الفقه على المذاهب الأربعة

الصلوة

مباحث الأذان [ والإقامة ]


[ الأذان ]


تعريفه

قد عرفت أن الأذان سنة للصلاة خارجة عنها ويتعلق بالأذان مباحث : أحدها : تعريفه : ثانيها : سبب مشروعيته ودليله ثالثها : ألفاظه رابعها حكمه خامسها : شروطه سادسها : سننه ومندوباته . سابعها : مكروهاته وإليك بيانها على هذا الترتيب


معنى الأذان ودليله

الأذان في اللغة معناه الإعلام قال تعالى : { وأذان من الله ورسوله } أي إعلام وقال : { وأذان في الناس بالحج } أي أعلمهم ومعناه في الشرع الإعلام بدخول وقت الصلاة . بذكر مخصوص أما دليل مشروعية الأذان فالكتاب والسنة والإجماع قال تعالى : { وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا } وقال صلى الله عليه و سلم : " إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم " رواه البخاري ومسلم أما كيفيته وألفاظه فقد بينت في الأحاديث الأخرى


متى شرع الأذان وسبب مشروعيته وفضله

شرع الأذان في السنة الأولى من الهجرة النبوية بالمدينة المنورة وهو معلوم من الدين بالضرورة فمن أنكر مشروعيته يكفر أما سبب مشروعيته فهو أن النبي صلى الله عليه و سلم لما قدم المدينة صعب على الناس معرفة أوقات صلاته فتشاوروا في أن ينصبوا علامة يعرفون بها وقت صلاة النبي صلى الله عليه و سلم كيلا تفوتهم الجماعة فأشار بعضهم بالناقوس فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " هو للنصارى " وأشار بعضهم بالبوق فقال : " هو لليهود " وأشار بعضهم بالدف فقال : " هو للروم " وأشار بعضهم بإيقاد النار فقال : " ذلك للمجوس " واشار بعضهم بنصب راية فإذا رآها الناس أعلم بعضهم بعضا فلم يعجبه صلى الله عليه و سلم ذلك فلم تتفق آراؤهم على شيء فقام صلى الله عليه و سلم مهتما فبات عبد الله بن زيد مهتما باهتمام رسول الله صلى الله عليه و سلم فرأى في نومه ملكا علمه الأذان والإقامة فأخبر النبي صلى الله عليه و سلم وقد وافقت الرؤيا الوحي فأمر بهما النبي صلى الله عليه و سلم وهذا معنى حديث رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة وأخرج الترمذي بعضه وقال : حديث حسن صحيح وفي " الصحيحين " عن أنس قال : لما كثر الناس ذكروا أن يعلموا وقت الصلاة بشيء يعرفونه فذكروا أن يوقدوا نارا أو يضربوا ناقوسا فأمر النبي صلى الله عليه و سلم بلالا أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة . أما فضل الأذان فقد دلت عليه أحاديث كثيرة صحيحة : منها ما روي عن أبي هريرة من أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه " متفق عليه ومنها ما روي عن معاوية من أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة " رواه مسلم ومعنى استهموا - اقترعوا


ألفاظ الأذان

ألفاظ الأذان هي : " الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله " وهذه الصيغة متفق عليها بين ثلاثة من الأئمة وخالف المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط المالكية قالوا : يكبر مرتين لا أربعا ويزاد في أذان الصبح بعد حي على الفلاح " الصلاة خير من النوم " مرتين ندبا ويكره ترك هذه الزيادة باتفاق


إعادة الشهادتين مرة أخرى في الأذان ويقال لذلك : ترجيع

يكتفي بالصيغة المتقدمة في الأذان فلا يزاد عليها شيء عند الحنفية والحنابلة . أما المالكية والشافعية فقد قالوا : بل يسن أن يزيد النطق بالشهادتين بصوت منخفض مسموع للناس قبل الإتيان بهما بصوت مرتفع إلا أن المالكية يسمون النطق بهما بصوت مرتفع : ترجيعا والشافعية يسمون النطق بهما بصوت منخفض ترجيعا ولعل المالكية قد نظروا إلى اللغة لأن الترجيع معناه الإعادة والمؤذن ينطق أولا بالشهادتين سرا ثم يعيدها جهرا فتسمية الإعادة جهرا ترجيعا موافق للغة والشافعية قد نظروا إلى أن الأصل في الأذان إنما هو الإتيان فيه بالشهادتين جهرا فالنطق بهما قبل ذلك سرا أجدر بأن يسمى ترجيعا أي حكاية لما يأتي بعدهما والأمر فيذلك سهل وعلى هذا يكون نص الأذان عند الشافعية والمالكية بعد التكبير هكذا : " أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله - بصوت منخفض - ثم يقول : أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله - بصوت مرتفع - كالتكبير ثم يقول : أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله - بصوت منخفض - ثم يعيدها بصوت مرتفع كالتكبير ثم يقول : حي على الصلاة مرتين - بصوت مرتفع - بدون ترجيع ثم يقول : حي على الفلاح كذلك ثم يقول : الله أكبر . الله أكبر ثم ي ختم بقول : لا إله إلا الله " إلا في صلاة الصبح فإنه يندب أن يقول بعد حي على الفلاح : الصلاة خير من النوم مرتين وإذا تركهما صح الأذان مع الكراهة وكذا إذا ترك الترجيع فإنه يكره ولا يبطل الأذان بتركه فالشافعية . والمالكية متفقون على صيغة الأذان . إلا في التكبير . فإن الشافعية يقولون : إنه أربع تكبيرات والمالكية يقولون : إنه تكبيرتان


