نقرة قفاه ويسند ظهره بركبته اليمنى ويمسح بيساره بطنه ويكرر ذلك مع تحامل خفيف ليخرج ما في بطنه من الفضلات ويندب أن يكون عنده مجمرة - مبخرة - يفوح منها الطيب ويكثر من صب الماء كيلا تظهر الرائحة من الخارج ثم بعد ذلك يضجع الميت على ظهره ويلف الغاسل خرقة على يده اليسرى فيغسل بها سوأتيه وباقي عورته ثم يلقي الغاسل الخرقة ويغسل يد نفسه بماء وصابون إن تلوثت بشيء من الخارج ثم يلف خرقة أخرى على سبابته اليسرى وينظف بها أسنان الميت ومنخريه ولا يفتح أسنانه إلا إذا تنجس فمه فإنه يفتح أسنانه للتطهير ثم يوضئه كوضوء الحي بمضمضة واستنشاق ويجب على الغاسل أن ينوي الوضوء بأن يقول : نويت الوضوء عن هذا الميت على المعتمد أما نية الغسل فسنة كما تقدم ثم يغسل رأسه فلحيته سواء كان عليهما شعر أو لا بمنظف كورق نبق وصابون ويسرح شعر الرأس واللحية لغير المحرم إن كان متلبدا بمشط ذي اسنان واسعة ويكون تسريحهما برفق حتى لا يتساقط شيء من الشعر فإن سقط شيء رد إلى الميت في كفنه ثم يغسل شقه الأيمن من عنقه إلى قدمه من جهة وجهة ثم شقه الأيسر كذلك ثم يحركه إلى جنبه الأيسر فيغسل شقه الأيمن مما يلي قفاه وظهره إلى قدمه ثم يحركه إلى شقه الأيمن فيغسل شقه الأيسر كذلك مستعينا في كل غسلة بصابون ونحوه ويحرم كب الميت على وجهه احتراما له ثم يصب عليه ماء من رأسه إلى قدمه ليزيل ما عليه من الصابون ونحوه ثم يصل عليه ماء قراحا خالصا ويكون فيه شيء من الكافور بحيث لا يغير الماء هذا إذا كان الميت غير محرم كما تقدم وهذه الغسلات الثلاث تعد غسلة واحدة إذ لا يحسب منها سوى الأخيرة لتغير الماء بما قبلها من الغسلات فهي المسقطة للواجب ولذا تكون نية الغسل معها لا مع ما قبلها فإذا اقتصر على ذلك سقط فرض الكفاية ولكن يسن الغسل ثانية وثالثة بالكيفية السابقة فيكون عدد الغسلات تسعا ولكن التكرار يكون في غسل الرأس والوجه واللحية أما غسلهما يندب تكراره
الحنابلة قالوا : إذا شرع في غسل الميت وجب ستر عورته على ما تقدم ثم يجرد من ثيابه ندبا فلو غسل في قميص خفيف واسع الكمين جاز ويسن ستر الميت عن العيون وأن يكون تحت سقف أو خيمة ثم يرفع رأسه قليلا برفق في أول الغسل إلى قريب من جلوسه إن لم يشق ذلك ثم يعصر بطنه برفق ليخرج ما عساه أن يكون من أذى إلا إذا كانت امرأة حاملا فإن بطنها لا تعصر وعند عصر بطنه يكثر من صب الماء ليذهب ما خرج ولا تظهر رائحته وكذلك يكون في مكان الغسل بخور ليهذب بالرائحة ثم يضع الغاسل على يده خرقة خشنة فيغسل بها أحد فرجي الميت ثم يضع خرقة أخرى كذلك فيغسل بها الفرج الثاني ويستحب أن لا يمس سائر بدنه إلا بخرقة ثم بعد تجريده من ثيابه وستر عورته وغسل قبله ودبره بالكيفية الموضحة ينوي الغاسل غسله وهذه النية شرط في صحة الغسل فلو تركها الغاسل لم يصح ثم يقول الغاسل . بسم الله و لا يزيد على التسمية بذلك ولا ينقص ثم يغسل كفي الميت ويزيل ما على بدنه من نجاسة ثم يلف الغاسل خرقة خشنة على سبابته وإبهامه ويبلها بالماء ويمسح بها أسنان الميت ومنخريه وينظفهما بها وتنظيف أسنانه ومنخريه بالخرقة المذكورة مستحب ثم يسن أن يوضئه في أول الغسلات كوضوء المحدث ما عدا المضمضة والاستنشاق وهذا الوضوء سنة ثم يغسل رأسه ولحيته فقط برغوة ورق النبق ونحوه مما ينظف ويغسل باقي بدنه بورق النبق ونحوه ويكون ورق النبق ونحوه في كل غسلة منالغسلات ثم يغسل شقه الأيمن من رأسه إلى رجليه يبدأ بصفحة عنقه ثم يده اليمنى إلى الكتف ثم كتفه ثم
الشافعية قالوا : صدره الأيمن ثم فخذه وساقه إلى الرجل ثم يغسل شقه الأيسر كذلك ويقلبه الغاسل على جنبه مع غسل شقيه فيرفع جانبه الأيمن ويغسل ظهره ووركه وفخذه ولا يكبه على وجهه ويفعل بجانبه الأيسر كذلك ثم يصب الماء القراح على جميع بدنه وبذلك يتم الغسل مرة واحدة ويجزءى الاقتصار عليها ولكن السنة أن يكرر الغسل بهذه الكيفية ثلاث مرات كما تقدم وترا



التكفين

تكفين الميت فرض كفاية على المسلمين إذا ام به البعض سقط عن الباقين وأقله ما يستر جميع بدن الميت سواء كان ذكرا أو أنثى وما دون ذلك لا يسقط به فرض الكفاية عن المسلمين ويجب تكفين الميت من ماله الخاص الذي لم يتعلق به
الحنفية قالوا : الغير كالمرهون فإن لم يكن له مال خاص فكفنه على من تلزمه نفقته في حال حياته : ولو كانت زوجة تركت مالا فيجب على الزوج القادر تكفين زوجه




المالكية والحنابلة قالوا : لا يلزم الزوج بتكفين زوجه ولو كانت فقيرة



فإن لم يكن لمن تلزمه نفقته مال كفن من بيت المال إن كان للمسلمين بيت مال وأمكن الأخذ منه وإلا فعلى جماعة المسلمين القادرين ومثل الكفن في هذا التفصيل مؤن التجهيز كالحمل إلى المقبرة والدفن نحوه وفي أنواع الكفن وصفته تفصيل في المذاهب مذكورة تحت الخط




