الفقه على المذاهب الأربعة

الصلوة

صلاة كسوف الشمس


ويتعلق بها مباحث أولها : حكمها ودليله وحكمه مشروعيتها : ثانيها : كيفية صلاتها ثالثها : فرضها وسننها رابعها : حكم الخطبة فيها


حكمها ودليله وحكمة مشروعيتها

صلاة كسوف الشمس سنة مؤكدة وقد ثبت بقوله صلى الله عليه و سلم : " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم" رواه الشيخان
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه و سلم صلى لكسوف الشمس بحديث رواه الشيخان كما ثبت أنه صلى لخسوف القمر كما سيأتي أما حكمة مشروعيتهان فإن الشمس نعمة من أكبر نعم الله تعالى التي تتوقف عليها حياة الكائنات وظاهر أن كسوفها فيه إشعار بأنها قابلة للزوال بل فيه إشعار بأن العالم كله في قبضة إله قدير يمكنه أن يذهبه في لحظة فالصلاة في هذه الحالة معناها إظهار التذلل والخضوع لذلك الإله القوي المتين وذلك من محاسن الإسلام الذي جاء بالتوحيد الخالص وترك عبادة الأوثان ومنها الشمس والقمر وغيرهما من العوالم


كيفية صلاة كسوف الشمس

اتفق ثلاثة من الأئمة على أنها ركعتان بدون زيادة فإن فرغ منها قبل انجلائها دعا الله تعالى حتى تنجلي ويزيد في كل ركعة منها قياما وركوعا فتكون كل ركعة مشتملة على ركوعين وقيامين وخالف الحنفية في ذلك . فانظر ممذهبهم تحت الخط




الحنفية قالوا : صلاة الكسوف لا تصح بركوعين وقيامين بل لا بد من قيام واحد وركوع واحد كهيئة النفل بلا فرق على أنهم قالوا : أقلها ركعتان وله أن يصلي أربعا أو أكثر والأفضل أن يصلي أربعا بتسليمة واحدة أو بتسليمتين



على أن الذين خالفوا الحنفية قالوا : إنه يصح أداء صلاة الكسوف بغير هذه الكيفية فلو صلاها ركعتين كهيئة النفل أجزأه ذلك بدون كراهة فالفرق بينهم وبين الحنفية هو أن الحنفية يقولون : لا بد من صلاتها بركوع واحد وقيام واحد وغيرهم يقول : يجوز أن يصليها بالكيفية المذكورة وبغيرها ومن قال : إنها تصلي بركوعين وقيامين فإنه يقول : إن الفرض هو القيام الأول والركوع الأول . أما القيام الثاني والركوع الثاني فهو مندوب على هذا


سنن صلاة الكسوف

يسن أن يطيل القراءة فيقرأ في القيام الأول من الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة " البقرة " أو نحوها وفي القيام الثاني منها بعد الفاتحة سورة " آل عمران " أو نحوها ويقرأ في القيام الأول من الركعة الثانية نحو سورة " النساء " وفي القيام الثاني نحو سورة " المائدة " بعد الفاتحة فيهما وهذه الكيفية متفق عليها إلا عند الحنفية فانظر مذهبهم تحت الخط




الحنفية قالوا : يسن تطويل القراءة في الركعة الأولى بنحو سورة " البقرة " وفي الثانية بنحو " آل عمران " ولو خففهما وطول الدعاء فقد أتى بالسنة . لأن السنة عندهم استيعاب وقت الكسوف بالصلاة والدعاء فإذا خفف أحدهما طول الآخر ليبقى على الخشوع والخوف إلى الانجلاء