حكم الأذان

اتفق الأئمة على أن الأذان سنة مؤكدة : ما عدا الحنابلة : فإنهم قالوا : إنه فرض كفاية بمعنى إذا أتى به أحد فقد سقط عن الباقين . على أن للأئمئة تفصيلا في حكم الأذان فانظره تحت الخط




الشافعية قالوا : الأذان سنة كفاية للجماعة وسنة عين للمنفرد إذا لم يسمع أذان غيره . فإن سمعه وذهب إليه وصلى مع الجماعة أجزأه وإن لم يذهب أو ذهب ولم يصل فإنه لم يجزئه ويسن للصلوات الخمس المفروضة في السفر والحضر ولو كانت فائتة . فلو كان عليه فوائت كثيرة وأراد قضاءها على التوالي يكفيه أن يؤذن أذانا واحدا للأولى منها : فلا يسن الأذان لصلاة الجنازة ولا للصلاة المنذورة ولا للنوافل ومثل ذلك ما إذا أراد أن يجمع بين الظهر والعصر أو المغرب والعشاء في السفر فإنه يصليهما بأذان واحد
الحنفية قالوا : الأذان سنة مؤكدة على الكفاية لأهل الحي الواحد وهي كالواجب في لحوق الإثم لتاركها وإنما يسن في الصلوات الخمس المفروضة في السفر والحضر للمنفرد والجماعة أداء وقضاء إلا أنه لا يكره ترك الأذان لمن يصلي في بيته في المصر لأن أذان الحي يكفيه كما ذكر فلا يسن لصلاة الجنازة والعيدين والكسوف والاستسقاء والتراويح والسنن والرواتب أما الوتر فلا يسن الأذان له وإن كان واجبا اكتفاء بأذان العشاء على الصحيح
المالكية قالوا : الأذان سنة كفاية لجماعة تنتظر أن ي صلي معها غيرها بموضع جرت العادة باجتماع الناس فيه للصلاة ولكل مسجد ولو تلاصقت المساجد أو كان بعضها فوق بعض وإنما يؤذن للفريضة العينية في وقت الاختيار ولو حكما كالمجموعة تقديما أو تأخيرا فلا يؤذن للنافلة ولا للفائتة ولا لفرض الكفاية كالجنازة . ولا في الوقت الضروري بل يكره في كل ذلك كما لا يكره الأذان لجماعة لا تنتظر غيرها وللمنفرد إلا كان بفلاة من الأرض فيندب لهما أن يؤذنا لها ويجب الأذان كفاية في المصر وهو البلد الذي تقام فيه الجمعة : فإذا تركه أهل مصر قوتلوا على ذلك
الحنابلة قالوا : إن الأذان فرض كفاية في القرى والأمصار للصلوات الخمس الحاضرة على الرجال الأحرار في الحضر دون سفر فلا يؤذن لصلاة جنازة ولا عيد ولا نافلة ولا صلاة منذورة ويسن لقضاء الصلاة الفائتة وللمنفرد سواء كان مقيما أو مسافرا وللمسافر ولو جماعة



شروط الأذان

يشترط للأذان شروط : أحدها : النية فإذا أتى بصيغة الأذان المتقدمة بدون نية وقصد فإن أذانه لا يصح عند المالكية والحنابلة أما الشافعية والحنفية فلا يشترطون النية في الأذان بل يصح عندهم بدونها ثانيها : أن تكون كلمات الأذان متوالية بحيث لا يفصل بينهما بسكوت طويل أو كلام كثير أما الكلام القليل فإن الفصل به يبطل الأذان سواء كان جائزا أو محرما وهذا متفق عليه بين الأئمة إلا أن الحنابلة قالوا : الفصل بالكلام القليل المحرم يبطل الأذان ولو كلمة واحدة بحيث لو سب شخصا بكلمة فإن أذانه يبطل عند الحنابلة ثالثها : أن يكون باللغة العربية . إلا إذا كان المؤذن أعجميا ويريد أن يؤذن لنفسه أو لجماعة أعاجم مثله . أما إذا كان يؤذن لجماعة لا يعرفون لغته . فإن أذانه لا يصح طبعا لأنهم لا يفهمون ما يقول وهذا الحكم متفق عليه عند ثلاثة من الأئمة وخالف الحنابلة فقالوا لا يصح الأذان بغير العربية على كل حال رابعا : أن يقع الأذان كله بعد دخول الوقت فلو وقع قبل دخول الوقت لم يصح في الظهر والعصر والمغرب والعشاء باتفاق أما إذا وقع أذان الصبح قبل دخول الوقت . فإنه يصح عند ثلاثة من الأئمة بشرائط خاصة وخالف الحنفية فانظره تحت الخط