الشافعية قالوا : لا يجوز تكفين الميت إلا بما كان يجوز له لبسه حال حياته فلا يكفن الرجل ولا الخنثى بالحرير والمزعفر إن وجد غيرهما وإلا جاز للضرورة ويكره تكفينهما بالمعصفر أما الصبي والمجنون والمرأة فيجوز تكفينهم بالحرير والمعصفر والمزركش بالذهب أو الفضة مع الكراهة والأفضل أن يكون الكفن أبيض اللون قديما مغسولا فإن لم يوجد ذلك كفن بما يحل فإن لم يوجد إلا حرير وجلد وحشيش وحناء معجونة وطين قدم الحرير على الجلد والجلد على الحشيش والحشيش على الحناء المعجونة وهي مقدمة على الطين ويجب أن يكون الكفن طاهرا فلا يجوز تكفينه بالمتنجس مع القدرة على الطاهر ولو كان حريرا فإن لم يوجد طاهر صلي عليه عاريا ثم كفن بالمتنجس ودفن وتكره المغالاة في الكفن بأن يكون غالي القيمة كما يكره للحي أن يدخر لنفسه كفنا حال حياته إلا إذا كان ذلك الكفن من آثار الصالحين فيجوز ويحرم كتابة شيء من القرآن على الكفن ويكره أن يكون في الكفن شيء غير البياض كالعصفر ونحوه ثم الكفن ثلاثة من تركته ولم يكن عليه دين مستغرق للتركة ولم يوصي أن يكفن بثوب واحد وإلا كفن أثواب للذكر والأنثى يستر كل واحد منها جميع بدن الميت إلا رأس المحرم ووجه المحرمة وهذا إذا كفن بثوب واحد ساتر لجميع بدن غير المحرم ويجوز الزيادة على ذلك إن تبرع بها غيره أما من يكفن من بيت المال أو من المال الموقوف على أكفان الموتى فيحرم الزيادة فيه على ثوب واحد إلا إن شرط الواقف زيادة على ذلك فينفذ شرطه ويجوز أن يزاد على الثلاثة الأثواب المتقدمة في كفن الرجل قميص تحتها وعمامة على رأسه ولكن الأفصل والأكمل الاقتصار على الثلاثة فقط وإنما تجوز الزيادة ما لم يكن في الورثة قاصر أو محجور عليه وإلا حرمت الزيادة . أما الأنثى فالأكمل أن يكون كفنها خمسة أشياء : إزار فقميص فخمار فلفافتان وكيفيته أن يبسط أحسن اللفائف وأوسعها ويوضع عليه حنوط - نوع من الطيب - ونحوه كالكافور وتوضع الثانية فوقها ويوضع عليه الحنوط وكذا الثالثة إن كانت ثم يوضع الميت فوقها برفق مستلقيا على ظهره وتجعل يداه على صدره ويمناه على يسراه أو يرسلان في جنبيه ثم تشد أليتاه بخرقة بعد أن يدس بينهما قطن مندوف عليه حنوط حتى تصل الخرقة إلى حلقة الدبر من غير إدخال وينبغي أن تكون الخرقة مشقوقة الطرفين على هيئة - الحفاظ - وتلف عليه اللفائف واحدة واحدة بأن يثنى حرفها الذي يلي شقه الأيسر على الأيمن وبالعكس وينبغي جميع الباقي من الكفن عند رأسه ورجليه وتشد لفائف غير المحرم بأربطة خشية الانتشار عند مله وتحل الأربطة بعد وضعه في القبر تفاؤلا بحل الشدائد عنه ولا يطيب المحرم مطلقا في كفنه ولا في بدنه ولا في ماء غسله كما تقدم كما لا يجوز تكفينه بشيء يحرم عليه لبسه في حال إحرامه كالمخيط
الحنفية قالوا : أحب الأكفان أن تكون بالثياب البيض سواء كانت جديدة أو خلقة وكل ما يباح للرجال لبسه في حال الحياة يباح التكفين به بعد الوفاة وكل ما لا يباح في حال الحياة يكره التكفين فيه فيكره للرجال التكفين بالحرير والمعصفر والمزعفر ونحوها إلا إذا لم يوجد غيرها أما المرأة فيجوز تكفينها بذلك وينظر في كفن الرجل إلى مثل ثيابه لخروجه في العيدين وينظر في كفن المرأة إلى مثل ثيابها عند زيارة أبويها والكفن ثلاثة أنواع : كفن السنة وكفن الكفاية وكفن الضرورة وكل منها إما أن يكون للرجل أو للمرأة فكف السنة للرجال والنساء قميص وإزار ولفافة والقميص من اصل العنق إلى القدم والإزار من قرن الرأس إلى القدم ومثله اللفافة ويزاد للمرأة على ذلك خمار يستر وجهها وخرقة تربط ثدييها ولا تعمل للقميص أكمام ولا فتحات في ذيله وتزاد اللفافة عند رأسه وقدمه كي يمكن ربط أعلاها وأسفلها فلا يظهر من الميت شيء ويجوز ربط أوسطها بشريط من قماش الكفن إذا خيف انفراجها وأما كفن الكفاية فهو الاقتصار على الإزار أو اللفافة أو مع الخمار وخرقة الثديين للنساء مع ترك القميص فيهما فيكفي هذا بدون كراهة وأما كفن الضرورة فهو ما يوجد حال الضرورة ولو بقدر ما يستر العورة وإن لم يوجد شيء يغسل ويجعل عليه الإذخر إن وجد ويصلى على قبره وإذا كان للمرأة ضفائر وضعت على صدرها بين القميص وإزار ويندب تبخير الكفن كما تقدم هذا وإذا كان مال الميت قليلا وورثته كثيرون أو كان مدينا يقتصر على كفن الكفاية وكيفية التكفين أن تبسط اللفافة ثم يبسط عليها إزار ثم يوضع الميت على الإزار ويقمص ثم يطوى الإزار عليه من قبل اليسار ثم من قبل اليمين وأما المرأة فتبسط لها اللفافة والإزار ثم توضع على الإزار وتلبس الدرع ويجعل شعرها ضفيرتين على صدرها فوق الدرع ثم يجعل الخمار فوق ذلك ثم يطوي الإزار واللفافة ثم الخرقة بعد ذلك تربط فوق الأكفان وفوق القدمين
المالكية قالوا : يندب زيادة الكفن على ثوب واحد بالنسبة للرجل والمرأة والأفضل أن يكفن الرجل في خمسة أشياء : قميص له أكمام وإزار وعمامة لها " عذبة " قدر ذراع تطرح على وجهه ولفافتان وأن تكفن المرأة في سبعة أشياء : إزار وقميص وخمار وأربع لفائف ولا يزاد على ما ذكر للرجل ولا للمرأة إلا - الحفاظ وهو خرقة تجعل فوق القطن المجعول بين الفخذين مخافة ما يخرج من أحد السبيلين ويندب أن يكون الكفن أبيض ويجوز التكفين بالمصبوغ بالزعفران أو الورس - نبت أصفر باليمن - ويكره المعصفر والأخضر وكل ما ليس بأبيض غير المصبوغ بالزعفران والورس ويكره أيضا بالحرير والخز والنجس ومحل الكراهة في ذلك كله إن وجد غيره وإلا فلا كراهة ويجب تكفين الميت فيما كان يلبسه لصلاة الجمعة ولو كان قديما وإذا تنازع الورثه فطلب بعضهم تكفينه فيما كان يلبسه في الجمعة وطلب البعض الآخر تكفينه في غيره قضي للفريق الأول ويندب تبخير الكفن وأن يوضع الطيب داخل كل لفافة وعلى قطن يجعل بمنافذه كأنفه وقمه وعينيه وأذنيه ومخرجه والأفضل من الطيب الكافور كما تقدم ويندب ضفر شعر المرأة وإلقاءه من خلفها
الحنابلة قالوا : الكفن نوعان : واجب ومسنون فالواجب ثوب يستر جميع بدن الميت مطلقا ذكرا كان أو غيره ويجب أن يكون الثوب مما يلبس في الجمع والأعياء إلا إذا أوصى بأن يكفن بأقل من ذلك فتنفذ وصيته ويكره تكفينه فيما هو أعلى من ملبوس مثله في الجمع والأعياد ولو أوصى بذلك وأما المسنون فمختلف باختلاف الميت فإن كان رجلا سن تكفينه في ثلاث لفائف بيض من قطن ويكره الزيادة عليها كما يكره أن يجعل له عمامة وكيفتيه أن تبسط اللفائف على بعضها ثم تبخر بعود ونحوه ويوضع الميت عليها ويسن أن تكون اللفافة الظاهرة أحسن الثلاث وأن يجعل الحنوط - وهو أخلاط من اطيب - فيما بينها ثم يجعل قطن محنط بين أليتيه وتشد فوقه خرقة مشقوقة الطرف كالسراويل ويحسن تطيب الميت كله ثم يرد طرف اللفافة العليا الأيمن على
الشافعية قالوا : الميت الأيسر وطرفها الأيسر على شقه الأيمن ثم يفعل باللفافة الثانية والثالثة كذلك ويجعل أكثر الزائد من اللفائف عند رأسه ثم تربط هذه اللفائف عليه ثم تحل إذا وضع في القبر أما الأنثى والخنثى البالغان فيكفنان في خمسة أثواب بيض من قطن وهي : إزار وخمار وقميص ولفافتان والكيفية في اللفافتين كما تقدم والخمار يجعل على الرأس والإزار في الوسط والقميص يلبس لها ويسن أن يكفن الصبي في ثوب واحد وأن تكفن الصبية في قميص ولفافتين ويكره التكفين بالشعر والصوف والمزعفر والمعصفر والرقيق الذي يحدد الأعضاء أما الرقيق الذي يشق عما تحته فلا يكفي ويحرم التكفين بالجلد والحرير ولو لامرأة وكذا بالمذهب والمفضض ويجوز التكفين بالحرير والمذهب والمفضض إن لم يوجد غيرها



مباحث صلات الجنازة


حكمها

هي فرض كفاية على الأحياء فإذا قام بها البعض ولو واحدا سقطت عن الباقين فلا يكلفون بها ولكن ينفرد بثوابها من قام بها منهم

صفة صلاة الجنازة

نريد أن نبين هنا كيفية صلاة الجنازة في كل مذهب من المذاهب بطريق الإجمال ثم نذكر ما هو ركن وما هو شرط وما هو سنة أو مندوب فانظر كيفيتها في كل مذهب تحت الخط




الحنفية قالوا : صفتها أن يقوم المصلي بحذاء صدر الميت ثم ينوي أداء فريضة صلاة الجنازة عبادة لله تعالى ثم يكبر للإحرام مع رفع يديه حين التكبير ثم يقرأ الثناء ثم يكبر تكبيرة أخرى بدون أن يرفع يديه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه و سلم ثم يكبر ثالثة بدون رفع يديه أيضا ثم يدعو للميت ولجميع المسلمين والأحسن أن يكون بالدعاء السابق ثم يكبر رابعة بدون رفع يديه أيضا ثم يسلم تسليمتين : إحداهما عن يمينه وينوي بها السلام على من على يمينه ثانيتهما : على يساره وينوي بها السلام على من على يساره ولا ينوي السلام على الميت في التسليمتين ويسر في الكل إلا في التكبير
المالكية قالوا : صفتها أن يقوم المصلي عند وسط الميت إن كان رجلا وعند منكبيه إن كان امرأة ثم ينوي الصلاة على من حضر من أموات المسلمين ثم يكبر تكبيرة الإحرام مع رفع يديه عندها كما في الصلاة ثم يدعو كما تقدم . ثم يكبر تكبيرة ثانية بدون رفع يديه ثم يدعو أيضا ثم يكبر ثالثة بدون رفع يديه ثم يدعو ثم يكبر رابعة بدون رفع ثم يدعو ثم يسلم تسليمة واحدة على يمينه يقصد بها الخروج من الصلاة كما تقدم في الصلاة ولا يسلم غيرها ولو كان مأموما ويندب الإسرار بكل أقوالها إلا الإمام فيجهر بالتسليم والتكبير ليسمع المأمومون كما تقدم ويلاحظ في كل دعاء أن يكون مبدوءا بحمد الله تعالى وصلاة على نبيه عليه السلام
الشافعية قالوا : كيفيتها أن يقف الإمام أو المنفرد عند رأسه إن كان ذكرا وعند عجزه إن كان أنثى أو خنثى ثم ينوي بقلبه قائلا بلسانه : نويت أن أصلي أربع تكبيرات على من حضر من أموات المسلمين فرض كفاية لله تعالى ثم يكبر تكبيرة الإحرام وإن كان مقتديا ينوي الاقتداء ثم يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بدون دعاء الافتتاح ثم يقرأ الفاتحة ولا يقرأ سورة بعدها ثم يكبر التكبيرة الثانية ثم يقول : اللهم صلي ع لى سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما رابكت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد ثم يكبر التكبيرة الثالثة ويدعو بعدها للميت بأي دعاء آخروي والأفضل أن يكون بالدعاء المتقدم ثم يكبر التكبيرة الرابعة ويقول بعدها : اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده ثم يقرأ قوله تعالى : { الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم } الآية ثم يسلم التسليمة الأولى ينوي بها من على يمينه ثم يسلم الثانية ناويا بها من على يساره ويرفع يديه عند كل تكبيرة ويضعهما تحت صدره كما في الصلاة
الحنابلة قالوا : صفتها أن يقف المصلي عند صدر الذكر ووسط الأنثى ثم ينوي الصلاة على من حضر من أموات المسلمين أو على هذا الميت ونحو ذلك . ثم يكبر للإحرام مع رفع يديه كما في الصلاة ثم يتعوذ ثم يبسمل ثم يقرأ الفاتحة ولا يزيد عليها ثم يكبر تكبيرة ثانية رافعا يديه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه و سلم كما في التشهد الأخير ثم يكبر تكبيرة ثالثة مع رفع يديه ثم يدعو للميت كما تقدم ثم يكبر رابعة مع رفع يديه أيضا ولا يقول بعدها شيئا ويصبر قليلا ساكتا ثم يسلم تسليمة واحدة ولا بأس بتسليمة ثانية



أركان صلاة الجنازة

لصلاة الجنازة أركان لا تتحقق إلا بها بحيث لو نقص منها ركن بطلت ولزمت إعادتها وأول هذه الأركان النية وهي ركن عند المالكية والشافعية أما الحنفية والحنابلة فقالوا : إنها شرط لا ركن وعلى كل حال فلا بد منها في صلاة الجنازة كغيرها من الصلوات أما صفة النية المذكورة ففيها تفصيل في المذاهب ذكرناه تحت الخط