ويسن أن يطيل الركوع والسجود في كل من الركعتين بمقادير مختلفة في المذاهب




الحنفية قالوا : يسن تطويل الركوع والسجود فيهما بلا حد معين
الحنابلة قالوا : يطيل الركوعين في كل ركعة بلا حد ولكن يسبح في الركوع الأول من الركعة الأولى بمقدار مائة آية . وفي الركوع الثاني منها بمقدار سبعين آية ومثلها الركعة الثانية إلا أن أفعالها تكون أقصر من أفعال الأولى أما السجود فيسن تطويله في كل من الركعتين بحسب العرف
الشافعية قالوا : يطيل الركوع الأول من الركعة الأولى بمقدار مائة آية من سورة " البقرة " والثاني بمقدار ثمانين آية منها ويطيل الأول من الركعة الثانية بمقدار سبعين آية منها والثاني بمقدار خمسين آية منها أما السجود فإنه يطيل منه السجدة من كل ركعة بمقدار الركوع الأول منها ويطيل السجدة الثانية من كل ركعة بمقدار الركوع الثاني منها
المالكية قالوا : يندب تطويل كل ركوع بما يقرب من قراءة السورة التي قبله فيطول الركوع الأول بما يقرب من قراءة سورة " البقرة " والثاني بما يقرب من قراءة سورة " آل عمران " وهكذا أما السجود في كل ركعة فيندب تطويله كالركوع الذي قبله والسجدة الثانية تكون أقصر من الأولى قريبا منها ويندب أن يسبح في ركوعه وسجوده



فلا تدرك الركعة بالدخول مع الإمام في القيام الثاني أو الركوع الثاني من كل ركعة وخالف المالكية في ذلك فانظر مذهبهم تحت الخط




المالكية قالوا : الفرض في كل ركعة هو قيامها وركوعها الأخيران والسنة هو الأولان فلو دخل مع الإمام في القيام الثاني في إحدى الركعتين فقد أدرك الركعة



ولا يراعى حال المأمومين في هذه الصلاة . فيشرع التطويل فيها على ما تقدم ولو لم يرض المأموم باتفاق ثلاثة وخالف المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط




المالكية قالوا : إنما يشرع التطويل فيها على الصفة المتقدمة ما لم يتضرر المأمومون أو يخش خروج وقتها الذي هو من حل النافلة إلى زوال الشمس



ولا أذان لها ولا إقامة وإنما يندب أن ينادى لها بقول : " الصلاة جامعة " يندب إسرار القراءة إلا عند الحنابلةن فإنهم قالوا : يسن الجهر بالقراءة فيها ويندب أن تصلى جماعة ولا يشترط في إمامها أن يكون إمام الجمعة أو مأذونا من قبل السلطان وخالف الحنفية في ذلك فانظر مذهبهم تحت الخط




الحنفية قالوا : يشترط في إمامها أن يكون إمام الجمعة على الصحيح فإن لم يوجد فلا بد من إذن السلطان فإن لم يمكن ذلك صليت فرادى في المنازل



ويندب فعلها في الجامع باتفاق ثلاثة وقال المالكية : لا يندب فعلها في الجامع إلا إذا صلاها جماعة أما المنفرد فله أن يصليها في أي مكان شاء


وقت صلاة الكسوف

وقتها من ابتداء الكسوف إلى أن تنجلي الشمس ما لم يكن الوقت وقت نهي عن النافلة فإذا وقع الكسوف في الأوقات التي ينهي عن النافلة فيها اقتصر على الدعاء ولا يصلي عند الحنفية والحنابلة أما المالكية والشافعية فانظر مذهبهم تحت الخط




الشافعية قالوا : متى تيقن كسوف الشمس سن له أن يصلي هذه الصلاة . ولو في وقت النهي لأنها صلاة ذات سبب
المالكية قالوا : وقتها من حل النافلة وهو ارتفاع الشمس بعد طلوعها قدر رمح إلى الزوال فلا تصلي قبل هذا الوقت ولا بعده



الخطبة في صلاة الكسوف

الخطبة غير مشروعة فيها فإذا انجلت الشمس أثناء الصلاة أتمها على صفتها فإذا غربت الشمس منكسفة فلا يصلي لها أما كون الخطبة غير مشروعة فهو متفق عليه إلا عند الشافعية فانظر مذهبهم تحت الخط