الحنفية قالوا : لا يصح الأذان قبل دخول وقت الصبح أيضا ويكره تحريما على الصحيح وما ورد من جواز الأذان في الصبح قبل دخول الوقت فمحمول على التسبيح لإيقاظ النائمين
الحنابلة قالوا : يباح الأذان في الصبح من نصف الليل لأن وقت العشاء المختار يخرج بذلك ولا يستحب لمن يؤذن للفجر قبل دخول وقته أن يقدمه كثيرا ويستحب له أن يجعل أذانه في وقت واحد في الليالي كلها ويعتد بذلك الأذان فلا يعاد إلا في رمضان فإنه يكره الاقتصار على الأذان قبل الفجر
الشافعية قالوا : لا يصح الأذان قبل دخول الوقت ويحرم إن أدى إلى تلبيس على الناس أو قصد به التعبد إلا في أذان الصبح فإنه لا يصح من نصف الليل : لأنه يسن للصبح أذانان : أحدهما من نصف الليل وثانيهما بعد طلوع الفجر
المالكية قالوا : لا يصح الأذان قبل دخول الوقت ويحرم لما فيه من التلبيس على الناس إلا الصبح فإنه يندب أن يؤذن له في السدس الأخير من الليل لإيقاظ النائمين ثم يعاد عند دخول وقته استنانا



خامسها : أن تكون كلمات الأذان مرتبة فلو لم يرتب كلماته كأن ينطق بكلمة : حي على الفلاح قبل حي على الصلاة فإنه يلزمه إعادة الكلمات التي لم يرتبها بأن يقول مرة أخرى حي على الصلاة حي على الفلاح وهكذا فإن لم يعدها مرتبة بطل أذانه وهذا الحكم متفق عليه عند ثلاثة من الأئمة وخالف الحنفية فانظر مذهبهم تحت الخط




الحنفية قالوا : يصح الأذان الذي لا ترتيب فيه مع الكراهة وعليه أن يعيد ما لم يرتب فيه



أذان الجوق ويقال له : الأذان السلطاني

بقي من شرائط الأذان المتفق عليها أن يأتي به شخص واحد فلو أذن مؤذن ببعضه ثم أتمه غيره لم يصح كما لا يصح إذا تناوبه اثنان أو أكثر بحيث يأتي كلواحد بجملة غير التي يأتي بها الآخر وقد يسمي ذلك بعضهم بأذان الجوق أو الأذان السلطاني وهو جهل ومن فعله فقد أبطل سنة الأذان نعم إذا أتى به اثنان أو أكثر بحيث يعيد كل واحد ما نطق به الآخر بدون تحريف وبذلك يؤذن كل واحد منهم أذانا كاملا فإنه يصح وتحصل به سنة الأذان ولكنه بدعة لا ضرورة إليها وقد تكون غير جائزة إذا قصرت على مقام واحد وإنما كان جائزا لأنه لم يرد في السنة ما يمنعه والقواعد العامة لا تأباه لأن أذان اثنين أو أكثر في مكان واحد كأذانهم في عدة أمكنة ولكن روح التشريع الإسلامي تقضي بالوقوف عند الحد الذي أمر به الدين في العبادات فما دام ذلك لم يرد في الشريعة الإسلامية بخصوصه فالأحوط تركه على كل حال


شروط المؤذن

يشترط في المؤذن أن يكون مسلما فلا يصح من غيره وأن يكون عاقلا فلا يصح من مجنون أو سكران أو مغمى عليه وأن يكون ذكرا فلا يصح من أنثى أو خنثى وهذه الشروط متفق عليها ثلاثة من الأئمة وخالف الحنفية فانظر مذهبهم مع باقي شروط الأذان عندهم تحت الخط




الحنفية قالوا : الشروط المذكورة في المؤذن ليست شروطا لصحة الأذان فيصح أذان المرأة والخنثى والكافر والمجنون والسكران ويرتفع الإثم عن أهل الحي بوقوعه من أحد هؤلاء غير أنه لا يصح الاعتماد على خير الكافر والفاسق والمجنون في دخول وقت الصلاة إذا يشترط في التصديق بدخول الوقت أن يكون المؤذن مسلما عدلا ولو امرأة وأن يكون عاقلا مميزا عالما بالأوقات فإذا أذن شخص فاقد لشرط من هذه الشروط صح أذانه في ذاته ولكن لا يصح الاعتماد عليه في دخول الوقت ويكره أذانه كما يكره أذان الجنب والفاسق ويعاد الأذان ندبا إذا أذن واحد منهم بدل المؤذن الراتب أما إذا أذن لجماعة عالمين بدخول الوقت ولم يكن بدل المؤذن الراتب فلا يعاد الأذان ولا يصح أذان الصبي غير المميز ولا يرتفع الإثم به أما أذان المرأة فإنه يمتنع إن ترتب عليه إثارة شهوة من يسمع صوتها كما تقدم في مبحث " الجهر بالقراءة