الحنفية قالوا : يكفي أن ينوي في نفسه صلاة الجنازة وبعضهم يقول : لا بد من أن ينوي الصلاة على رجل أو أنثى أو صبي أو صبية ومن لم يعرف يقول : نويت أن أصلي الصلاة على الميت الذي يصلي عليه الإمام وذلك لأن الميت سبب للصلاة ولا بد من تعيين السبب وهذا هو الظاهر الأحوط وبعضهم يقول : إنه لا بد مع هذا أن ينوي الدعاء على الميت أيضا
المالكية قالوا : يكفي أن يقصد الصلاة على هذا الميت ولا يضر عدم معرفة كونه ذكرا أو أنثى لو اعتقد أنها ذكر فبانت أنثى وبالعكس فإنه لا يضر ولا يلزمه أن ينوي الفرضية كما هو رأي الحنفية
الشافعية قالوا : لا بد فيها من أن يقصد صلاة الجنازة . ويقصد أداء فرض صلاتها وإن لم يصرح بفرض الكفاية ولا يشترط تعيين الميت الحاضر فإن عينه وظهر غيره لم تصح
الحنفية قالوا : صفة النية ههنا ذا هي أن ينوي الصلاة على هذا الميت أو هؤلاء الموتى إن كانوا جماعة سواء عرف عددهم أو لا



ثانيها : التكبيرات وهي أربع بتكبيرة الإحرام وكل تكبيرة منها بمنزلة ركعة وهي ركن باتفاق ثالثها : القيام فيها إلى أن تتم فلو صلاها قاعدا بغير عذر لم تصح باتفاق رابعها : الدعاء للميت وفي محله وصفته تفصيل المذاهب فانظره تحت الخط




المالكية قالوا : يجب الدعاء عقب كل تكبيرة حتى الرابعة على المعتمد وأقله أن يقول : اللهم اغفر له ونحو ذلك وأحسنه أن يدعو بدعاء أبي هريرة رضي الله عنه وهو أن يقول بعد حمد الله تعالى والصلاة على نبيه صلى الله عليه و سلم : اللهم إنه عبدك وابن عبدك وابن أمتك كان يشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك وأنت أعلم به اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته اللهم لا تحرمنا أجره ولا تقتنا بعده ويقول في المرأة : اللهم إنها أمتك وبنت عبدك وبنت أمتك ويستمر في الدعاء المتقدم بصيغة التأنيث ويقول في الطفل الذكر : اللهم إنه عبدك وابن عبدك أنت خلقته ورزقته وأنت أمته وأنت تحييه اللهم اجعله لوالديه سلفا وذخرا وفرطا وأجرا وثقل به موازينهما وأعظم به أجورهما ولا تفتنا وإياهما بعده اللهم ألحقه بصالح سلف المؤمنين في كفالة إبراهيم وأبدله دارا خيرا من داره وأهله خيرا من أهله وعافه من فتنة القبر وعذاب جهنم فإن كان يصلي على ذكر وأنثى معا يغلب الذكر على الأنثى فيقول : إنهما عبداك وابنا عبديك وابنا أمتيك الخ . وكذا إذا كان يصلي على جماعة من رجال ونساء فإنه يغلب الذكور على الإناث فيقول : اللهم إنهم عبيدك وابناء عبيدك . الخ . فإن كن نسار يقول : اللهم إنهن إماؤك وبنا عبيدك وبنا إمائك كن يشهدن الخ وزاد على الدعاء المذكور في
الحنفية قالوا : كل ميت بعد التكبيرة الرابعة : اللهم اغفر لأسلافنا وأفراطنا ومن سبقنا بالإيمان اللهم من أحييته منا فأحيه على الإيمان ومن توفيته منا فتوفه على الإسلام واغفر للمسليمن والمسلمات ثم يسلم الحنفية قالوا : الدعاء يكون بعد التكبيرة الثالثة ولا يجب الدعاء بصيغة خاصة بل المطلوب الدعاء بأمور الآخرة والأحسن أن يدعو بالمأثور في حديث عوف بن مالك وهو : اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله وغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار . هذا إذا كان الميت رجلا فإن كان أنثى يبدل ضمير المذكر بضمير الأنثى ولا يقول : وزوجا خيرا من زوجها وإن كان طفلا يقول : اللهم اجعله لنا فرطا اللهم اجعله لنا ذخرا وأجرا اللهم اجعله لنا شافعا ومشفعا فإن كان لا يحسن المصلي هذا الدعاء دعا بما شاء
الشافعية قالوا : يشترط في الدعاء أن يكون بعد التكبيرة الثالثة طلب الخير للميت الحاضر فلو دعا للمؤمنين بغير دعاء له بخصوصه لا يكفي إلا إذا كان صبيا فإنه يكفي كما يكفي الدعاء لوالديه وأن يكون المطلوب به أمرا أخرويا . كطلب المغفرة والرحمة ولو كان الميت غير مكلف كالصبي والمجنون الذي بلغ مجنونا واستمر كذلك إلى الموت ولا يتقيد المصلي في الدعاء بصيغة خاصة ولكن الأفضل أن يدعو بالدعاء المشهور عند الأمن من تغير رائحة الميت . فإن خيف ذلك وجب الاقتصار على الأقل والدعاء المشهور هو : اللهم هذا عبدك وابن عبدك خرج من روح الدنيا وسعتها ومحبوبه وأحبائه فيها إلى ظلمة القبر وما هو لاقيه كان يشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن سيدنا محمدا صلى الله عليه و سلم عبدك ورسولك وأنت أعلم به منا اللهم إنه نزل بك وأنت خير منزول به وأصبح فقيرا إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه وقد جئناك راغبين إليك شفعاء له اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عنه ولقه برحمتك رضاك وقه فتنة القبر وعذابه وأفسح له في قبره وجافي الأرض عن جنبيه ولقه برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه آمنا إلى جنتك برحمتك يا ارحم الراحمين ويستحب أن يقول قبله : اللهم اغغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان اللهم لا تحرمنا أجره . ويندب أن يقول قبل الدعاءين المذكورين : اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه وأعذه من عذاب القبر وفتنته ومن عذاب النار وينبغي أن يلاحظ قارئ الدعاء التذكير والتأنيث والتثنية والجمع بما يناسب حال الميت الذي يصلي عليه وله أن يذكر مطلقا بقصد الشخص وأن يؤنث مطلقا بقصد الجنازة ويصح أن يقول في الدعاء على الصغير بدل الدعاء المذكور : اللهم اجعله فرطا لأبويه وسلفا وذخرا وعظة واعتبارا وشفيعا وثقل به موازينهما وأفرغ الصبر على قلوبهما ولا تفتهما بعده ولا تحرمهما أجره هذا ويسن أن يرفع يديه عند كل تكبيرة
الحنابلة قالوا : محل الدعاء بعد التكبيرة الثالثة ويجوز عقب الرابعة ولا يصح عقب سواهما وأقل الواجب بالنسبة للكبير : اللهم اغفر له ونحوه وبالنسبة للصغير : اللهم اغفر لوالديه بسببه ونحو ذلك والمسنون الدعاء بما ورد ومنه اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا إنك نعلم متقلبنا ومثوانا وأنت على كل شيء قدير اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام والسنة ومن توفيته منا فتوفه عليهما اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وزوجا خيرا من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار وأفسح له قبره ونور له فيه وهذا الدعاء للميت الكبير ذكرا كان أو أنثى إلا أنه يؤنث الضمائر في الأنثى وإن كان الميت صغيرا أو بلغ مجنونا واستمر على جنونه حتى مات قال في الدعاء : اللهم اجعله دخرا لوالديه وفرطا وأجرا وشفيعا مجابا اللهم ثقل به موزاينهما وأعظم به أجورهما وألحقه بصالح سلف المؤمنين واجعله في كفالة إبراهيم وقه برحمتك عذاب الجحيم يقال ذلك في الذكر والأنثى إلا أنه يؤنث في المؤنث



خامسها : السلام بعد التكبيرة الرابعة وهو ركن عند ثلاثة وقال الحنفية : إنه واجب كالسلام في باقي الصلوات فلا تبطل الصلاة بتركه ومنها الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم بعد التكبيرة الثانية وهي ركن عند الشافعية والحنابلة : أما الحنفيةن والمالكية فانظر مذهبيهما تحت الخط




الحنفية قالوا : الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم بعد التكبيرة الثانية مسنونة وليست ركنا
المالكية قالوا : الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم مندوبة عقب كل تكبيرة قبل الشروع في الدعاء



وأما قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة ففيها اختلاف في المذاهب فانظره تحت الخط




الحنفية قالوا : قراءة الفاتحة بنية التلاوة في صلاة الجنازة مكروهة تحريما أما بنية الدعاء فجائزة
الشافعية قالوا : قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة ركن من أركانها والأفضل قراءتها بعد التكبيرة الأولى وله قراءتها بعد أي تكبيرة ومتى شرع فيها بعد أي تكبيرة وجب إتمامها ولا يجوز قطعها ولا تأخيرها إلى ما بعدها فإن فعل ذلك بطلت صلاته ولا فرق بين المسبوق وغيره
الحنابلة قالوا : قراءة الفاتحة فيها ركن ويجب أن تكون بعد التكبيرة الأولى
المالكية قالوا : قراءة الفاتحة فيها مكروهة تنزيها



شروط صلاة الجنازة


وأما شروطها : فمنها أن يكون الميت مسلما فتحرم الصلاة على الكافر لقوله تعالى : { ولا تصل على أحد منهم مات أبدا } ومنها أن يكون الميت حاضرا فلا تجوز الصلاة على الغائب أما صلاة النبي صلى الله عليه و سلم على النجاشي فهي خصوصية له باتفاق الحنفية والمالكية وخالف الشافعية والحنابلة فانظر مذهبيهما تحت الخط




الحنابلة قالوا : تجوز الصلاة على الغائب إن كان بعد موته بشهر فأقل
الشافعية قالوا : تصح الصلاة على الغائب عن البلد من غير كراهة



ومنها تطهير الميت فلا تجوز الصلاة عليه قبل الغسل أو التيمم باتفاق المذاهب ومنها أن يكون الميت مقدما أمام القوم فلا تصح الصلاة عليه إذا كان موضوعا خلفهم باتفاق وخالف المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط




المالكية قالوا : الواجب حضور الميت وأما وضعه أمام المصلي بحيث يكون عند منكبي لمرأة ووسط الرجل فمندوب



ومنها أن لا يكون الميت محمولا على دابة أو على أيدي الناس أو أعناقهم وقت الصلاة عند الحنفية والحنابلة وخالف الشافعية والمالكية فانظره تحت الخط




