الفقه على المذاهب الأربعة

الصلوة

مباحث الإمامة في الصلاة


يتعلق بها مباحث : الأول : تعريفها وبيان العدد الذي تتحقق به الثاني : حكمها ودليله الثالث : شروطها ويتعلق بالشروط أمور : منها حكم إمامة النساء ومنها حكم إمامه الصبي المميز ومنها حكم إمامة الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب ومنها حكم إمامة المحدث الذي نسي حدثه ومنها حكم إمامة الألثغ ونحوه ومنها نية المأموم الاقتداء ومنها نية الإمام الإمامة ومنها اقتداء الذي يصلي فرضا بإمام يصلي نفلا ومنها متابعة المأموم لإمامه ومنها اتحاد فرض المأموم والإمام فلا تصح صلاة الظهر خلف عصر مثلا فكل هذه المباحث تتعلق بمبحث واحد من مباحث الإمامة وهو المبحث الثالث وبقي من مباحثها المبحث الرابع : أعني الأعذار التي تسقط بها صلاة الجماعة الخامس : مبحث من له حق التقدم في الإمامة السادس : مبحث مكروهات الإمامة السابع : مبحث كيف يقف المأموم مع إمامه ؟ وكيف يقف الإمام مع المأمومين ؟ ومن أحق بالوقوف في الصف الأول الثامن : تراص الصفوف وتسويتها التاسع : يصح لمن صلى فرضا جماعة أن يصلي مع جماعة أخرى العاشر : تكرار الجماعة في المسجد الواحد الحادي عشر : مبحث بيان القدر الذي تدرك به الجماعة الثاني عشر : مبحث إذا فات المقتدي أداء بعض الركعات أو كلها مع إمامه لعذر كزحمة ونحوها الثالث عشر : مبحث الاستخلاف . وإليك بيانها بالعناوين الآتية


تعريف الإمامة في الصلاة وبيان العدد الذي تتحقق به

الإمامة في الصلاة معروفة وهي أن يربط الإنسان صلاته بصلاة إمام مستكمل للشروط الآتي بيانها فيتبعه في قيامه وركوعه وسجوده وجلوسه ونحو ذلك مما تقدم بيانه في " أحكام الصلاة " فهذا الربط يقال له : إمامة ولا يخفى أن هذا الربط واقع من المأموم : لأنه كناية عن اتباع المأموم الإمام في أفعال الصلاة . بحيث لو بطلت صلاة المأموم لا تبطل صلاة الإمام أما إذا بطلت صلاة الإمام فإن صلاة المأموم تبطل لأنه قد ربط صلاته بصلاة الإمام وتتحقق الإمامة في الصلاة بواحد مع الإمام فأكثر لا فرق بين أن يكون الواحد المذكور رجلا أو امرأة باتفاق فإن كان صبيا مميزا فإن الإمامة تتحقق به عند الحنفية والشافعية : وخالف المالكية والحنابلة فقالوا : لا تتحقق صلاة الجماعة بصبي مميز مع الإمام وحدهما