ولا يشترط في المؤذن أن يكون بالغا بل يصح أذان الصبي المميز سواء أذن بنفسه أو اعتمد في أذانه على مؤذن بالغ باتفاق ثلاثة من الأئمة وخالف المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط




المالكية قالوا : يشترط في المؤذن أيضا أن يكون بالغا فإذا أذن الصبي المميز فلا يصح أذانه إلا إذا اعتمد فيه أو في دخول الوقت على بالغ . فيصح أن يكون عدل رواية فلا يصح أذان الفاسق . إلا إذا اعتمد على أذان غيره ولا يشترط أن يكون الأذان ساكن الجمل فلو قال : حي على الصلاة حي على الصلاة فإنه يصح عند الشافعية والحنفية أما الحنابلة والمالكية فانظر مذهبهم تحت الخط الحنابلة قالوا : يشترط في الأذان أيضا أن يكون ساكن الجمل . فلو أعربه لا يصح إلا التكبير في أوله . فإسكانه مندوب . كما يقول المالكية . ويحرم أن يؤذن غير المؤذن الراتب إلا بإذنه وإن صح إلا أن يخاف فوات وقت التأذين . فإذا حضر الراتب بعد ذلك سن له إعادة الأذان ويشترط أيضا لصحته أن لا يكون ملحونا يغير المعنى . كأن يمد همزة الله . أو باء . أكبر . فإن فعل مثل ذلك لم يصح . ورفع الصوت به ركن إلا إذا أذن لحاضر فرفع صوته بقدر ما يسمعه ورفع الصوت على هذا الوجه متفق عليه بين الحنابلة والشافعية
المالكية قالوا : يشترط أن يقف المؤذن على رأس كل جملة من جمل الأذان . إلا التكبير الأول فإنه لا يشترط الوقوف عليه بل يندب فقط فلو قال : الله أكبر الله أكبر فإنه يصح مع مخالفة المندوب



ولكن يسن أن يقف على رأس كل جملة عندها


مندوبات الأذان وسنته

ويندب في الأذان أمور : منها أن يكون المؤذن متطهرا من الحدثين وأن يكون حسن الصوت مرتفعة وأن يؤذن بمكان عال كالمنارة وسقف المسجد وأن يكون قائما إلا لعذر من مرض ونحوه وأن يكون مستقبل القبلة إلا لإسماع الناس فيجوز استدبارها على تفصيل في المذاهب فانظره تحت الخط




المالكية قالوا : يندب للمؤذن أن يدور حال أذانه ولو أدى إلى استدبار القبلة بجميع بدنه إذا احتاج إلى ذلك لإسماع الناس ولكنه يبتدئ أذانه مستقبلا
الشافعية قالوا : يسن التوجه للقبلة إذا كانت القرية صغيرة عرفا بحيث يسمعون صوته بدون دوران بخلاف الكبيرة عرفا فيسن الدوران كما يسن استقبال القرية دون القبلة إذا كانت المنارة واقعة في الجهة القبلية من القرية
الحنفية قالوا : يسن استقبال القبلة حال الأذان إلا في المنارة فإنه يسن له أن يدور فيها ليسمع الناس في كل جهة وكذا إذا أذن وهو راكب فإنه لا يسن له الاستقبال بخلاف الماشي
الحنابلة قالوا : يسن للمؤذن أن يكون مستقبل القبلة في أذانه كله ولو أذن على منارة ونحوها



ومنها أن يتلفت جهة اليمين في " حي على الصلاة " ووجهة اليسار عند قوله : " حي على الفلاح " بوجهه وعنقه دون صدره وقدميه محافظة على استقبال القبلة باتفاق ثلاثة من الأئمة . وخالف المالكية فقالوا : لا يندب الالتفاف المذكور كما خالف الحنابلة في كيفية الالتفاف فقالوا : يندب أن يلتفت بصدره أيضا ولا يضر ذلك في استقبال القبلة ما دام باقي جسمه متجها إليها ومنها الوقوف على رأس كل جملة منه إلا التكبير فإنه يقف على رأس كل تكبيرتين وقد عرفت اختلاف المذاهب في هذا الحكم قريبا فارجع إليها إن شئت


إجابة المؤذن

إجابة المؤذن مندوبة لمن يسمع الأذان ولو كان جنبا أو كانت حائضا أو نفساء فيندب أن يقول مثل ما يقول المؤذن إلا عند قول " حي على الصلاة " " حي على الفلاح " فإنه يجيبه فيها بقول : لا حول ولا قوة إلا بالله وهذا الحكم متفق عليه إلا أن الحنفية اشترطوا أن لا تكون حائضا أو نفساء فإن كانت فلا تندب لها الإجابة بخلاف باقي الأئمة والحنابلة اشترطوا أن لا تكون حائضا أو نفساء فإن كانت فلا تندب لها الإجابة بخلاف باقي الأئمة والحنابلة اشترطوا أن لا يكون قد صلى الفرض الذي يؤذن له فانظر مذهبهم تحت الخط