الشافعية قالوا : يسن لها خطبتان لجماعة الرجال - كالعيد - بعد صلاتها ولو انجلت الشمس ويبدل التكبير بالاستغفار لأنه هو المناسب للحال ولا يشترط فيهما من شروط خطبتي الجمعة إلا أن يسمع الناس وكونها باللغة العربية وكون الخطيب ذكرا
المالكية قالوا : إذا انجلت الشمس بتمامها أثناء الصلاة فإن كان ذلك قبل إتمام ركعة بسجدتيها أتمها كالنوافل من غير زيادة القيام والركوع في كل ركعة ومن غير تطويل أما إذا كان ذلك بعد تمام ركعة بسجدتيها فقيل : يتمها على هيئتها بزيادة القيام والركوع ولكن من غير تطويل وقيل : يتمها كالنوافل والقولان متساويان
الحنفية قالوا : صلاة خسوف القمر كصلاة كسوف الشمس إلا أنها مندوبة ولا تشرع فيها الجماعة ولا يسن إيقاعها في الجامع بل تؤدي في المنازل وحدانا
الشافعية قالوا : صلاة الخسوف كصلاة الكسوف إلا في أمرين : أحدهما : الجهر بالقراءة في الخسوف دون الكسوف ثانيهما : إن صلاة الكسوف تفوت بغروب الشمس كاسفة . بخلاف القمر فإنه إذا غرب خاسفا فعلت صلاته إلى أن تطلع الشمس وإذا فاته كل من صلاة الكسوف والخسوف لم يقض



صلاة خسوف القمر والصلاة عند الفزع

وأما صلاة خسوف القمر فحكمها وصفتها كصلاة كسوف الشمس المتقدمة إلا في أمور مفصلة في المذاهب




المالكية قالوا : صلاة خسوف القمر مندوبة لا سنة على المعتمد بخلاف الكسوف فإنها سنة كما تقدم وصفتها كالنوافل بلا تطويل في القراءة وبدون زيادة القيام والركوع ويندب الجهر فيها بالقراءة ووقتها من ابتداء الخسوف إلى انجلاء القمر وينهى عنها في أوقات النهي عن النافلة ويحصل المندوب بصلاة ركعتين ويندب تكرارها حتى ينجلي القمر أو يغيب أو يطلع الفجر بخلاف صلاة الكسوف فإنه لا تكرر إلا إذا انجلت الشمس ثم انكسفت ويكره إيقاعها في المسجد كما تكره الجماعة فيها
الحنابلة قالوا : صلاة الخسوف كالكسوف إلا أنه إذا غاب القمر خاسفا ليلا أديت صلاة الخسوف بخلاف الشمس كما تقدم



وأما الصلاة عند الفزع فهي مندوبة فندب أن يصلي ركعتين عند الفزع من الزلازل أو الصواعق أو الظلمة والريح الشديدين أو الوباء أو نحو ذلك من الأهوال لأنها آيات من الله تعالى يخوف بها عباده ليتركوا المعاصي ويرجعوا إلى طاعته فعند وقعها ينبغي الرجوه إليه تعالى بالعبادة التي يدور عليها أمر سعادتهم في الدنيا والآخرة وهي كالنوافل المطلقة فلا جماعة لها ولا خطبة ولا يسن فعلها في المسجد بل الأفضل فيها أن تؤدي بالمنازل وهذا متفق عليه عند المالكية والحنفية . أما الحنابلة فقالوا : لا تندب الصلاة لشيء من الأشياء المذكورة إلا للزلازل إذا دامت فيصلي لها ركعتان كصلاة الكسوف وأما الشافعية فلم يذكروا أن الصلاة مندوبة لشيء من هذه الأمور


الأوقات التي نهى الشارع عن الصلاة فيها

تقدم في مباحث أوقات الصلاة الخمس المفروضة أن للصلوات أوقاتا تؤدي فيها . بحيث لو تأخرت عنها كان المصلي آثما إذا فعلها في وقت الحرمة وفاعلا للمكروه إذا صلاها في وقت الكراهة ولكن اتفق ثلاثة من الأئمة على أن الصلاة تكون صحيحة متى وقعت بعد دخول وقتها وخالف الحنفية في ثلاثة من الأئمة على أن الصلاة تكون صحيحة متى وقعت بعد دخول وقتها وخالف الحنفية في ثلاثة أوقات فقالوا : إن الصلاة المفروضة لا تنعقد فيها أصلا فانظر مذهبهم تحت الخط