حكم الإمامة في الصلوات الخمس ودليله

اتفقت المذاهب على أن الإمامة مطلوبة في الصلوات المفروضة فلا ينبغي للمكلف أن يصلي منفردا بدون عذر من الأعذار الآتي بيانها على أن
الحنابلة قالوا : إنها فرض عين في كل صلاة من الصلوات الخمس المفروضة ولم يوافقهم على ذلك أحد من الأئمة الثلاثة كما ستعرفه في التفصيل الآتي وقد استدل الحنابلة ومن وافقهم من العلماء على ذلك بما رواه البخاري عن أبي هيرية أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب . ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجدب عرقا سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء " العرق " - بفتح العين وسكون الراء - قطعة لحم على عظم " والمرماتين " بكسر الميم - تثنية مرماة : وهي سهم دقيق يتعلم عليه الرمي ليصطاد به ما يملأ به بطنه فهذا الحديث يدل على أن الجماعة فرض لأن عقوبة التحريق بالنار لا تكون إلا على ترك الفرض وارتكاب المحرم الغليظ ولا يلزم في الدلالة على ذلك أن يحرقهم بالفعل بل يكفي أن يعلم الناس عظيم قدر الجماعة واهتمام النبي صلى الله عليه و سلم بشأنها وهذا وجيه ولكن مما لا شك فيه أن هذا الحديث لم تذكر فيه سوى صلاة العشاء فإذا كان للحنابلة ومن معهم وجه في الاستدلال به فإنما يكون في صلاة العشاء وحدها أما باقي الصلوات الخمس فلا تؤخذ من هذا الحديث على أن علماء المذاهب الأخرى قد أجابوا عن هذا بأجوبة كثيرة : منها أن هذا الحديث كان في بدء الإسلام حيث كان المسلمون في قلة وكانت الجماعة لازمة في صلاة العشاء بخصوصها لأنها وقت الفراغ من الأعمال فلما كثر المسلمون نسخ بقوله صلى الله عليه و سلم : " صلاة الجماع تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة " فإن الأفضلية تقتضي الاشتراك في الفضل ويلزم من كون صلاة الفذ فاضلة أنها جائزة وأيضا فقد ثبت نسخ التحريق بالنار في
الحنفية قالوا : المتخلفين باتفاق فالاستدلال به على الفرضية ضعيف وقد استدل الحنابلة على فرضية الصلاة جماعة أيضا بقوله تعالى : { وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم } ووجه الإستدلال أن الله تعالى قد كلفهم بصلاة الجماعة في وقت الشدة والحرج فلو لم تكن الجماعة واجبة لما كلفهم بأن يصلوها على هذا الوجه ولكن علماء المذاهب الأخرى قالوا : إن الآية تدل على أن الإمامة مشروعة لا على أنها فرض عين أما قولهم : إن هذا الوقت وقت خوف وشدة فذلك صحيح ولكن تعليمهم للصلاة بهذه الكيفية قد يكون فيه حذر أكثر من صلاتهم فرادى لأن الفئة الواقفة إزاء العدو حارسة للأخرين فإذا وجدت فرصة للعدو للهجوم عليهم بغتة نبهتهم الفرقة الحارسة ليقطعوا صلاتهم ويقاوموا عدوهم وذلك منتهى الدقة والحذر نعم تدل الآية على عظم قدر الصلاة جماعة عند المسلمين الأولين الذين كانوا يشعرون بعظمة خالف الكائنات الحي الدائم الذي لا يفنى حقا ويعرفون أن الصلاة تذلل لخالقهم وخضوع لا ينبغي إهماله حتى في أحرج المواقف وأخطرها ومما لا شك فيه أن صلاة الجماعة مطلوبة باتفاق إنما الكلام في أنها فرض عين في جميع الصلوات الخمس وجمهور أئمة المسلمين على أنها ليست كذلك وبعد فحكم صلاة الجماعة في الصلوات الخمس المفروضة مبين في كل مذهب من المذاهب الأربعة تحت الخط