الحنابلة قالوا : إنما تندب الإجابة لمن لم يكن قد صلى تلك الصلاة في جماعة فإن كان كذلك فلا يجيب لأنه غير مدعو بهذا الأذان
الحنفية قالوا : ليس على الحائض أو النفساء إجابة لأنهما ليستا من أهل الإجابة بالفعل فكذا بالقول وكذلك يجيبه في أذان الفجر عند قوله : " الصلاة خير من النوم " يقول : صدقت وبررت وإنما تندب الإجابة في الأذان المشروع أما غير المشروع فلا تطلب فيه الإجابة وهذا متفق عليه إلا عند المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط المالكية قالوا : لا يحطي السامع قول المؤذن : " الصلاة خير من النوم " ولا يبدلها بهذا القول على الراجح والمندوب في حكاية الأذان عندهم إلى نهاية الشهادتين فقط



ولا تطلب الإجابة أيضا من المشغول بالصلاة ولو كانت نفلا أو صلاة جنازة بل تكره ولا تبطل بالإجابة إلا إذا أجابه بقول : صدقت وبررت أو بقول : " حي على الصلاة أو الصلاة خير من النوم " فإنها تبطل كذلك أما لو قال : لا حول ولا قوة إلا بالله أو صدق الله أو صدق رسول الله فإنها لا تبطل ولا تطلب الإجابة من المشغول بقربان أهله أو قضاء حاجة لأنهما في حالة تنافي الذكر وكذلك لا تطلب من سامع خطبة وهذه الأحكام متفق عليها عند الشافعية والحنابلة أما المالكية والحنفية فانظر مذهبهم تحت الخط




المالكية قالوا : تندب الإجابة للمتنفل ولكن يجب أن يقول عند : " حي على الصلاة حي على الفلاح " : لا حول ولا قوة إلا بالله إن أراد أن يتم فإن قالهما كما يقول المؤذن بطلت صلاته إن وقع ذلك عمدا أو جهلا . وأما المشغول بصلاة الفرض ولو كان فرضه منذورا فتكره له حكاية الأذان في الصلاة ويندب له أن يحكيه بعد الفراغ منه
الحنفية قالوا : إذا أجاب المصلي مؤذنا فسدت صلاته سواء قصد الإجابة أو لم يقصد شيئا . أما إذا قصدر الثناء على الله ورسوله فلا تبطل صلاته ولا فرق بين النفل والفرض



بخلاف المعلم والمتعلم فإن الإجابة تطلب منهما باتفاق ثلاثة من الأئمة وقال الحنفية : لا تطلب من المعلم أو المتعلم للعلم الشرعي أما القارئ والذاكر فتطلب منهما الإجابة باتفاق . وأما الأكل فتطلب الإجابة منه عند المالكية والحنابلة وقال الشافعية والحنفية : لا تطلب وتطلب الإجابة في الترجيع عند المالكية والشافعية القائلين به إلا أن الشافعية يقولون : يندب أن يجيبه مرتين والمالكية يقولون : يكتفي بالإجابة في أحدها وإذا تعدد المؤذنون وترتبوا أجاب كل واحد بالقول ندبا هذا ويندب أن يصلي على النبي صلى الله عليه و سلم بعد الإجابة ثم يقول : " اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته "


الأذان للصلاة الفائتة

يسن أن يؤذن للفائتة برفع الصوت إذا كان يصلي في جماعة سواء أكان في بيته أم في الصحراء بخلاف ما إذا كان يصلي في بيته منفردا فإنه لا يرفع صوته أما قضاء الفائتة في المسجد فإنه لا يؤذن لها مطلقا ولو كانت في جماعة وهذا الحكم متفق عليه إلا عند المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط




المالكية قالوا : يكره الأذان للفائتة مطلقا سواء كان المصلي في بيته أو في الصحراء وسواء كان في الجماعة أو منفردا بلا فرق بين أن يقضيها في مجلس واحد أو لا كثيرة كانت أو يسيرة



وإن كانت عليه فوائت كثيرة وأراد قضاءها في مجلس واحد أذن للأولى منها ويخير في باقيها وهذا الحكم متفق عليه بين الحنفية والحنابلة أما المالكية فقد عرفت أن الأذان عندهم مكروه للفائتة على أي حال والشافعية قالوا : يحرم الأذان لباقي الفوائت إذا قضاها في مجلس واحد أما لو أراد قضاء كل واحدة في مجلس فإنه يؤذن لها بخصوصها


الترسل في الأذان

الترسل معناه التمهل والتأني بحيث يفرد المؤذن كل جملة بصوته على أن الفقهاء لهم تفصيل في معنى الترسل فانظره تحت الخط