الحنفية قالوا : إن الصلاة المفروضة لا تنعقد أصلا في ثلاثة أوقات : أحدها : وقت طلوع الشمس إلى أن ترتفع فلو شرع في صلاة الصبح قبل طلوع الشمس ثم طلعت الشمس قبل أن يفرغ من صلاته بطلت صلاته إلا إذا كان في الركعة الأخيرة وجلس بمقدار التشهد فإنهم اختلفوا في هذه الحالة فمنهم من قال تبطل ومنهم من قال : لا ثانيها : وقت توسط الشمس في كبد السماء إلى أن تزول وقد تقدم معنى الزوال في مباحث " أوقات الصلاة ثالثها : وقت احمرار الشمس حال غروبها إلى أن تغرب إلا عصر اليوم نفسه فإنه ينعقد ويصح بعد احمرار الشمس المذكور عند غروبها مع الكراهة التحريمية ومثل الصلوات المفروضة في هذا الحكم سجدة التلاوة ولكن عدم صحة سجدة التلاوة في هذه الأوقات مشروطة بوجوبها قبل دخول هذه الأوقات بأ سمعها مثلا قبل طلوع الشمس ثم سجد وقت طلوع الشمس أما إذا سمع آية سجدة في وقت من هذه الأوقات وسجد فإنه يصح فلو سمع قارئا يقرأ آية سجدة عند طلوع الشمس أو وقت توسط الشمس في كبد السماء أو حال احمرار الشمس عند غروبها وسجد فإن سجدته تصح ولكن الأفضل تأخير السجدة إلى الوقت من هذه الأوقات ولم يصل عليها فلا يصح له أن يصلي عليها عند دخول هذه الأوقات أما إذا حضرت وقت دخولها فإن الصلاة عليها تصح بل يكره تأخير الصلاة إلى الوقت الذي تجوز فيه الصلاة وهذا كله في الصلوات المفروضة



وأما صلاة النافلة فقد اختلفت آراء المذاهب في أوقاتها المنهي عن صلاتها فيها فانظرها تحت الخط