الشافعية و المالكية قالوا : تجوز الصلاة على الميت المحمول على دابة أو أيدي الناس أو أعناقهم



ومنها أن لا يكون شهيدا وسيأتي بيانه في مبحث خاص فتحرم الصلاة عليه لحرمة غسله باتفاق ثلاثة وقال الحنفية : إن الشهيد لا يغسل ولكن تجب الصلاة عليه ومنها أن يكون الحاضر من بدن الميت الجزء الذي يلزم تغسيله على ما تقدم في الغسل . وتجب الصلاة على السقط إذا كان غسله واجبا على ما تقدم تفصيله في المذاهب وأما شروطها المتعلقة بالمصلي فهي شروط الصلاة من النية والطهارة واستقبال القبلة وستر العورة ونحو ذلك


سنن صلاة الجنازة : كيف يقف الإمام للصلاة على الميت

لصلاة الجنائز سنن مفصلة في المذاهب مذكورة تحت الخط




الحنفية قالوا : يسن الثناء بعد التكبيرة الأولى وهو : سبحانك اللهم وبحمدك إلى آخر ما تقدم في " سنن الصلاة " والصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم بعد التكبيرة الثانية والدعاء على القول بأنه ليس ركنا ويندب أن يقوم الإمام بحذاء صدر الميت سواء كان ذكرا أو أنثى كبيرا أو صغيرا . ويندب أيضا أن تكون صفوف المصلين عليه ثلاثة لقوله صلى الله عليه و سلم : " من صلى عليه ثلاثة صفوف غفر له " فلو كان عدد المصلين سبعة قدم واحد ثم ثلاثة ثم اثنان ثم واحد
المالكية قالوا : ليس لصلاة الجنازة سنن بل لها مستحبات وهي الإسرار بها ورفع اليدين عند التكبيرة الأولى فقط حتى يكونا حذو أذنيه كما في الإحرام لغيرها من الصلوات وابتداء الدعاء بحمد الله تعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم كما تقدم ووقوف الإمام والمنفرد على وسط الرجل وعند منكبي المرأة ويكون رأس الميت عن يمينه رجلا كان أو امرأة إلا في الروضة الشريفة فإنه يكون عن يساره ليكون جهة القبر الشريف وأما المأموم فيقف خلف الإمام كما يقف في غيرها من الصلاة وقد تقدم في صلاة الجماعة وجهر الإمام بالسلام والتكبير بحيث يسمع من خلفه وأما غيره فيسر فيها
الحنابلة قالوا : سننها فعلها في جماعة وأن لا ينقص عدد كل صف عن ثلاثة إن كثر المصلون وإن كانوا ستة جعلهما الإمام صفين وإن كانوا أربعة جعل كل اثنين صفا ولا تصح صلاة من صلى خلف الصف كغيرها من الصلاة وأن يقف الإمام والمنفرد عند صدر الذكر ووسط الأنثى وأن يسر بالقراءة والدعاء فيها
الشافعية قالوا : سننها التعوذ قبل الفاتحة والتأمين بها والإسرار بكل الأقوال التي فيها ولو فعلت ليلا إلا إذا احتيج لجهر الإمام أو المبلغ بالتكبير والسلام فيجهران بهما وفعلها في جماعة وأن يكون ثلاثة صفوف إذا أمكن وأقل الصف اثنان ولو بالإمام ولا تكره مساواة المأموم للإمام في الوقوف حينئذ وأكمل الصلاة على النبي عليه السلام وقد تقدم في سنن الصلاة والصلاة على الآل دون السلام عليهم وعلى النبي عليه السلام والتحميد قبل الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم والدعاء للمؤمنين والمؤمنات بعد الصلاة على النبي والدعاء المأثور في صلاة الجنازة والتسليمة الثانية وأن يقول بعد التكبيرة الرابعة قبل السلام : اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده ثم يقرأ الآية { الذين يحملون العرض ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به } الآية . وأن يقف الإمام أو المنفرد عند رأس الذكر وعند عجز الأنثى أو الخنثى وأن يرفع يديه عند كل تكبيرة ثم يضعهما تحت صدره وأن لا ترفع الجنازة حتى يتم المسبوق صلاته وأن تكرر الصلاة عليه من أشخاص متغايرين أما إعادتها ممن أقاموها أولا فمكروهة ومن السنن ترك دعاء الافتتاح وترك السورة ويكره أن يصلي عليه قبل أن يكفن



مبحث الأحق بالصلاة على الميت

في الأحق بالصلاة على الميت اختلاف في المذاهب مذكورة تحت الخط




الحنفية قالوا : يقدم في الصلاة عليه السلطان إن حضر ثم نائبه وهو أمير المصر ثم القاضي ثم صاحب الشرطة ثم إمامه الحي إذا كان أفضل من ولي الميت ثم ولي الميت على ترتيب العصبة في النكاح فيقدم الابن ثم ابن الابن وإن سفل ثم الأب ثم الجد وإن علا ثم الأخ الشقيق ثم الأخ الأب ثم ابن الأخ الشقيق وهكذا الأقرب فالأقرب كما هو مفصل في " باب النكاح " فإن لم يكن له ولي قدم الزوج ثم الجيران وإذا أوصى لأحد بأن يصلي عليه أو بأن يغسله فهي وصية باطلة لا تنفذ ولمن له الحنفية قالوا : التقدم أن يأذن غيره في الصلاة
الحنابلة قالوا : الأولى بالصلاة عليه إماما : الوصي العدل فإذا أوصى بأن يصلي عليه شخص عدل قدم على غيره ثم السلطان ثم نائبه ثم أب الميت وإن علا ثم ابنه وإن نزل . ثم الأقرب فالأقرب على ترتيب الميراث ثم ذوو الأرحام ثم الزوج فإن تساوى الأولياء في القرب كإخوة أو أعمام قدم الأفضل منهم على ترتيب الإمامة وقدم تقدم في صلاة الجماعة فإن تساووا في جميع جهات التقديم أقرع بينهم عند التنازع وإذا أناب الولي عنه واحدا كان بمنزلته فيقدم على من يليه في الرتبة بخلاف نائب الوصي فلا يكون بمنزلته
الشافعية قالوا : الأولى بإمامتها أب الميت وإن علا ثم ابنه وإن سفل ثم الأخ الشقيق ثم الأخ لأب ثم ابن الأخ الشقيق ثم ابن الأخ لأب وهكذا على ترتيب الميراث . فإن لم يكن قريب قدم معتق الميت ثم عصبته الأقرب فالأقرب ثم الإمام الأعظم أو نائبه ثم ذوو الأرحام الأقرب فالأقرب ويقدم الأسن في الإسلام العدل عند التساوي في درجة كابنين ثم الأفقه والأقرأ والأورع وإذا أوصى بالصلاة عليه لغير من يستحق التقدم ممن ذكر فلا تنفذ وصيته
المالكية قالوا : الأحق بالصلاة على الميت من أوصى الميت بأن يصلي عليه إذا كان الإيصاء لرجاء بركة الموصى له وإلا فلا ثم الخليفة وهو الإمام الأعظم وأما نئبه فلا الحنفية قالوا : له في التقدم إلا إذا كان نائبا عنه في الحكم والخطبة ثم أقرب العصبة فيقدم الابن ثم ابنه ثم الأخ ثم ابن الأخ ثم الجد ثم العم ثم ابن العم وهكذا فإن تعددت العصبة المتساوون في القرب من الميت تقدم الأفضل منهم لزيادة فقه أو حديث ونحو ذلك ولا الحنفية قالوا : لخروج غير عصبة الميت في التقدم بخلاف السيد فله الحق ويكون بعد العصبة فإن لم يوجد عصبة ولا سيد فالأجانب سواء إلا أنه الأفضل منهم كما في صلاة الجماعة وقد تقدم



إذا زاد الإمام في التكبير على أربع أو نقص

أولا : إذا زاد الإمام في التكبير على أربع أو نقص عنها ففي متابعة المأمومين إياه صحة الصلاة تفصيل في المذاهب فانظره تحت الخط




الحنفية قالوا : إذا زاد الإمام عن أربع فالمقتدي لا يتابعه في الزيادة بل ينتظر حتى يسلم معه وصحت صلاة الجميع أما إذا نقص عنها فتبطل صلاة الجميع إن كان النقص عمدا فإن كان سهوا فالحكم كحم نقص ركعة في الصلاة إلا أنه لا سجود للسهو في صلاة الجنازة . وقد تقدم حكم نقصان ركعة في الصلاة
الشافعية قالوا : لو زاد عن الأربع فلا يتابعه المأموم بل ينوي المفارقة بقلبه ويسلم قبله أو ينتظره ليسلم معه والأفضل الانتظار وتصح صلاة الكل إلا إذا والى الإمام رفع يديه في التكبيرات الزائدة ثلاث مرات فإن الصلاة تبطل عليه وعلى المأمومين إن انتظروه وإن نقص عنها بطلت عليه وعلى المأمومين إن كان النقص عمدا فإن كان سهوا تداركه كالصلاة ولا سجود للسهو هنا
المالكية قالوا : إذا زاد الإمام عن الأربع عمدا أو سهوا كره للمأمومين أن ينتظروه بل يسلمون دونه وصحت صلاته وصلاتهم وإن نقص عنها عمدا وهو يرى ذلك مذهبا له فلا يتبعه المأمومون في النقص بل يكملون التكبير أربعا وصحت صلاة الجميع وأما إذا نقص عمدا وهو لا يرى ذلك مذهبا فإن صلاته تبطل صلاة المأمومين تبعا لبطلان صلاته فإن نقص سهوا سبح له المأمومون فإن رجع عن قرب وكمل التكبير كملوه معه وصحت صلاة الجميع وإن لم يرجع ولم يتنبه إلا بعد زمن طويل كما تقدم في الصلاة كملواهم وصحت صلاتهم وبطلت صلاته
الحنابلة قالوا : إذا زاد الإمام عن أربع تكبيرات تابعه المأمومون في الزيادة إلى سبع تكبيرات فإن زاد عن السبع نبهوه ولا يجوز لهم أن يسلموا قبله وتصح صلاة الجميع وإن نقص عنها فإن كان عمدا بطلت صلاة الجميع وإن كان سهوا فلا يسلم المأمومون بل ينبهونه فإن أتى بما تركه عن قرب صحت صلاة الجميع وإن طال الفصل أو وجد من الإمام مناف للصلاة بطلت صلاة الإمام وتبطل صلاة المأمومين إن لم ينووا المفارقة وإلا صحت