المالكية قالوا : في حكم الجماعة في الصلوات الخمس قولان : أحدهما مشهور والثاني أقرب إلى التحقيق فأما الأول فهو أنها سنة مؤكدة بالنسبة لكل مصل وفي كل مسجد وفي البلد الذي يقيم به المكلف على أنه إن قام بها بعض أهل البلد لا يقاتل الباقون على تركها وإلا قوتلوا لاستهانتهم بالسنة وأما الثاني فهو أنه فرض كفاية في البلد فإن تركها جميع أهل البلد قوتلوا وإن قام بها بعضهم سقط الفرض عن الباقين وسنة في كل مسجد للرجال ومندوبة لكل مصل في خاصة نفسه وللمالكي أن يعمل بأحد الرأيين فإذا قال : إنها سنة عين مؤكدة يطلب اداؤها من كل مصل وفي كل مسجد فقوله صحيح عندهم على أنها وإن كانت سنة عين مؤكدة بالنسبة لكل مصل . ولكن إن قام بها بعض أهل البلد لا يقاتل الباقون على تركها فالبلد الذي فيها مسجد تقام فيه الجماعة يكفي في رفع القتال عن الباقين ومن قال إنها فرض كفاية فإنه يقول إذا قام بها البعض سقطت عن الباقين وقد وافقهم الشافعية في هذا القول وإن خالفوهم في التفصيل الذي بعده
الحنفية قالوا : صلاة الجماعة في الصلوات الخمس المفروضة سنة عين مؤكدة وإن شئت قلت هي واجبة لأن السنة المؤكدة هي الواجب على الأصح وقد عرفت أن الواجب عند الحنفية أقل من الفرض وأن تارك الواجب يأثم إثما أقل من إثم تارك الفرض وهذا القول متفق مع الرأي الأول للمالكية الذين يقولون : إنها سنة عين مؤكدة : ولكنهم يخالفونهم في مسألة قتال أهل البلدة من أجل تركها وإنما تسن في الصلاة المفروضة للرجال العقلاء الأحرار غير المعذورين بعذر من الأعذار الآتية . إذا لم يكونوا عراة وسيأتي بيان الجماعة في حق النساء والصبيان وباقي شروط الإمامة
الشافعية قالوا : في حكم صلاة الجماعة في الصلوات الخمس المفروضة أقوال عندهم : الراجح منها أنها فرض كفاية إذا قام بها البعض سقطت عن الباقين فإذا أقيمت الجماعة في مسجد من مساجد البلدة سقطت عن باقي سكان البلدة وكذا إذا أقامها جماعة في جهة من الجهات فإنها تسقط عن باقي أهل الجهة . وبعض الشافعية يقول : إنها سنة عين مؤكدة وهو مشهور عندهم ومثل الصلوات الخمس في ذلك الحكم صلاة الجنازة على أنهم قالوا : إن صلاة الجنازة تسقط إذا صلاها رجل واحد أو صبي مميز بخلاف ما إذا صلتها امرأة واحدة كما سيأتي في مباحث " صلاة الجنازة "
الحنابلة قالوا : الجماعة في الصلوات الخمس المفروضة فرض عين بالشرائط الآتي بيانها وقد عرفت استدلالهم



حكم الإمامة في صلاة الجمعة والجنازة والنوافل

قد عرفت حكم الإمامة في الصلوات الخمس المفروضة وبقي حكمها في غير ذلك من الصلوات الأخرى كصلاة الجنازة والجمعة والعيدين والكسوف والاستسقاء وباقي النوافل فانظره مفصلا في كل مذهب تحت الخط




المالكية قالوا : الجماعة في صلاة الجمعة شرط لصحتها فلا تصح إلا بها والجماعة في صلاة الكسوف والاستسقاء والعيدين شرط لتحقق سنيتها فلا يحصل له ثواب السنة إلا إذا صلاها جماعة والجماعة في صلاة التراويح مستحبة . أما باقي النوافل فإن صلاتها جماعة تارة يكون مكروها وتارة يكون جائزا فيكون مكروها إذا صليت بالمسجد أو صليت بجماعة كثيرين أو كانت بمكان يكثر تردد الناس عليه وتكون جائزة إذا كانت بجماعة قليلة ووقعت في المنزل ونحوه في الأمكنة التي لا يتردد عليها الناس
الحنفية قالوا : تشترط الجماعة لصحة الجمعة والعيدين وتكون سنة كفاية في صلاة التراويح والجنازة وتكون مكروهة في صلاة النوافل مطلقا والوتر في غير رمضا وإنما تكره الجماعة في ذلك إذا زاد المقتدون عن ثلاثة أما الجماعة في وتر رمضان ففيها قولان مصححان : أحدهما : أنها مستحبة ثانيهما : أنها غير مستحبة ولكنها جائزة وهذا القول أرجح
الشافعية قالوا : الجماعة في الركعة الأولى من صلاة الجمعة فرض عين وفي الركعة الثانية من صلاة الجمعة سنة فلو أدرك الإمام في الركعة الأولى من صلاة الجمعة ثم نوى مفارقته في الركعة الثانية وصلاها وحده صحت صلاته : وكذلك تكون فرض عين في خمسة مواضع أخرى : الأول : في كل صلاة أعيدت ثانيا في الوقت فلو صلى الظهر مثلا منفردا أو في جماعة ثم أراد أن يعيد صلاته مرة أحرى فإنه لا يجوز له ذلك إلا إذا صلاه جماعة الثاني : تفترض الجماعة في الصلاة المجموعة جمع تقديم في حالة المطر وإنما تفترض الجماعة في الصلاة الثانية فإذا وجد مطر شديد بعد دخول وقت الظهر مثلا فإن له أن يصلي الظهر منفردا ويصلي العصر مع الظهر لشدة المطر بشرط أن يصلي العصر جماعة فلو صلاه منفردا فلا تصح صلاته الثالث : الصلاة التي نذر أن يصليها جماعة فإنه يفترض عليه أن يصليها كذلك بحيث لو صلاها منفردا فإنها لا تصح الرابع : الصلاة المفروضة التي لم يوجد أحد يصليها جماعة إلا اثنان : فإذا فرض ولم يوجد في جهة إلا اثنان فإن الجماعة تكون فرضا عليهما وذلك لأنك عرفت أن الجماعة في الصلوات الخمس المفروضة فرض كفاية في الأصح فإذا لم يوجد أحد يصليها إلا اثناء تعينتت عليهما الخامس : تكون الجماعة فرض عين إذا وجد الإمام راكعا وعلم أنه اقتدى به أدرك ركعة في الوقت ولو صلى منفردا فاتته الركعة أما الجماعة في صلاة العيدين والاستسقاء والكسوف والتراويح ووتر رمضان فهي مندوبة عند الشافعية ومثل ذلك الصلاة التي يقضيها خلف إمام يصلي مثلها كما إذا كان عليه ظهر قضاء فإنه يندب أن يصليه خلف إمام يصلي ظهرا مثله وكذلك تندب الجماعة لمن فاتته الجمعة لعذر من الأعذار فإنه يندب له أن يصلي الظهر بدلا عن الجمعة في جماعة وتباح الجماعة في الصلاة المنذورة وتكره في صلاة أداء خلف قضاء وعكسه وفي فرض خلف نفل وعكسه وفي وتر خلف تراويح وعكسه
الحنابلة قالوا : تشترط الجماعة لصلاة الجمعة وتسن الرجال الأحرار القادرين في الصلوات المفروضة إذا كانت قضاء كما تسن لصلاة الجنازة أما النوافل فمنها ما تسن فيه الجماعة وذلك كصلاة الاستسقاء والتراويح والعيدين ومنها ما تباح فيه الجماعة كصلاة التهجد ورواتب الصلوات المفروضة