الحنفية قالوا : الترسل هو التمهل بحيث يأتي المؤذن بين كل جملتين بسكتة تسع إجابته فيما نطق به غير أن هذه السكتة تكون بين كل تكبيرتين لا بين كل تكبيرة وأخرى
المالكية قالوا : الترسل هو عدم تمطيط في الأذان وإنما يكون التمطيط مكروها ما لم يتفاحش عرفا وإلا حرم وبهذا تعلم أن الخروج بالأذان إلى الأغاني الملحونة في زماننا حرام عند المالكية وفي هذا من الزجر الشديد لمثل هؤلاء الناس ما لا يخفى



أما حكم الترسل فقد اتفق الحنفية والمالكية على أنه سنة وتركه مكروه بخلاف الشافعية والحنابلة فإنهم قالوا : إن الترسل مندوب وتركه خلاف الأولى أما معنى الترسل السابق فقد زاد فيه بعض المذاهب قيودا أخرى فانظره تحت الخط




الشافعية قالوا : الترسل هو التأني بحيث يفرد كل جملة بصوت إلا التكبير في أوله وفي آخره فيجمع كل جملتين في صوت واحد
الحنابلة قالوا : إن الترسل هو التمهل والتأني في الأذان



مكروهات الأذان : أذان الفاسق

يكره في الأذان أمور منها أذان الفاسق فلو أذن الفاسق صح مع الكراهة عند الحنفية والشافعية أما المالكية والحنابلة فانظر مذهبهم تحت الخط




المالكية قالوا : لا يصح أذان الفاسق إلا إذا اعتمد على غيره كما تقدم
الحنابلة قالوا : لا يصح أذان الفاسق بحال



ترك استقبال القبلة في الأذان وأذان المحدث

يكره ترك استقبال القبلة حال الأذان إلا للإسماع كما تقدم كما يكره أن يكون المؤذن محدثا أصغر أو أكبر والكراهة في الأكبر أشد وهذه الكراهة متفق عليها عند المالكية والشافعية أما الحنفية والحنابلة فانظر مذهبهم تحت الخط




الحنابلة والحنفية قالوا : يكره أذان الجنب فقط أما المحدث حدثا أصغر فلا يكره أذانه وزاد الحنفية أن أذان الجنب يعاد ندبا



الأذان لصلاة النساء

الأذان لصلاة النساء في الأداء والقضاء مكروه عند ثلاثة من الأئمة وخالف الشافعية فانظر مذهبهم تحت الخط




الشافعية قالوا : الأذان لصلاة النساء إن وقع من رجل فلا كراهة فيه وإن وقع من واحدة منهن فهو باطل ويحرم إن قصدن التشبة بالرجال أما إذا لم يقصدن ذلك كان أذانهن مجرد ذكر ولا كراهة فيه إذا خلا عن رفع الصوت



الكلام حال الأذان

يكره الكلام اليسير بغير ما يطلب شرعا . أما بما يطلب شرعا كرد السلام وتشميت العاطس ففيه خلاف المذاهب




الحنفية قالوا : يكره الكلام اليسير ولو برد السلام وتشميت العاطس ولا يطلب من المؤذن أن يرد أو يشمت لا في أثناء الأذان ولا بعده ولو في نفسه فإن وقع من المؤذن كلام في أثنائه أعاده
الشافعية قالوا : إن الكلام اليسير برد السلام وتشميت العاطس ليس مكروها وإنما هو خلاف الأولى على الراجح ويجب على المؤذن أن يرد السلام ويسن له أن يشمت العاطس بعد الفراغ وإن طال الفصل
الحنابلة قالوا : رد السلام وتشميت العاطس مباح وإن كان لا يجب عليه الرد مطلقا ويجوز الكلام اليسير عندهم في أثناء الأذان لحاجة غير شرعية كأن يناديه إنسان فيجيبه
المالكية قالوا : الكلام برد السلام وتشميت العاطس مكروه أثناء الأذان ويجب على المؤذن أن يرد السلام ويشمت العاطس بعد الفراغ منه



وإنما يكره الكلام حال الأذان ما لم يكن لإنقاذ أعمى ونحوه وإلا وجب فإن كان يسيرا بنى على ما مضى من أذانه وإن كان كثيرا استأنف الأذان من أوله ومنها أن يؤذن قاعدا أو راكبا من غير عذر إلا للمسافر فلا يكره أذانه وهو راكب ولو بلا عذر وهذا الحكم متفق عليه إلا عند المالكية فإن أذان الراكب عندهم غير مكروه على المعتمد


التغني بالأذان

التغني والترنم في الأذان بالطريقة المعروفة عند الناس في زماننا هذا لا يقرها الشرع لأنه عبادة يقصد منها الخشوع لله تعالى على أن في حكم ذلك تفصيل في المذاهب ذكرناه تحت الخط




الشافعية قالوا : التغني هو الانتقال من نغم إلى نغم آخر والسنة أن يستمر المؤذن في أذانه على نغم واحد
الحنابلة قالوا : التغني هو الإطراب بالأذان وهو مكروه عندهم
الحنفية قالوا : التغني بالأذان حسن إلا إذا أدى إلى تغيير الكلمات بزيادة حركة أو حرف فإنه يحرم فعله ولا يحل سماعه
المالكية قالوا : يكره التطريب في الأذان لمنافاته الخشوع إلا إذا تفاحش عرفا فإنه يحرم