إذا فات المصلي تكبيرة أو أكثر مع الإمام

إذا جاء المأموم إلى الصلاة الجنازة فوجد الإمام قد كبر قبله تكبيرة أو أكثر من تكبيرة ففي حكمه تفصيل في المذاهب مذكور تحت الخط




الحنفية قالوا : إذا جاء المأموم فوجد الإمام قد فرغ من التكبيرة الأولى واشتغل بالثناء أو الثانية واشتغل بالصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم أو الثالثة واشتغل بالدعاء فلا يكبر في الحال بل ينتظر إمامه ليكبر معه فإن لم ينتظره وكبر فلا تفسد صلاته ولكن لا تحتسب هذه التكبيرة ثم بعد سلام الإمام يأتي المسبوق بالتكبيرات التي فاتته إن لم ترفع الجنازة فورا فإن رفعت فورا سلم ولا يقضي ما فاته من التكبيرات فلو جاء بعد أن كبر الإمام التكبيرة الرابعة وقبل أن يسلم فالصحيح أن يدخل معه ثم يتمم بعد سلامه على التفصيل السابق
المالكية قالوا : إذا جاء المأموم فوجد الإمام مشتغلا بالدعاء فإنه يجب عليه أن لا يكبر وينتظر حتى يكبر الإمام فيكبر معه فإن لم ينتظر وكبر صحت صلاته ولا تحتسب هذه التكبيرة في حالة الانتظار وعدمه وإذا سلم الإمام قام المأموم بقضاء ما فاته من التكبير سواء رفعت الجنازة فورا أو لئلا يكون مصليا على غائب والصلاة على الغائب ممنوعة كما تقدم أما إذا جاء المأموم وقد فرغ الإمام ومن معه من التكبيرة الرابعة فلا يدخل معه على الصحيح لأنه في حكم التشهد فلو دخل معه يكون مكررا للصلاة على الميت وتكرارها مكروه
الحنابلة قالوا : إذا جاء المأموم فوجد الإمام قد كبر التكبيرة الأولى واشتغل بالقراءة أو الثانية واشتغل بالصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم أو الثالثة واشتغل بالدعاء فإنه يكبر فورا ولا ينتظر الإمام حتى يرجع إلى التكبير ثم يتبع الإمام فيما يفعله ثم يقضي بعد سلام إمامه ما فاته على صفته بأن يقرأ الفاتحة بعد أول تكبيرة يأتي بها بعد سلام الإمام ثم يصلي على النبي صلى الله عليه و سلم بعد الثانية إن لم يخف رفع الجنازة فإن خشي رفعها كبر تكبيرا متتابعا بدون دعاء ونحوه وسلم ويجوز له أن يسلم بدون أن يقضي ما فاته كما يجوز له أن يدخل مع الإمام بعد التكبيرة الرابعة ثم يقضي الثلاثة استحبابا
الشافعية قالوا : إذا جاء المأموم فوجد الإمام قد فرغ من التكبيرة الأولى أو غيرها واشتغل بما بعدها من قراءة أو غيرها فإنه يدخل معه ولا ينتظر حتى يكبر التكبيرة الثالثة إلا أنه يسير في صلاته على نظم الصلاة لو كان منفردا فبعد أن يكبر التكبيرة الأولى يقرأ من الفاتحة ما يمكنه قراءة قبل تكبير الإمام ويسقط عنه الباقي ثم يصلي على النبي صلى الله عليه و سلم بعد الثانية وهكذا فإذا فرغ الإمام أتم المأموم صلاته على النظم المذكور سواء بقيت الجنازة أو رفعت وإذا لم يمكنه قراءة شيء من الفاتحة بأن كبر إمامه عقب تكبيره هو للإحرام كبر معه وتحمل الإمام عنه كل الفاتحة



هل يجوز تكرار الصلاة على الميت

يكره تكرار الصلاة على الجنازة فلا يصلي عليها إلا مرة واحدة حيث كانت الصلاة الأولى جماعة فإن صلى أولا بدون جماعة أعيدت ندبا في جماعة ما لم تدفن عند الحنفية والمالكية وخالف الشافعية والحنابلة كما هو مذكور تحت الخط




الشافعية قالوا : تسن الصلاة على الجنازة مرة أخرى لمن لم يصل أولا ولو بعد الدفن
الحنابلة قالوا : يجوز تكرار الصلاة على الجنازة لمن لم يصل أولا ولو بعد الدفن كما تقدم ويكره التكرار لمن صلى أولا



هل يجوز الصلاة على الميت في المساجد

تكره الصلاة على الميت في المساجد وإن كان الميت خارج المسجد كما يكره إدخاله في المسجد من غير صلاة عند الحنفية والمالكية أما الحنابلة والشافعية فانظر مذهبيهما تحت الخط




الحنابلة قالوا : تباح الصلاة على الميت في المساجد إن لم يخش تلويث المسجد وغلا حرمت الصلاة عليه وحرم إدخاله
الشافعية قالوا : يندب الصلاة على الميت في المسجد



مبحث الشهيد

في حد الشهيد وحكمه وأقسامه تفصيل في المذاهب فانظره تحت الخط




الحنفية قالوا : الشهيد هو من قتل ظلما سواء قتل في حرب أو قتله باغ أو حربي أو قاطع طريق أو لص ولو كان قتله بسبب غير مباشر وينقسم إلى ثلاثة أقسام : الأول : الشهيد الكامل وهو شهيد الدنيا والآخرة ويشترط في تحقق الشهادة الكاملة ستة شروط وهي : العقل البلوغ والإسلام والطهارة من الحدث الأكبر والحيض والنفاس وأن يموت عقب الإصابة بحيث لا يأكل ولا يشرب ولا ينام ولا يتداوى ولا ينتقل من مكان الإصابة إلى خيمته أو منزله حيا ولا يمضي عليه وقت الصلاة وأن يجب بقتله القصاص وإن رفع القصاص لعارض كصلح ونحوه أما إذا وجب بقتله عوض مالي كما إذا قتل خطأ فإنه لا يكون كامل الشهادة ويدخل في هذا القسم من قتل مدافعا عن ماله أو نفسه أو المسلمين أو أهل الذمة ولكن بشرط أن يقتل بمحدد وحكم هذا القسم من الشهداء أن لا يغسل إلا لنجاسة أصابته غير دمه ويكفن في أثوابه بعد أن ينتزع عنه ما لا يصلح للكفن مثل الفرو والحشو والقلنسوة والخف والسلاح والدرع بخلاف السراويل وكذلك الحشو والفرو إذا لم يوجد غيرهما ثم يزاد إن نقص ما عليه عن كفن السنة وينقص إن زاد ما عليه عن ذلك ويصلي عليه ويدفن بدمه وثيابه الثاني : من الشهداء شهيد الآخرة فقط وهو كل من فقد شرطا من الشروط السابقة بأن قتل ظلما وهو جنب أو حائض أو نفساء أو لم يمت عقب الإصابة أو كان صغير أو مجنونا أو قتل خطأ ووجب بقتله مال فهؤلاء ليسوا كاملي الشهادة إلا أنهم شهداء في الآخرة لهم الأجر الذي وعد به الشهداء يوم القيامة فيجب تغسيلهم وتكفينهم والصلاة عليهم كغيرهم ومثل هؤلاء في شهادة الآخرة الغرقى والحرقى ومن مات بسقوط جدران عليه وكذلك الغرباء والموتى بالوباء وبداء الاستسقاء أو الإسهال أو ذات الجنب أو النفاس أو السل أو الصرع أو الحمى أو لدغ العقرب ونحوه كالموتى في أثناء طلب العلم والموتى ليلة الجمعة ومثل هؤلاء يغسلون ويكفنون ويصلى عليهم . وإن كان لهم أجر الشهداء في الآخرة الثالث الشهيد في الدنيا فقط وهو المنافق الذي قتل في صفوف المسلمين ونحوه وهذا لا يغسل ويكفن في ثيابه ويصلى عليه اعتبارا بالظاهر
الحنابلة قالوا : الشهيد هو من مات بسبب قتال كفار حين قيام القتال ولو كان غير مكلف أو كان غالا - بأن كتم من الغنيمة شيئا - رجلا كان أو امرأة وحكمه أن يحرم غسله والصلاة عليه ويجب دفنه بثيابه التي قتل فيها إلا إذا وجب عليه غسل غير غسل الإسلام قبل قتله فإنه يجب غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه بدمه الذي عليه إلا إذا كانت عليه نجاسه غير الدم فإنه يجب غسلها ويجب نزع ما كان عليه من سلاح أو جلود وأن لا يزاد أو ينقص من ثيابه التي قتل فيها فإن سلبت عنه وجب تكفينه في غيرها ومثل الشهيد المتقدم المقتول ظلما بأن قتل وهو يدافع عن عرضه أو ماله ونحو ذلك فإنه لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يكفن بل يدفن بثيابه بخلاف من تردى عن دابته في الحرب أو عن شاهق جبل بغير فعل العدو فمات بسبب ذلك أو عاد سهمه إليه فمات أو وجد بغير المعركة ميتا أو جرح ثم حمل فأكل أو شرب أو عطش أو طال بقاؤه عرفا فإنه يجب غسله وتكفينه والصلاة عليه كغير الشهداء وإن كان من الشهداء يوم القيامة والشهيد الذي تقدم بيانه هو شهيد الدنيا والآخرة وهناك شهيد الآخرة وهو من لم تتوفر فيه الشروط السابقة إلا أن الآثار الصحيحة دلت على أنه من الشهداء يوم القيامة وذلك نحو من مات بالطاعون أو وجع البطن أو الغرق أو الشرق أو بالحرق أو بالهدم أو بذات الجنب أو بالسل أو اللقوة أو سقط من فوق جبل أو مات في سبيل الله ومنه من مات في الحج أو طلب العلم أو خرج من بيته للقتال في سبيل الله بنية الشهادة والمقتول مدافعا عن دينه أو عرضه أو ماله أو نفسه ومن قتلته السباع وغير ذلك
المالكية قالوا : الشهيد هو من قتله كافر حربي أو قتل في معركة بين المسلمين والكفار سواء كان القتال ببلاد الحرب أو ببلاد الإسلام كما إذا غزا الحربيون المسلمين وحكم الشهيد المذكور أنه يحرم تغسيله والصلاة عليه ولو لم يقاتل بأن كان غافلا أو نائما ثم قتل وكذلك إذا قتله مسلم يظنه كافرا أو داسته الخيل أو رجع عليه سيفه أو سهمه فقتله أو تردى في بئر أو سقط من شاهق جبل فمات فكل هؤلاء يحرم تغسليهم والصلاة عليهم ولا فرق بين الجنب وغيره إنما يشترط أن لا يرفع من المعركة حيا فإن رفع حيا غسل وصلي عليه إلا إذا رفع مغمورا - والمغمور هو الذي لا يأكل ولا يشرب ولا يتكلم - فهذا كالمرفوع ميتا فلا يغسل ولا يصلي عليه ويجب دفن الشهيد بثيابه التي مات فيها متى كانت مباحة ولا يزاد عليها إن سترت جميع بدنه فإن لم تستر جميع بدنه زيد عليها ما يستره ولا ينزع خفه ولا قلنسوته - وهي ما يتعمم عليه وتسمى الطاقية - ولا تنزع منطقته وهي ما يشد في وسطه إن كان ثمنها قليلا وكذلك يبقى خاتمه إن قل ثمن فصه وكان الخاتم من فضة . وإلا نزع ودفن بدونه . وينزع عنه آلة الحرب كالسيف والدرع والشهيد المذكور يشمل شهيد الدنيا والآخرة وهو من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا وشهيد الدنيا فقط وهو من قاتل للغنيمة وأما شهيد الآخرة فقط وهو المبطون والغريق والحريق ونحوهم والمقتول ظلما في غير قتال الحربيين ولم يقتله حربي فهو كغيره من الموتى في غسله وغيره . فيجب تغسيله والصلاة عليه . ولا يجب دفنه في ثيابه وشهيد الآخرة المذكور له في الآخرة الأجر الوارد في الشرع إن شاء الله تعالى وأما شهيد الدنيا فقط فلا أجر له في الآخرة وإن كان يعامل معاملة الشهداء في الدنيا كما تقدم
الشافعية قالوا : الشهيد ثلاثة أقسام : " 1 " شهيد الدنيا والآخرة وهو من قاتل الكفار لإعلاء كلمة الله تعالى من غير رياء ولا غلول من الغنيمة - الغلول هو الأخذ من الغنيمة قبل قسمها بين المجاهدين - " 2 " شهيد الدنيا فقط وهو من قاتل بهدم أو غرق أو نحوها كالمقتول ظلما والقسمان الأولان يحرم تغسيلهما والصلاة عليهما ولو كان بهما حدث أصغر أو أكبر . ولا فرق بين أن يقتل واحد من القسمين المذكورين بسلاح كافر أو مسلم خطأ وكذا من يقتل بسلاح نفسه . بأن يرجع عليه سلاحه فيقتله أو يسقط عن دابته فيموت أو تطأه الدواب أو نحو ذلك ولا فرق أيضا بين أن يموت في الحال أو يبقى حيا بعد الإصابة بشرط أن يكون بذلك السبب قبل انقضاء الحرب أو يموت بعد انقضاء الحرب إذا كانت حياته غير مستقرة بأن لم يبق فيه إلا حركة مذبوح ويجب تكفينه ويسن أن يكفن بثيابه وتكمل بما يستره إن لم تستره ويندب أن ينزع عنه آلات الحرب كالدرع والخف والفروة والسلاح ونحوها وأما القسم الثالث فهو شهيد في ثواب الآخرة فقط وأما في الدنيا فهو كغيره من الموتى يغسل ويصلي عليه ويلاحظ فيه كل ما تقدم مما يتعلق بسائر الموتى وتجب إزالة النجاسة من على بدن من يحرم غسله سوى دم الشهادة ولو أدى إزالتها إلى إزالة دم الشهادة