شروط الإمامة : الإسلام

يشترط لصحة الجماعة شروط : منها الإسلام فلا تصح إمامة غير المسلم باتفاق فمن صلى خلف رجل يدعي الإسلام ثم تبين له أنه كافر . فإن صلاته الذي صلاها خلفه تكون باطلة وتجب عليه إعادتها وقد نظر بعضهم أن هذه الصورة نادرة الوقوع ولكن الواقع غير ذلك فإن كثيرا ما يتزيا غير المسلم بزي المسلم لأغراض مادية ويظهر الورع والتقوى ليظفر ببغيته وهو في الواقع غير مسلم


البلوغ وهل تصح إمامة الصبي المميز ؟

ومن شروط صحة الإمامة البلوغ فلا يصح أن يقتدي بالغ بصبي مميز في صلاة مفروضة باتفاق ثلاثة من الأئمة : وخالف الشافعية فانظر مذهبهم تحت الخط




الشافعية قالوا : يجوز اقتداء البالغ بالصبي المميز في الفرض إلا في الجمعة فيشترط أن يكون بالغا إذا كان الإمام من ضمن العدد الذي لا يصح إلا به فإن كان زائدا عنهم صح أن يكون صبيا مميزا



هذا في الصلاة المفروضة أما صلاة النافلة فيصح للبالغ أن يقتدي بالصبي المميز فيها باتفاق ثلاثة من الأئمة وخالف الحنفية فانظر مذهبهم تحت الخط




الحنفية قالوا : لا يصح اقتداء البالغ بالصبي مطلقا لا في فرض ولا في نفل على الصحيح



هذا ويصح للصبي المميز أن يصلي إماما بصبي مثله باتفاق


إمامة النساء

ومن شروط الإمامة - الذكورة المحققة - فلا تصح إمامة النساء وإمامة الخنثى المشكل إذا كان المقتدي به رجال أما إذا كان المقتدي به نساء فلا تشترط الذكورة في إمامتهن بل يصح أن تكون المرأة إماما لا مرأة مثلها أو الخنثى . باتفاق ثلاثة من الأئمة وخالف المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط




المالكية قالوا : لا يصح أن تكون المرأة ولا الخنثى المشكل إماما لرجال أو نساء لا في فرض ولا في نفل فالذكورة شرط في الإمام مطلقا مهما كان المأموم



العقل

ومن شروط صحة الإمامة العقل فلا تصح إمامة المجنون إذا كان لا يفيق من جنونه أما إذا كان يفيق أحيانا ويجن أحيانا فإن إمامته تصح حال إفاقته وتبطل حال جنونه باتفاق


اقتداء القارئ بالأمي

اشترطوا لصحة الإمامة أن يكون الإمام قارئا إذا كان المأموم قارئا فلا تصح إمامة أمي بقارئ والشرط هو أن يحسن الإمام قراءة ما لا تصح الصلاة إلا به فلو كان إمام قرية مثلا يحسن قراءة ما لا تصح الصلاة إلا به فإنه يجوز للمتعلم أن يصلي خلفه أما إذا كان أميا فإنه لا تصح إمامته إلا بأمي مثله سواء وجد قارئ يصلي بهما أولا باتفاق ثلاثة من الأئمة وخالف المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط




المالكية قالوا : لا يصح اقتداء أمي عاجز عن قراءة الفاتحة بمثله إن وجد قارئ ويجب عليهما معا أن يقتديا به وإلا بطلت صلاتهما أما القادر على قراءة الفاتحة ولكنه لا يحسنها فالصحيح أنه يمنع ابتداء من الاقتداء بمثله إن وجد من يحسن القراءة فإن اقتدى بمثله صحت إما إذا لم يوجد قارئ فيصح اقتداء الأمي بمثله على الأصح



سلامة الإمام من الأعذار كسلس البول

ويشترط أيضا لصحة الإمامة أن يكون الإمام سليما من الأعذار كسلس البول والإسهال المستمر وانفلات الريح والرعاف ونحو ذلك فمن كان مريضا بمرض من هذه فإن إمامته لا تصح بالسليم منها وتصح بمريض مثله إن اتحد مرضهما أما إن اختلف كأن كان أحدهما مريضا بسلس البول والآخر بالرعاف الدائم فإن إمامتهما لبعضهما لا تصح وهذا القدر متفق عليه بين الحنفية والحنابلة وخالف الشافعية والمالكية فانظر مذهبهم تحت الخط




المالكية قالوا : لا يشترط في صحة الإمامة سلامة الإمام من الأعذار المعفو عنها في حقه فإذا كان الإمام به سلس بول معفو عنه لملازمته ولو نصف الزمن كما تقدم صحت إمامته وكذا إذا كان به انفلات ريح أو غير ذلك مما لا ينقض الوضوء ولا يبطل الصلاة فإمامته صحيحة نعم يكره أن يكون إماما لصحيح ليس به عذر
الشافعية قالوا : إذا كان العذر القائم بالإمام لا تجب معه إعادة الصلاة فإمامته صحيحة ولو كان المقتدي سليما



طهارة الإمام من الحدث والخبث

ومن شروط صحة الإمامة المتفق عليها أن يكون الإمام طاهرا من الحدث والخبث فإذا صلى شخص خلف رجل محدث أو على بدنه نجاسة فإن صلاته تكون باطلة كصلاة إمامه بشرط أن يكون الإمام عالما بذلك الحدث ويتعمد الصلاة . وإلا فلا تبطل على تفصيل في المذاهب ذكرناه تحت الخط