هذا . ولا يكره أذان الصبي المميز والأعمى إذا كان معه من يدله على الوقت عند الحنفية والحنابلة أما المالكية والشافعية فانظر مذهبهم تحت الخط




الشافعية قالوا : يكره أذان الصبي المميز كما تقدم
المالكية قالوا : متى اعتمد الصبي المميز في أذانه أو في دخول الوقت على بالغ صح أذانه وإلا فلا



الإقامة


تعريفها وصفتها

الإقامة هي الإعلام بالقيام إلى الصلاة بذكر مخصوص وألفاظها هي " الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله " وهذه الصفة متفق عليها بين الحنابلة والشافعية أما الحنفية والمالكية فانظر مذهبهم تحت الخط الحنفية قالوا : إن تكبيرات الإقامة أربع في أولها واثنتان في آخرها وباقي ما ذكر في ألفاظها يذكر مرتين ونصها هكذا : " الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله "


حكم الإقامة

الإقامة كالأذان فحكمها حكمه عند ثلاثة من الأئمة وخالف المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط




المالكية قالوا : إن حكم الإقامة ليس كحكم الأذان المتقدم بل هي سنة عين لذكر بالغ وسنة كفاية لجماعة الذكورة البالغين ومندوبة عينا لصبي وامرأة إلا إذا كانا مع ذكر بالغ فأكثر فلا تندب لهما اكتفاء بإقامة الذكر البالغ



شروط الإقامة

شروط الإقامة كشروط الأذان المتقدمة قريبا . إلا في أمرين : أحدهما : الذكورة فإنها ليست شرطا في الإقامة فتصح إقامة المرأة بشرط أن تقيم لنفسها أما إذا كانت تصلي مع رجال فإن إقامتها لهم لا تصح عند الشافعية والمالكية أما الحنفية والحنابلة فانظر مذهبهم تحت الخط




الحنفية قالوا : إن الشروط المذكورة شروط كمال لا شروط صحةن كما تقدم فيكره أن يتخلف منها شرط والإقامة مثل الأذان في ذلك إلا أنه يعاد الأذان ندبا عند فقد شيء منها ولا تعاد الإقامة ومن هذا تعلم أن المرأة إذا أقامت الصلاة لرجال فإن إقامتها تصح مع الكراهة
الحنابلة قالوا : إن الذكورة شرط في الإقامة أيضا فلا تطلب من المرأة كما لا يطلب منها الأذان



ثانيهما : إن الإقامة يشترط اتصالها بالصلاة عرفا دون الأذان فلو أقام الصلاة ثم تكلم بكلام كثير أو شرب أو أكل أو نحو ذلك وصلى بدون إقامة فإنه يصح لأنه أتى بسنة الإقامة وهذا الحكم متفق عليه إلا عند الحنفية فانظر مذهبهم تحت الخط




الحنفية قالوا : لا تعاد الإقامة إلا إذا قطعها عن الصلاة كلام كثير أو عمل كثير كالأكل أما لو أقام المؤذن ثم صلى الإمام بعد الإقامة ركعتي الفجر فلا تعاد



وقت قيام المقتدي للصلاة عند الإقامة

اختلفت المذاهب في وقت قيام المقتدي الذي يسمع إقامة الصلاة فانظره تحت الخط




المالكية قالوا : يجوز لمن يريد الصلاة غير المقيم أن يقوم للصلاة حال الإقامة أو بعدها بقدر ما يستطيع ولا يحد ذلك بزمن معين أما المقيم فيقوم من ابتدائها
الشافعية قالوا : يسن أن يكون قيامه للصلاة عقب فراغ المقيم من الإقامة
الحنابلة قالوا : يسن أن يقوم عند قول المقيم : قد قامت الصلاة إذا رأى الإمام قد قام وإلا تأخر حتى يقوم
الحنفية قالوا : يقوم عند قول المقيم : " حي على الفلاح "



سنن الإقامة ومندوباتها

سنن الإقامة كسنن الأذان المتقدمة إلا في أمور : منها أنه يسن أن يكون الأذان بموضع مرتفع دون الإقامة باتفاق ثلاثة من الأئمة وخالف الحنابلة فانظر مذهبهم تحت الخط




الحنابلة قالوا : يسن أن تكون الإقامة بموضع عال كالأذان إلا أن يشق ذلك



ومنها أن يندب الترجيع في الأذان دون الإقامة عند من يقول بالترجيع وهم المالكية والشافعية أما الحنابلة والحنفية فقالوا : لا ترجيع لا في الأذان ولا في الإقامة ومنها أنه يسن في الأذان التأني ويسن في الإقامة الإسراع باتفاق ثلاثة وخالف المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط




المالكية قالوا : إن التأني المتقدم تفسيره في الأذان مطلوب في الإقامة أيضا



ومنها أنه يسن أن يضع المؤذن طرفي إصبعيه المسبحة في صماخ أذنيه باتفاق الحنابلة والشافعيةن وخالف المالكية والحنفية فانظر مذهبهم تحت الخط