[ مباحث مختلفة ]


حكم حمل الميت وكيفيته

حمل الميت إلى المقبرة فرض كفاية كغسله وتكفينه والصلاة عليه وفي كيفيته المسنونة تفصيل المذاهب فانظره تحت الخط




الحنفية قالوا : يحصل أصل السنة في حمل الجنازة بأن يحملها أربعة رجال على طريق التعاقب بأن تحمل من كل جانب عشر خطوات وأما كمال السنة فيحصل بأن يبتدأ الحامل بحمل يمين مقدم الجنازة فيضعه على عاتقه الأيمن عشر خطوات ثم ينتقل إلى المؤخر الأيمن فيضعه على عاتقه الأيمن عشر خطوات أيضا ثم ينتقل إلى المقدم الأيسر فيحمله على عاتقه الأيسر كذلك ثم ينتقل إلى المؤخر الأيسر فيضعه على عاتقه الأيسر كذلك ويكره أن تحمل على الكتف ابتداء بل السنة أن يأخذ قائمة السرير بيده أولا ثم يضعها على كتفه ويكره حمله بين عمودين بأن يحملها رجلان : أحدهما في المقدم والآخر في المؤخر إلا عند الضرورة وكيفية حمل الصغير الرضيع أو الفطيم أو فوق ذلك قليلا هي أن يحمله رجل واحد على يديه ويتداوله الناس بالحمل على أيديهم ولا بأس بأن يحمله على يديه وهو راكب ويكره حمل الكبير على الدابة ونحوها إلا لضرورة ويندب أن يسرع بالسير بالجنازة إسراعا غير شديد بحيث لا يضطرب به الميت في نعشه ويغطى نعش المرأة ندبا كما يغطي قبرها عند الدفن إلى أن يفرغ من لحدها إذ المرأة عورة من قدمها إلى قرنها فربما يبدو شيء منها وإذا تأكد ظهور شيء منها وجبت التغطية
الحنابلة قالوا : يسن أن يحمل الجنازة أربعة رجال بحيث يحمل كل واحد منهم من كل قائمة من القوائم الأربع مرة بأن يضع قائمة السرير اليسرى المقدمة حال السير على كتفه اليمنى ثم يدعها لغيره وينتقل إلى القائمة اليسرى المؤخرة ويضعها على كتفه اليمنى أيضا يم يدعها لغيره ثم يضع القائمة اليمنى المقدمة على كتفه اليسرى ثم يدعها لغيره ثم ينتقل إلى القائمة اليمنى المؤخرة فيضعها على كتفه اليسرى أيضا ولا يكره الحمل بين قائمتي السرير وكذلك لا يكره حمل الطفل على يديه من غير نعش ولا يكره حمل الجنازة على دابة إذا كان لحاجة كبعد المقبرة ونحو ذلك ومن السنة ستر نعش المرأة بغطاء مثل القبة يوضع فوق النعش يصنع من خشب أو جريد وفوقه ثوب
المالكية قالوا : حمل الميت ليس له كيفية معينة فيجوز أن يحمله أربعة أشخاص وثلاثة واثنان بلا كراهة ولا يتعين البدء بناحية من السرير - النعش - والتعين من البدع ويندب حمل ميت صغير على الأيدي وكره حمله في نعش لما فيه من التفاخر ويندب أن يجعل على المرأة ما يستر سريرها كالقبة لأنه أبلغ في الستر المطلوب بالنسبة لها وكره فرش النعش بحرير وأما ستر النعش بالحرير فجائز إذا لم يكن ملونا وإلا كره
الشافعية قالوا : للحمل كيفيتان كل منهما حسن : أولا : التثليث وصفته أن يحمل ثلاثة من الرجال بحيث يكون الأول حاملا لمقدم السرير يضع طرفيه على كتفيه ورأسه بينهما ثم يحمل المؤخر رجلان كل منهما يضع طرفا على عاتقه وهذه الكيفية أفضل من التربيع الآتي ثانيا التربيع وهو أن يحمله أربعة : اثنان يحملان مقدم سرير الميت واثنان يحملان مؤخره بحيث يضع من على يمين الميت طرف السرير على عاتقه الأيسر ومن على يسار الميت يضع الطرف الآخر على عاتقه الأيمن ويجب في حمل الميت أن لا يكون بهيئة تنافي الكرامة كأن يحمل ميت كبير على اليد والكتف ونحو ذلك بخلاف الصغير ويسن أن يغطي نعش المرأة بغطاء أو يوضع عليه نحو قبة لأنه أستر ويجوز ستر غطاء نعشها بحرير وكذا نعش الطفل على المعتمد أما الرجل فلا يجوز ستر نعشه بالحرير



حكم تشييع الميت وما يتعلق به

وأما تشييعه فهو سنة وقال المالكية : إنه مندوب والأمر سهل ويندب أن يكون المشيع ماشيا ويكره الركوب إلا لعذر فيجوز له ذلك باتفاق ثلاثة وخالف الحنفية فانظر مذهبهم تحت الخط




الحنفية قالوا : لا بأس بالركوب في الجنازة والمشي أفضل إلا أنه إذا كان المشيع راكبا كره له أن يتقدم الجنازة لأنه يضر بمن خلفه بإثارة الغبار



ويندب للمشيع أن يتقدم أمام الجنازة إن كان ماشيا وأن يتأخر عنها إن كان راكبا عند المالكية والحنابلة وخالف الحنفية والشافعية فانظر مذهبيهما تحت الخط




الحنفية قالوا : الأفضل للمشيع أن يمشي خلفها ويجوز أن يمشي أمامها إلا إن تباعد عنها أو تقدم على جميع الناس فإنه يكره المشي أمامها حينئذ أما المشي عن يمينها أو يسارها فهو خلاف الأولى هذا إذا لم يكن خلف الجنازة نساء يخشى الاختلاط بهن أو كان فيهن نائحة فإن كان ذلك فالمشي أمامها يكون أفضل
الشافعية قالوا : إن المشيع شفيع فيندب أن يقدم أمام الجنازة سواء كان راكبا أو ماشيا



ويندب أن يكون قريبا منها عرفا : باتفاق ثلاثة وقال المالكية : لا يندب ذلك ويندب الإسراع بالسير في الجنازة إسراعا وسطا بحيث يكون فوق المشي المعتاد وأقل من الهرولة ويكره للنساء أن يشيعن الجنائز إلا إذا خيف منهن الفتنة فيكون تشييعهن للجنائز حراما باتفاق الشافعية والحنابلة أما الحنفية والمالكية فانظر مذهبيهما تحت الخط




المالكية قالوا : إذا كانت المرأة مسنة جاز لها أن تشيع الجنازة مطلقا وتكون في سيرها متأخرة عنها وعن الراكب من الرجال إن وجد . وإن كانت شابة لا يخشى منها الفتنة جاز خروجها لجنازة من يعز عليها كأب وولد وزوج وأخ وتكون في سيرها كما تقدم وأما من يخشى من خروجها الفتنة فلا يجوز خروجها مطلقا
الحنفية قالوا : تشييع النساء للجنازة مكروه تحريما مطلقا