الحنفية قالوا : يكره التنفل تحريما في أوقات وهي : بعد طلوع الفجر قبل صلاة الصبح إلا سنتها فلا تكره وبعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس فلا يصلي في هذا الوقت نافلة ولو سنة الفجر إذا فاتته لأنها متى فاتت وحدها سقطت ولا تعاد كما تقدم وبعد صلاة فرض العصر إلى غروب الشمس وعند خروج الخطيب من خلوته للخطبة سواء كانت خطبة جمعة أو عيد أو حج أو نكاح أو كسوف أو استسقاء وعند إقامة المؤذن للصلاة المكتوبة إلا سنة الفجر إذا أمن فوت الجماعة في الصبح كما تقدم وقبل صلاة العيد وبعدها على ما تقدم وبين الظهر والعصر المجموعتين في عرفة جمع تقديم ولو سنة الظهر وبين المغرب والعشاء المجموعتين في المزدلفة جمع تأخير ولو سنة المغرب وعند ضيق وقت المكتوبة وإذا وقع النفل في وقت من هذه الأوقات انعقد مع الكراهة التحريميةن ويجب قطعه وأداؤه في وقت الجواز
الحنابلة قالوا : يحرم التنفل ولا ينعقد ولو كان له سبب في أوقات ثلاثة وهي : أولا : من طلوع الفجر إلى ارتفاع الشمس قدر رمح إلا ركعتي الفجر فإنها تصح في هذا الوقت قبل صلاة الصبح وتحرم ولا تنعقد بعده ثانيا : من صلاة العصر ولو مجموعة مع الظهر جمع تقديم إلى تمام الغروب إلا سنة الظهر فإنها تجوز بعد العصر المجموعة مع الظهر ثالثا : عند توسط الشمس في كبد السماء حتى نزول ويستثنى من ذلك كله ركعتا الطواف فإنها تصح في هذه الأوقات مع كونها نافلة ومثلها الصلاة المعادة . بشرط أن تقام الجماعة وهو بالمسجد فإنه يصح أن يعيد الصلاة التي صلاها مع الجماعة وإن وقعت نافلة وكذا تحية المسجد إذا دخل حال خطبة الإمام وقت توسط الشمس في كبد السماء فإنها تصح وإذا شرع في صلاة النافلة قبل دخول وقت من هذه الأوقات ثم دخل الوقت وهو فيها فإنه يحرم عليه إتمامها وإن كان صحيحة أما صلاة الجنازة فإنها تحرم في وقت توسط الشمس في كبد السماء إلى أن تزول وفي وقت شروعها في الغروب إلى أن يتكامل الغربو وفي وقت طلوعها إلى أن تتكامل فيحرم فعلها في هذه الأوقات ولا تنعقد إلا لعذر فيجوز
الشافعية قالوا : تكره صلاة النافلة التي ليس لها سبب تحريما ولا تنعقد في خمسة أوقات وهي : أولا : بعد صلاة الصبح أداء إلى أن ترتفع الشمس : ثانيا : عند طلوع الشمس إلى ارتفاعها قدر رمح ثالثا : بعد صلاة العصر أداء ولو مجموعة مع الظهر في وقته رابعا : عند اصفرار الشمس حتى تغرب خامسا : وقت استواء الشمس في كبد السماء إلى أن تزول أما الصلاة التي لها سبب متقدم عليها كتحية المسجد وسنة الوضوء وركعتي الطواف فإنها تصح بدون كراهة في هذه الأوقات لوجود سببها المتقدم وهو الطواف والوضوء ودخول المسجد وكذا الصلاة التي لها سبب مقارن كصلاة الاستسقاء والكسوف فإنها تصح بدون كراهة أيضا لوجود سببها المقارن وهو القحط وتغيب الشمس أما الصلاة التي لها سبب متأخر كصلاة الاستخارة والتوبة فإنها لا تنعقد لتأخير سببها ويستثنى من ذلك الصلاة بمكة فإنها تنعقد بلا كراهة في أي وقت من أوقات الكراهة وإن كانت خلاف الأولى ويستثنى أيضا من وقت الاستواء يوم الجمعة فإنه لا تحرم فيه الصلاة نعم تحرم الصلاة مطلقا بعد جلوس الخطيب على المنبر يوم الجمعة إلا تحية المسجد فإنها تسن بشرط أن لا تزيد عن ركعتين فلو قام لثالثة بطلت صلاته كلها وأما خطبة غير الجمعة فتكره الصلاة فيها تنزيها ويكره تنزيها التنفل عند إقامة الصلاة المفروضة غير الجمعة أما هي فيحرم التنفل عند إقامتها إن ترتب عليه فوات ركوعها الثاني مع الإمام ويجب قطع النافلة عند ذلك وإذا شرع في النفل قبل إقامة الصلاة ثم أقيمت وهو يصليه أتمه إن لم يخش فوات الجماعة بسلام الإمام وإلا ندب له قطعه إن لم يغلب على ظنه الحصول على جماعة أخرى