الحنفية قالوا : إن هذا مندوب في الأذان دون الإقامة فالأحسن الإتيان به ولو تركه لم يكره
المالكية قالوا : وضع الأصبعين في الأذنين للإسماع في الأذان دون الإقامة جائز لا سنة



الأذان لقضاء الفوائت

يسن في قضاء الفوائت الأذان للأولى فقط بخلاف الإقامة فإنها تسن لكل فائتة عند ثلاثة من الأئمة وخالف المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط




المالكية قالوا : يكره الأذان للفوائت مطلقا بخلاف الإقامة فإنها تطلب لكل فائتة على التفصيل السابق



ثم إن الإقامة مطلوبة للرجل والمرأة بخلاف الأذان فإنه لا يطلب من المرأة عند ثلاثة وخالف الحنابلة فانظر مذهبهم تحت الخط




الحنابلة قالوا : لا تطلب الإقامة من المرأة أيضا بل تكره كما يكره أذانها



هذا ويزاد في الإقامة بعد فلاحها " قد قامت الصلاة " كما تقدم في نصها


الفصل بين الأذان والإقامة

أولا : يسن للمؤذن أن يجلس بين الأذان والإقامة بقدر ما يحضر الملازمون للصلاة في المسجد مع المحافظة على وقت الفضيلة إلا في صلاة المغرب فإنه لا يؤخرها وإنما يفصل بين الأذان والإقامة فيها بفاصل يسير كقراءة ثلاث آيات وهذا الحكم عند الشافعية والحنفية أما المالكية والحنابلة فانظر مذهبهم تحت الخط




المالكية قالوا : الأفضل للجماعة التي تنتظر غيرها تقديم الصلاة أول الوقت بعد صلاة النوافل القبلية إلا الظهر فالأفضل تأخيرها لربع القامة ويزاد على ذلك عند اشتداد الحر فيندب التأخير إلى وسط الوقت وأما الجماعة التي لا تنتظر غيرها والفذ فالأفضل لهم تقديم الصلاة أو الوقت مطلقا بعد النوافل القبلية إن كان للصلاة نوافل قبلية
الحنابلة قالوا : يجلس المؤذن بين الأذان والإقامة بقدر ما يفرغ قاضي الحاجة من حاجته والمتوضئ من وضوئه وصلاة ركعتين إلا في صلاة المغرب فإنه يندب أن يفصل بين الأذان والإقامة بجلسة خفيفة عرفا



أخذ الأجرة على الأذان ونحوه

ثانيا : يجوز أخذ الأجرة على الأذان ونحوه كالإمامة والتدريس باتفاق الحنفية والشافعية وخالف الحنابلة فانظر مذهبهم تحت الخط




المالكية قالوا : يجوز أخذ الأجرة على الأذان والإقامة وعلى الإمامة إن كانت تبعا للأذان أو للإقامة وأما أخذ الأجرة عليها استقلالا فمكروه إن كانت الأجرة من المصلين وأما إن كانت من الوقف أو بيت المال فلا تكره
الحنابلة قالوا : يحرم أخذ الأجرة على الأذان والإقامة إن وجد متطوع بهما وإلا رزق ولي الأمر من يقوم لهما من بيت مال المسلمين لحاجة المسلمين إليهما



الأذان في أذن المولود والمصروع ووقت الحريق والحرب ونحو ذلك

يندب الأذان في أذن المولود اليمنى عند ولادته كما تندب الإقامة في اليسرى وكذا يندب الأذان وقت الحريق ووقت الحرب وخلف المسافر . وفي أذن المهموم والمصروع


الصلاة على النبي قبل الأذان والتسابيح قبله بالليل

الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم عقبه مشروعة بلا خلاف سواء كانت من المؤذن أو من غيره لما رواه مسلم من أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فقوله : " ثم صلوا علي " عام يشمل المؤذن وغيره من السامعين ولم ينص الحديث على أن تكون الصلاة سرا فإذا رفع المؤذن صوته بالصلاة بتذكير الناس بهذا الحديث ليصلوا على النبي صلى الله عليه و سلم حسنا إنما الذي يجب الالتفات إليه هو الخروج بالصلاة والسلام عن معنى التعبد إلى التغني والإتيان بأناشيد تقتضي الانسلاخ من التعبد إلى التطريب كما يفعله بعض المؤذنين في زماننا فإن ذلك من أسوأ البدع التي ينبغي تركها وقد صرح الشافعية والحنابلة بأنها سنة ولعلهم أرادوا المعنى الذي ذكرناه أما التسابيح والاستغاثات بالليل قبل الأذان فمنهم من قال : إنها لا تجوز لأن فيها إيذاء للنائمين الذين لم يكلفهم الله ومنهم من قال : إنها تجوز لما فيه من التنبيه فهي وإن لم تكن عليها ضرر شرعي والأولى تركها إلا إذا كان الغرض منها إيقاظ الناس في رمضان لأن في ذلك منفعة لهم