ويسن أن يكون المشيعون سكوتا فيكره لهم رفع الصوت ولو بالذكر وقراءة القرآن وقراءة البردة والدلائل ونحوها ومن أراد منهم أن يذكر الله تعالى فليذكره في سره وكذلك يكره أن تتبع الجنازة بالمباخر والشموع . لما روي : " لا تتبعوا الجنازة بصوت ولا نار " وإذا صاحب الجنازة منكر - كالموسيقى والنائحة - فعلى المشيعين أن يجتهدوا في منعه فإن لم يستطيعوا فلا يرجعوا عن تشييع الجنازة باتفاق ثلاثة وقال الحنابلة : إذا عجز عن إزالة المنكر حرم عليه أن يتبعها لما فيه من إبرار المعصية والأفضل أن يسير المشيع إلى القبر وينتظر إلى تمام الدفن ولكن لا كراهة في الرجوع سواء رجع قبل الصلاة أو بعدها عند الشافعية والحنابلة أما المالكية والحنفية فانظر مذهبيهما تحت الخط




المالكية و الحنفية قالوا : يكره الرجوع قبل الصلاة مطلقا وأما بعد الصلاة فلا يكره الرجوع إن أذن به أهل البيت وزاد المالكية أنه يكره الرجوع إذا طالت المسافة ولو بغير إذن



أما جلوس المشيع قبل وضع الجنازة على الأرض ففيه تفصيل المذاهب فانظره تحت الخط




المالكية قالوا : يجوز ذلك بلا كراهة
الحنفية قالوا : يكره ذلك تحريما إلا لضرورة
الحنفية قالوا : يجوز ذلك لمن كان بعيدا عن الجنازة ويكره لمن كان قريبا منها
الشافعية قالوا : يسن أن لا يقعد حتى توضع



هذا ويكره أن يقوم الناس عند مرور الجنازة عليهم وهم جلوس باتفاق ثلاث وقال الشافعية : يستحب القيام عند رؤية الجنازة على المختار


مبحث البكاء على الميت وما يتبع ذلك

يحرم البكاء على الميت برفع الصوت والصياح عند المالكية والحنفية وقال الشافعية والحنابلة : إنه مباح أما هطل الدموع بدون صياح فإنه مباح باتفاق وكذلك لا يجوز الندب وهو عد محاسن الميت بنحو قوله : واجملاه واسنداه ونحو ذلك ومنه ما تفعله النائحة " المعددة " كما لا يجوز صبغ الوجوه ولطم الخدود وشق الجيوب لقوله صلى الله عليه و سلم : " ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية " رواه البخاري ومسلم هذا ولا يعذب الميت ببكاء أهله المحرم عليه إلا إذا أوصى به وإذا علم أنه أهله سيكون عليه بعد الموت وظن أنهم لو أوصاهم بتركه امتثلوا ونفذوا وصيته وجب عليه أن يوصيهم بتركه وإذا لم يوص عذب ببكائهم عليه بعد الموت


حكم دفن الميت وما يتعلق به

دفن الميت فرض كفاية إن أمكن فإن لم يمكن كما إذا مات في سفينة بعيدة عن الشاطئ ويتعسر أن ترسو على مكان يمكن دفنه به قبل تغير رائحته فإنه يرتبط بمثقل ويلقى في الماء وعند إمكان دفنه يجب أن يحفر له حفرة في الأرض وأقلها عمقا ما يمنع ظهور الرائحة ونبش السباع وما زاد على ذلك ففيه تفصيل المذاهب فانظره تحت الخط




المالكية قالوا : يكره الزيادة في العمق على ذلك لغير حاجة
الحنفية قالوا : يسن أن يكون أقل العمق مقدار نصف قامة رجل متوسط وما زاد على ذلك فهو أفضل
الشافعية قالوا : يسن الزيادة في العمق إلى قدر قامة رجل متوسط الخلقة باسط ذراعيه إلى السماء
الحنابلة قالوا : يسن تعميق القبر من غير حد معين



أما أقلها طولا وعرضا فهو ما يسع الميت ومن يتولى دفنه ولا يجوز وضع الميت على وجه الأرض والبناء عليه من غير حفرة إلا إذا لم يمكن الحفر ثم إن كانت الأرض صلبة فيسن فيها اللحد وهو أن يحفر أسفل القبر من جهة القبلة حفرة تسع الميت والمالكية يقولون : إن اللحد في الأرض الصلبة مستحب لا سنة وإن كانت رخوة فيباح فيها الشق وهو أن يحفر في الحنفية والحنابلة أما المالكية والشافعية فانظر مذهبيهما تحت الخط




المالكية و الشافعية قالوا : يستحب الشق في الأرض الرخوة وهو أفضل من اللحد فليس هو مباح فقط كما يقول الآخرون
الشافعية قالوا : يسن أن يقول واضعه . بسم الله الرحمن الرحيم وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه و سلم اللهم افتح أبواب السماء لروحه وأكرم نزله ووسع مدخله ووسع له في قبره



ويسقف بعد وضع الميت وهذا حيث تعذر اللحد ويجب وضع الميت في قبره مستقبل القبلة وهذا الوجوب متفق عليه إلا عند المالكية فإنهم قالوا : إن هذا مندوب لا واجب . ويسن أن يوضع الميت في قبره على جنبه الأيمن وأن يقول واضعه : بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه و سلم باتفاق ثلاثة وزاد المالكية أمرين : أحدهما : أنه يندب وضع يده اليمنى على جسده بعد وضعه في القبر وأن يقول القائم بوضعه : اللهم تقبله بأحسن قبول وإذا ترك شيء من هذه الأشياء بأن وضع الميت غير موجه للقبلة أو جعل رأسه موضع رجليه أو وضع على ظهره أو على شقه الأيسر فإن أهيل عليه التراب لم ينبش القبر بقصد تدارك ذلك أما قبل إهالة التراب عليه فينبغي تدارك ما فات من ذلك ولو برفع اللبن بعد وضعه وهذا الحكم متفق عليه بين الحنفية والمالكية وقال الشافعية والحنابلة : إذا دفن غير موجه للقبلة . فإنه يجب نبش القبر ليحوله إلى القبلة ويستحب أن يسند رأس الميت ورجلاه بشيء من التراب أو اللبن في قبره ويكره أن يوضع الميت في صندوق إلا لحاجة كنداوة الأرض ورخاوتها كما يكره وضع وسادة أو فراش أو نحو ذلك معه في قبر - باتفاق الحنفية والشافعية أما المالكية والحنابلة فانظر مذهبيهما تحت الخط




الحنابلة قالوا : إن وضع الميت في صندوق ونحوه مكروه مطلقا
المالكية قالوا : إن دفن الميت في التابوت - الصندوق ونحوه خلاف الأولى



ثم بعد دفن الميت في اللحد أو الشق وسد قبره باللبن ونحوه يستحب أن يحثو كل واحد ممن شهد دفنه ثلاث حثيات من التراب بيديه جميعا ويكون من قبل رأس الميت ويقول في الأولى : { منها خلقناكم } وفي الثانية : { وفيها نعيدكم } وفي الثالثة : { ومنها نخرجكم تارة أخرى } ثم يهال عليه بالتراب حتى يسد قبره وقال المالكية والحنابلة : لا يقرأ شيئا من القرآن عند حثو التراب ويندب ارتفاع التراب فوق القبر بقدر شبر ويجعل كسنام البعير باتفاق ثلاثة وقال الشافعية : جعل التراب مستويا منظما أفضل من كونه كسنام البعير ويكره تبييض القبر بالجبس أو الجير أما طلاؤه بالطين فلا بأس به لأنه لا يقصد به الزينة عند ثلاثة وقال المالكية : طلاء القبر أحجاء أو خشب أو نحو ذلك إلا إذا خيف ذهاب معالم القبر فيجوز وضع ذلك للتمييز أما إذا قصد به التفاخر والمباهاة فهو حرام وهذا متفق عليه إلا عند الشافعية فإنهم قالوا : يسن وضع حجر أو نحوه عند رأس القبر لتمييزه أما الكتابة على القبر ففيها تفصيل في المذاهب فانظره تحت الخط




المالكية قالوا : الكتابة على القبر إن كانت قرآنا حرمت وإن كانت لبيان اسمه أو تاريخ موته فهي مكروهة
الحنفية قالوا : الكتابة على القبر مكروهة تحريما مطلقا إلا إذا خيف ذهاب أثره فلا يكره
الشافعية قالوا : الكتابة على القبر مكروهة سواء كانت قرآنا أو غيره إلا إذا كان قبر عالم أو صالح فيندب كتابة اسمه وما يميزه ليعرف
الحنابلة قالوا : تكره الكتابة على القبور من غير تفصيل بين عالم وغيره فهذه نصوص المذاهب الربعة . فلعل الناس يرجعون إلى دينهم ويتركون التفاخر بكتابة النقوش المذهبة ونحوها على القبور فإن المقام مقام عظة واعتبار لا مقام مباها وافتخار



اتخاذ البناء على القبور

يكره أن يبنى على القبر بيت أو قبة أو مدرسة أو مسجد أو حيطان تحدق به - كالحيشان - إذا لم يقصد بها الزينة والتفاخر وإلا كان ذلك حراما وهذا إذا كانت الأرض غير مسبلة ولا موقوفة والمسبلة هي التي اعتاد الناس الدفن فيها ولم يسبق لأحد ملكها والموقوفة : هي ما وقفها مالك بصيغة الوقف كقرافة مصر التي وقفها سيدنا عمر رضي الله عنه أما المسبلة والموقوفة فيحرم فيهما البناء مطلقا لما في ذلك من الضيق والتحجير على الناس وهذا الحكم متفق عليه بين الأئمة إلا أن
الحنابلة قالوا : إن البناء مكروه مطلقا سواء كانت الأرض مسبلة أو لا والكراهة في المسبلة أشد وبذلك تعلم حكم ما ابتدعه الناس من التفاخر في البنيان على القبور وجعلها قصورا ومساكن قد لا يوجد مثلها في مساكن كثير من الأحياء ومن الأسف أنه لا فرق في هذه الحالة بين عالم وغيره


القعود والنوم وقضاء الحاجة والمشي على القبور

يكره القعود والنور على القبر ويحرم البول والغائط ونحوهما كما تقدم في باب " قضاء الحاجة " وهذا متفق عليه بين الشافعية والحنابلة أما الحنفية والمالكية فانظر مذهبيهما تحت الخط




الحنفية قالوا : القعود والنوم على القبر مكروه تنزيها والبول والغائط ونحوهما مكروه تحريما
المالكية قالوا : الجلوس على المقابر جائز وكذا النوم أما التبول ونحوه فحرام



ويكره المشي على القبور إلا لضرورة كما إذا لم يصل إلى قبر ميته إلا بذلك باتفاق وخالف المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط




المالكية قالوا : يكره المشي على القبر إن كان مسنما والطريق دونه وإلا جاز كما يجوز المشي عليه إذا لم يبق من الميت جزء مشاهد ولو كان القبر مسنما