المالكية قالوا : يحرم التنفل وهو كل ما عدا الصلوات الخمس المفروضة كالجنازة التي لم يخف عليها التغير وسجود التلاوة وسجود السهو في سبع أوقات وهي من ابتداء طلوع الشمس إلى تمامه ومن ابتداء غروب الشمس إلى تمامه وحال خطبة الجمعة اتفاقا والعيد على الراجح وحال خروج الإمام للخطبة وحال ضيق الوقت الاختياري أو الضروري للصلاة المكتوبة وحال تذكر الفائتة - إلا الوتر لخفته - لأنه يجب قضاءها بمجرد تذكرها لقوله صلى الله عليه و سلم : " من نسي صلاة فليصليها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك " وحال إقامة الصلاة للإمام الراتب لقوله عليه الصلاة و السلام : " وإذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة " ويكره ما ذكر من النفل وما ماثله مما تقدم في أوقات . الأول : بعد طلوع الفجر إلى قبيل طلوع الشمس ويستثنى من ذلك أمور : رغيبة الفجر فلا تكره قبل صلاة الصبح أما بعدها فتكره والورد وهو ما رتبه الشخص على نفسه من الصلاة ليلا فلا يكره فعله بعد طلوع الفجر . بل يندب ولكن بشروط :
1 - أن يفعله قبل صلاة الفجر والصبح فإن صلى الصبح فات الورد وإن تذكره في أثناء ركعتي الفجر قطعهما وصلى الورد وإن تذكره بعد الفراغ منهما صلى الورد وأعاد الفجر لأن الورد لا يفوت إلا بصلاة الصبح كما تقدم 2 - أن يكون فعله قبل الاسفار فإن دخل الاسفار كره فعله 3 - أن يكون معتادا له فإن لم يعتد التنفل في الليل كره له التنفل بعد طلوع الفجر 4 - أن يكون تأخيره بسبب غلبة النوم آخر الليل فإن أخره كسلا كره فعله بعد طلوع الفجر 5 - أن لا يخاف بفعله فوات صلاة الصبح في جماعة وإلا كره الورد إن كان الشخص خارج المسجد وحرام إن كان فيه . وكانت الجماعة للإمام الراتب ويستثنى أيضا من الكراهة في الوقت المذكور صلاة الشفع والوتر إذا لم يصلهما حتى طلع الفجر فإنه يطالب بهما ما دام لم يصل الصبح إلا إذا أخر الصبح حتى بقي على طلوع الشمس مقدار صلاته فقط فإنه يترك الشفع والوتر حينئذ ويصليه ويستثنى أيضا صلاة الجنازة وسجود التلاوة إذا فعل قبل الإسفار ولو بعد صلاة الصبح . فلا تكرهان أما بعد الإسفار فتكره صلاتهما إلا إذا خيف على الجنازة التغير بالتأخير فلا تؤخر الثاني : من أوقات الكراهة بعد تمام طلوع الشمس إلى أن ترتفع قدر رمح وهو اثنا عشر شبرا بالشبر المتوسط الثالث : بعد أداء فرض العصر إلى قبيل الغروب ويستثنى من ذلك صلاة الجنازة وسجود التلاوة إذا فعلا قبل اصفرار الشمس أما بعد الاصفرار فتكرهان إلا إذا خيف على الجنازة التغير الرابع : بعد تمام غروب الشمس إلى أن تصلى المغرب الخامس : قبل صلاة العيد أو بعدها بالمصلى على التفصيل السابق وإنما ينهى عن التنفل في جميع الأوقات السابقة - أوقات الحرمة والكراهة - إذا كان مقصودا فمتى قصد التنفل كان منهيا عنه نهي تحريم أو كراهة على ما تقدم ولو كان منذورا أو قضاء نفل أفسده أما إذا كان النفل غير مقصود كأن شرع في فريضة وقت النهي فتذكر أن عليه فائتة بعد صلاة ركعة من الفرض الحاضر فإنه يندب أن يضم إليها ركعة أخرى ويجعله نفلا ولا يكره وإذا أحرم بنفل في وقت النهي وجب عليه قطعه إن كان في أوقات الحرمة إلا من دخل المسجد والإمام يخطب فشرع في النفل جهلا أو نسيانا فلا يقطعه أما إذا خرج الخطيب إلى المنبر بعد الشروع في النفل فلا يقطعه ولو لم يعقد ركعة بل يجب الإتمام وندب له قطعه في أوقات الكراهة ولا قضاء عليه فيهما



قضاء النافلة إذا فات وقتها أو فسدت بعد الشروع


إذا فاتت النافلة فلا تقضى إلا ركعتي الفجر فإنهما يقضيان من وقت حل النافلة بعد طلوع الشمس إلى الزوال على التفصيل المتقدم باتفاق الحنفية والمالكية وخالف الشافعية والحنابلة فانظر مذهبهم تحت الخط




الشافعية قالوا : يندب قضاء النفل الذي له وقت كالنوافل التابعة للمكتوبة والضحى والعيدين أما ما ليس له وقت فإنه لا يقضي سواء كان له سبب كصلاة الكسوف أو ليس له سبب كالنفل المطلق
الحنابلة قالوا : لا يندب قضاء شيء من النوافل إلا السنن التابعة للفريضة والوتر



وإذا شرع في النفل ثم أفسده فلا يجب عليه قضاؤه لأنه لا يتعين بالشروع فيه باتفاق الشافعية والحنابلة وخالف المالكية والحنفية فانظر مذهبهم تحت الخط




الحنفية قالوا : إذا شرع في النفل المطلوب منه ثم أفسده لزمه قضاءه : فإن نوى ركعتين أو لم ينو عددا ثم أفسده لزمه قضاء ركعتين وكذا إن نوى أربعا على الصحيح ولو شرع في نفل يظنه مطلوبا منه ثم تبين له أثناء الصلاة أنه غير مطلوب لم يلزمه قضاءه
المالكية قالوا : يجب قضاء النفل إذا أفسده فإن نوى ركعتين أو لم ينو عددا ثم أفسده وجب عليه قضاء ركعتين . أما إذا نوى أربع ركعات ثم أفسدها : فإن كان الافساد قبل عقد الركعة الثالثة برفع رأسه من ركوعها مطمئنا معتدلا وجب قضاء ركعتين وإن كان بعد عقد الركعة الثالثة بما ذكر وجب عليه قضاء أربع ركعات