نقل الميت من جهة موته

وفي نقل الميت من الجهة التي مات فيها إلى غيرها قبل الدفن وبعده تفصيل في المذاهب فانظره تحت الخط




المالكية قالوا : يجوز نقل الميت قبل الدفن وبعده من مكان إلى آخر بشروط ثلاثة : أولها : أن لا ينفجر حال نقله ثانيها : أن لا تهتك حرمته بأن ينقل على وجه يكون فيه تحقير له ثالثها : أن يكون نقله لمصلحة كأن يخشى من طغيان البحر على قبره أو يراد نقله إلى مكان له قيمة أو إلى مكان قريب من أهله أو لأجل زيارة أهله إياه فإن فقد شرط من هذه الشروط الثلاثة حرم النقل
الحنفية قالوا : يستحب أن يدفن الميت في الجهة التي مات فيها ولا بأس بنقله من بلدة إلى أخرى قبل الدفن عند أمن تغير رائحته أما بعد الدفن فيحرم إخراجه ونقله إلا إذا كانت الأرض التي دفن فيها مغصوبة أو أخذت بعد دفنه بشفعة
الشافعية قالوا : يحرم نقل الميت قبل دفنه من محل موته إلى آخر ليدفن فيه ولو أمن من تغيره إلا إن جرت عادتهم بدفن موتاهم في غير بلدتهم ويستثنى من ذلك من مات في جهة قريبة من مكة أو المدينة المنورة أو بيت المقدس أو قريبا من مقبرة قوم صالحين فإنه يسن نقله إليها إذا لم يخش تغير رائحته وإلا حرم وهذا كله إذا كان قد تم غسله وتكفينه والصلاة عليه في محل موته وأما قبل ذلك فيحرم مطلقا وكذلك يحرم نقله بعد دفنه إلا لضورة كمن دفن في أرض مغصوبة فيجوز نقله إن طالب بها مالكها
الحنابلة قالوا : لابأس بنقل الميت من الجهة التي مات فيها إلى جهة بعيدة عنها بشرط أن يكون النفل لغرض صحيح كأن ينفل إلى بقعة شريفة ليدفن فيها أو ليدفن بجوار رجل صالح وبشرط أن يؤمن تغير رائحته ولا فرق في ذلك بين أن يكون قبل الدفن أو بعده



نبش القبر

يحرم نبش القبر ما دام يظن بقاء شيء من عظام الميت فيه ويستثنى من ذلك أمور : منها أن يكون الميت قد كفن بمغصوب وأبى صاحبه أن يأخذ القيمة ومنها أن يكون قد دفن في أرض مغصوبة ولم يرص مالكها ببقائه ومنها أن يدفن معه مال بقصد أو بغير قصد سواء كان هذا المال له أو لغيره وسواء كان كثيرا أو قليلا ولو درهما سواء تغير الميت أو لا وهذا متفق عليه إلا عند المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط




المالكية قالوا : إذا دقن مع الميت مال نسيانا كأن سقطت ساعة أو خاتم أو دنانير أو دراهم حال الدفن وأهيل عليها التراب فلا يخلو إما أن تكون مملوكة له قبل موته أو هي ملك لغيره فإن كانت مملوكة لغيره فإن له أن ينبش القبر ويخرج ماله إن لم يتغير الميت وإلا يجبر على أخذ قيمة ماله من التركة مثليا كالدراهم والدنانير وقيمته إن كان مقوما كالثياب هذا إذا كان ملكا لغير الميت أما إذا كان ملكا له فتتركه الورثة جبرا عند تغير الميت ولو كانت له قيمة أما إذا لم يتغير الميت وكانت له قيمة فإن لهم نبش القبر وأيضا إنما ينبش القبر لإخراج المال إذا لم يطل الزمن بحيث يظن تلف المال وإلا فلا ينبش لأنه لا فائدة في نبشه في هذه الحالة



دفن أكثر من واحد في قبر واحد

دفن أكثر من ميت واحد في قبر واحد فيه تفصيل في المذاهب فانظره تحت الخط




الحنفية قالوا : يكره ذلك إلا عند الحاجة فيجوز عند الحاجة دفن أكثر من واحد
المالكية قالوا : يجوز جمع أموات بقبر واحد لضرورة كضيق المقبرة ولو كان الجمع في أوقات كأن تفتح المقبرة بعد الدفن فيها لدفن ميت آخر وأما عند عدم الضرورة فيحرم جمع أموات في أوقات ويكره في وقت واحد الشافعية و الحنابلة قالوا : يحرم ذلك إلا لضرورة ككثرة الموتى وخوف تغيرهم أو لحاجة كمشقة على الأحياء



وإذا وقع ذلك جعل الأفضل جهة القبلة ويليه المفضول ويلاحظ تقديم الكبير على الصغير والذكر على الأنثى ونحو ذلك ويندب أن يفصل بين كل اثنين بتراب ولا يكفي الفصل بالكفن وإذا بلي الميت وصار ترابا في قبره جاز نبش القبر وزرعه والبناء عليه وغير ذلك باتفاق إلا عند المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط




المالكية قالوا : إذا بلي الميت ولم يبق منه جزء محسوس جاز نبش القبر للدفن فيه والمشي عليه وأما زرعه والبناء عليه فلا يجوز لأنه بمجرد الدفن صار حبسا لا يتصرف فيه بغير الدفن سواء بقي الميت أو فني



التعزيه

التعزيه لصاحب المصيبة مندوبة ووقتها من حين الموت إلى ثلاثة أيام وتكره بعد ذلك إلا إذا كان المعزي أو المعزى غائبا فإنها لا تكره حينئذ بعد ثلاثة أيام وليس للتعزيه صيغة خاصة بل يعزي كل واحد بما يناسب حاله وهذا متفق عليه إلا عند الحنفية فانظر مذهبهم تحت الخط




الحنفية قالوا : يستحب أن يقال للمصاب : " غفر الله تعالى لميتك . وتجاوز عنه وتعمده برحمتك ورزقتك الصبر على مصيبته وآجرك على موته وأحسن صيغة في هذا الباب صيغة رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى " فيحسن أن يضيفها إلى ما ذكر



والأولى أن تكون التعزيه بعد الدفن وإذا اشتد بهم الجزع فتكون قبل الدفن أولى باتفاق وللمالكية تفصيل في ذلك فانظره تحت الخط




المالكية قالوا : الأولى أن يكون العزاء بعد الدفن مطلقا وإن وجد منهم جزع شديد



. ويستحب أن تعم التعزيه جميع أقارب الميت نساء ورجالا كبارا وصغارا إلا المرأة الشابة فإنه لا يعزيها إلا محارمها دفعا للفتنة وكذا الصغير الذي لا يميز فإنه لا يعزى ويكره لأهل المصيبة أن يجلسوا لقبول العزاء سواء أكان في المنزل أم في غيره عند الشافعية والحنابلة وقال الحنفية : إنه حلاف الأولى وقال المالكية : إنه مباح أما الجلوس على قارعة الطريق وفرش البسط ونحوها مما اعتاد الناس فعله فهو بدعة منهي عنها وإذا عزي أهل الميت مرة كره تعزيتهم مرى أخرى باتفاق ثلاثة وقال المالكية : لا تكره تعزيتهم مرة أخرى


مبحث ذبح الذبائح وعمل الأطعمة في المآتم

ومن البدع المكروهة ما يفعل الآن من ذبح الذبائح عند خروج الميت من البيت أو عند القبر وإعداد الطعام لمن يجتمع للتعزيه : وتقديمه لهم كما يفعل ذلك في الأفراح ومحافل السرور وإذا كان في الورثة قاصر عن درجة البلوغ حرم إعداد الطعام وتقديمه روى الإمام أحمد وابن ماجة عن جرير بن عبد الله قال : " كنا نعد الإجتماع إلى أهل الميت وصنعهم الطعام من النياحة " . أما إعداد الجيران والأصدقاء طعاما لأهل الميت وبعثه لهم فذلك مندوب لقوله صلى الله عليه و سلم : " اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد جاءهم ما يشغلهم " ويلح عليهم في الأكل لأن الحزن قد يمنعهم منه


خاتمة في زيارة القبور

زيارة القبور مندوبة للاتعاظ وتذكر الآخرة وتتأكد يوم الجمعة ويوما قبلها ويوما بعدها عند الحنفية والمالكية وخالف الحنابلة والشافعية فانظر مذهبيهما تحت الخط




الحنابلة قالوا : لا تتأكد الزيارة في يوم دون يوم
الشافعية قالوا : تتأكد من عصر يوم الخميس إلى طلوع شمس يوم السبت . وهذا قول راجح عند المالكية



وينبغي للزائر الاشتغال بالدعاء والتضرع والاعتبار بالموتى وقراءة القرآن للميت فإن ذلك ينفع الميت على الأصح ومما ورد أن يقول الزائر عند رؤية القبور : " اللهم رب الأرواح الباقية والأجسام البالية والشعور المتمزقة والجلود المتقطعة والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنة أنزل عليها روحا منك وسلاما مني " ومما ورد أيضا أن يقول : " السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شار الله بكم لاحقون " ولا فرق في الزيارة بين كون المقابر قريبة أو بعيدة وخالف الحنابلة فانظر مذهبهم تحت الخط




الحنابلة قالوا : القبور إذا كانت بعيدة لا يوصل إليها إلا بسفر فزيارتها مباحة لا مندوبة



بل يندب السفر لزيارة الموتى خصوصا مقابر الصالحين : أما زيارة قبر النبي صلى الله عليه و سلم فهي من أعظم القرب وكما تندب زيارة القبور للرجال تندب أيضا للنساء العجائز اللاتي لا يخشى منهن الفتنة إن لم تؤد زيارتهن إلى ندب أو النياحة وإلا كانت محرمة . أما النساء التي يخشى منهن الفتنة ويترتب على خروجهن لزيارة القبور مفاسد كما هو الغالب على نساء هذا الزمان فخروجهن للزيارة حرام باتفاق الحنفية والمالكية أما الحنابلة والشافعية فانظر مذهبهم تحت الخط




الحنابلة و الشافعية قالوا : يكره خروج النساء لزيارة القبور مطلقا سواء كن عجائز أو شواب إلا إذا علم أن خروجهن يؤدي إلى فتنة أو وقوع محرم . وإلا كانت الزيارة محرمة



وينبغي أن تكون الزيارة مطابقة لأحكام الشريعة فلا يطوف حول القبر ولا يقبل حجرا ولا عتبة ولا خشبا ولا يطلب من المزور شيئا إلى غير ذلك