هل تصلي النافلة في المنزل أو في المسجد ؟

صلاة النافلة في المنزل أفضل لقوله عليه الصلاة و السلام : " صلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة " رواه البخاري ومسلم ويستثنى النافلة التي شرعت لها الجماعة كالتراويح فإن فعلها في المسجد أفضل على التفصيل المتقدم في مبحثها


صلاة النفل على الدابة

وتجوز صلاة النافلة على الدابة بلا عذر على تفصيل في المذاهب فانظره تحت الخط




الشافعية قالوا : صلاة النافلة على الدابة جائزة إلى الجهة التي يقصدها المسافر ولا يجوز له الانحراف عنها إلا للقبلة فإن انحراف لغير القبلة عالما عامدا بطلت صلاته . وإنماتجوز بشرط السفر ولو لم يكن سفر قصر ويصليها صلاة تامة بركوع وسجود . إلا إذا الشافعية قالوا : عليه ذلك فإنه يومئ بركوعه وسجوده بحيث يكون انحناء السجود أخفض من انحناء الركوع إن سهل وإلا فعل ما أمكنه ويجب عليه فيها استقبال القبلة إن لم يشق عليه . فإن شق عليه استقبالها في كل الصلاة وجب عليه أن يستقبلها عند افتتاح الصلاة بتكبيرة الإحرام فإن شق عليه ذلك أيضا سقط استقبال القبلة بشروط ستة : الأول : أن يكون السفر مباحا الثاني : أن يقصد السفر إلى مكان لا يسمع فيه نداء الجمعة . الثالث : أن يكون السفر لغرض شرعي كالتجارة الرابع : دوام السفر حتى يفرغ من الصلاة التي شرع فيها فلو قطع السفر وهو يصلي لزمه استقبالها الخامس : دوام السير فلو نزل أو وقف للاستراحة في أثناء الصلاة لزمه الاستقبال ما دام غير سائر السادس : ترك فعل الكثير بلا عذر كالركض والعدو بلا حاجة في أثناء الصلاة المذكورة أما إن كان لحاجة فلا يضر ويجب أن يكون مكانه على الدابة طاهرا بخلاف ما إذا بالت الدابة أو دمي فمها أو وطئت نجاسة رطبة : فإن كان زمامها بيده بطلت صلاته وإلا فلا أما إن كانت النجاسة جافة فإن فارقتها الدابة حالا صحت الصلاة وإلا فلا تصح ومن جعل دابته تطأ نجاسة بطلت صلاته مطلقا ويجوز للمسافر أن يتنفل ماشيا فإن كان في غير وحل لزمه إتمام الركوع والسجود والتوجه فيهما إلى القبلة كما يجب عليه التوجه إليها عند إحرامه والجلوس بين السجدتين ولا يمشي إلا في قيامه واعتداله من الركوع قائما وتشهده وسلامه كذلك ومن كان ماشيا في نحو ثلج أو وحل أو ماء جاز له الإيماء بالركوع والسجود إلا أنه يلزمه استقبال القبلة فيهما والماشي إذا وطئ نجاسة عمدا في أثنائها بطلت صلاته مطلقا فإن وطئها سهوا صحت صلاته إن كانت جافة وفارقها حالا وإلا بطلت صلاته
المالكية قالوا : يجوز للمسافر سفرا تقصر فيه الصلاة - وسيأتي بيانه - أن يصلي النفل ولو كان وترا على ظهر الدابة بشرط أن يكون راكبا لها ركوبا معتادا وله ذلك متى وصل إلى مبدأ قصر للصلاة على الأحوط ثم إن كان راكبا في " شقدف وتختروان " ونحوهما مما يتيسر في الركوع والسجود عادة صلى بالركوع والسجود قائما أو جالسا إن شاء بالإيماء ويقوم استقبال جهة السفر مقام استقبال القبلة وإن كان راكبا لأتان ونحوها صلى بالركوع والإيماء للسجود بشرط أن يكون الإيماء للأرض لا للسرج ونحوه وأن يحسر عمامته عن جبهته ولا تشترط طهارة الأرض التي يومئ لها . ولا يجب عليه استقبال القبلة أيضا . ويكفيه استقبال جهة السفر فلو انحرف عنها عمدا لغير ضرورة بطلت صلاته . إلا إن كان الانحراف للقبلة فتصح لأن القبلة هي الأصل ويندب للمسافر المذكور أن يبدأ صلاته لجهة القبلة ولا يجب ولو تيسر أما الماشي والمسافر سفرا لا تقصر فيه الصلاة لكونه قصيرا أو غير مباح مثلا وكذا راكب الدابة ركوبا غير معتاد - كالراكب مقلوبا - فلا تصح صلاته إلا بالاستقبال والركوع والسجود . ويجوز للمتنفل على الدابة أن يفعل ما لا بد منه من ضرب الدابة بسوط ونحوه وتحريك رجله وإمساك زمامها بيده ولكنه لا يتكلم ولا يلتفت وإذا شرع في الصلاة على ظهرها ثم وقف فإن نوى إقامة تقطع حكم السفر نزل وتمم بالأرض بالركوع والسجود وغلا خفف القراءة وأتم على ظهرها وأما الفرض على ظهر الدابة ولو كان نفلا منذورا فلا يصح إلا في الهودج ونحوه بشرط استقبال القبلة والركوع والسجود والقيام أما على الأتان ونحوها فلا يصح إلا لضرورة كما تقدم في مباحث " استقبال القبلة في صلاة الفرض "
الحنفية قالوا : تندب الصلاة على الدابة إلى أي جهة توجهت إليها دابته فلو صلى إلى جهة غير التي توجهت إليها دابته لا تصح لعدم الضرورة ولا يشترط في ذلك السفر بل يتنفل المقيم بلا عذر متى جاوز المصر إلى المحل الذي يجوز للمسافر فيه الصلاة فيه وينبغي أن يومئ لأن الصلاة على الدابة شرعت بالإيماء فلو سجد على شيء وضعه أو سجد على السرج اعتبر سجوده إيماء إن كان أخفض من الركوع ولا يشترط استقبال القبلة في ابتداء الصلاة لأنها لما جازت إلى غير جهة الكعبة جاز الافتتاح إلى غير جهتها نعم يستحب ذلك مع عدم المشقة ويجوز أن يحث دابته على السير بالعمل القليل كما يجوز له أن يفتتح صلاته على الدابة ثم ينزل عنها بالعمل القليل ويتمها بانيا على ما صلاه أما إذا افتتح الصلاة وهو على الأرض فلا يجوز له أن يتمها بانيا على ظهر الدابة ولو افتتح صلاته خارج المصر ثم دخل المصر أتم على الدابة وأما صلاة الفرض والواجب وسنة الفجر فإنها لا تجوز على الدابة إلا لضرورة كخوف من لص أو سبع على نفسه أو دابته أو ثيابه لو نزل وقد تقدم بيانه في " استقبال القبلة " ولا يمنع صحة الصلاة على الدابة نجاسة كثيرة عليها . ولو كانت في السرج والركابين في الأصح ولا يجوز للماشي أن يتنفل ماشيا بل يقف إذا أراد التنفل ويؤدي الصلاة تامة
الحنابلة قالوا : يجوز للمسافر سفرا مباحا إلى جهة معينة سواء كان سفر قصر أو لا أن يتنفل على ظهر الدابة أو على الأرض إذا كان ماشيا ويجب على المتنفل على الدابة أن يركع ويسجد ويستقبل القبلة في جميع الصلاة متى أمكنه ذلك بلا مشقة . فإن شق عليه شيء من ذلك فلا يجب فيستقبل جهة سفره إن شق عليه استقبال القبلة ويومئ للركوع أو السجود إن تعسر واحد منهما ويلزم أن يكون الإيماء للسجود أخفض من الإيماء للركوع إن تيسر وأما الماشي فيلزمه افتتاح الصلاة إلى جهة القبلة . وأن يركع ويسجد بالأرض إلى جهة القبلة أيضا ويفعل باقي الصلاة وهو ماس مستقبلا جهة مقصده ومن كان يتنفل على الدابة وهو ماش وكان مستقبلا جهة مقصده ثم عدلت به دابته أو عدل هو عنها فإن كان العدل لجهة القبلة صحت وإن كان لغيرها فإن كان لغير عذر بطلت صلاته مطلقا وإن كان لعذر وطال العدول عرفا بطلت وإلا فلا ويشترط طهارة ما تحت الراكب المتنفل من برذغة ونحوها بخلاف الحيوان فلا تشترط طهارته أما من سافر ولم يقصد جهة معينة وكذا من سافر سفرا مكروها أو محرما فإنه يلزمه كل ما يلزم في الصلاة من استقبال القبلة وغيرها