المالكية قالوا : لا تصح إمامة المحدث إن تعمد المحدث وتبطل صلاة من اقتدى به أما إذا لم يتعمد كأن دخل في الصلاة ناسيا الحدث أو غلبه الحدث وهو فيها فإن عمل بالمأمومين عملا من أعمال الصلاة بعد علمه بحدثه أو بعد أن غلبة بطلت صلاتهم كما تبطل صلاتهم إذا اقتدوا به بعد عملهم بحدثه وإن لم يعلم الإمام أما إذا لم يعلموا بحدثه ولم يعلم الإمام أيضا إلا بعد الفراغ من الصلاة فصلاتهم صحيحة وأما صلاة الإمام فباطلة في جميع الصور لأن الطهارة شرط لصحة الصلاة وحكم صلاة الإمام والمأموم إذا علق بالإمام نجاسه كالحكم إذا كان محدثا في هذا التفصيل إلا أن صلاته هو تصح إذا لم يعلم بالنجاسة إلا بعد الفراغ من الصلاة لأن الطهارة من الخبث شرك لصحة الصلاة مع العلم كما تقدم
الشافعية قالوا : لا يصح الاقتداء بالمحدث إذا علم المأموم به ابتداء فإن علم بذلك في أثناء الصلاة وجبت عليه نية المفارقة وأتم صلاته وصحت وكفاه ذلك وإن علم المأموم بحدث إمامه بعد فراغ الصلاة فصلاته صحيحة وله ثواب الجماعة أما صلاة الإمام فباطلة في جميع الأحوال لفقد الطهارة التي هي شرط للصلاة ويجب عليه إعادتها ولا يصح الاقتداء أيضا بمن به نجاسة خفية كبول جف مع علم المقتدي بذلك بخلاف ما إذا جهله فإن صلاته صحيحة في غير الجمعة وكذا في الجمعة إذا تم العدد بغيره وإلا فلا تصح للجميع لنقص العدد المشترط في صحة الجمعة أما إذا كان على الإمام نجاسة ظاهرة بحيث لو تأملها أدركها فإنه لا يصح الاقتدار به مطلقا ولو مع الجهل بحاله
الحنابلة قالوا : لا تصح إمامة المحدث حدثا أصغر أو أكبر ولا إمامة من به نجاسة إذا كان يعلم بذلك . فإن جهل ذلك المقتدي أيضا حتى الصلاة صحت صلاة المأموم وحده سواء كانت صلاة جمعة أو غيرها إلا أنه يشترط في الجمعة أن يتم العدد المعتبر فيها وهو - أربعون - بغير هذا الإمام وإلا كانت باطلة على الجميع كما تبطل عليهم أيضا إذا كان بأحد المأمومين حدث أو خبث إن كان لا يتم العدد إلا به
الحنفية قالوا : لا تصح إمامة المحدث ولا من به نجاسة لبطلان صلاته أما صلاة المقتدين به فصحيحة إن لم يعلموا بفساد علمون بشهادة عدول أو بإخبار الإمام العدل عن نفسه بطلب صلاتهم ولزمهم وإعادتها فإن لم يكون الثي أخبر بفساد صلاته عدلا فلا يقبل قوله ولكنيستحب لهم إعادتها احتياطا



إمامة من بلسانه لثغ ونحوه

من شروط صحة الإمامة أن يكون لسان الإمام سليما لا يتحول في النطق عن حرف إلى غيره كأن يبدل الراء غينا أو السين ثاء أو الذال زايا أو الشين سينا أو غير ذلك من حروف الهجاء . وهذا ما يقال له : ألثغ لأن اللثغ في اللغة تحول اللسان من حرف إلى حروف الهجاء . وهذا يقال له ألثغ لأن اللثغ في اللغة تحول اللسان من حرف إلى حرف ومثل هذا يجب عليه تقويم لسانه ويحاول النطق بالحرف صحيحا بكل ما في وسعه فإن عجز بعد ذلك فإن إمامته لا تصح إلا لمثله أما إذا قصر ولم يحاول إصلاح لسانه فإن صلاته تبطل من أصلها فضلا عن إمامته وهذا الحكم متفق عليه بين الحنفية والشافعية والحنابلة إلا أن الحنفية يقولون : إن مثل هذا إذا كان يمكنه أن يقرأ موضعا من القرآن صحيحا غير الفاتحة وقرأه فإن صلاته لا تبطل لأن قراءة الفاتحة غير فرض عندهم وخالف في ذلك كله المالكية فقالوا : إن إمامته صحيحة مطلقا كما هو موضح في مذهبم الآتي ومثل الألثغ في هذا التفصيل من يدعم حرفا في آخر خطأ كأن يقلب السين تاء ويدغمها في تاء بعدها فيقول مثلا المتقيم بدل " المستقيم " فمثل هذا يجب عليه أن جتهد في إصلاح لسانه فإن عجز صحت إمامته لمثله وإن قصر بطلت صلاته وإمامته أما الفأفأء وهو الذي يكرر الفاء في كلامه والتمتام وهو الذي يكرر التاء فإن إمامته تصح لمن كان مثله ومن لم يكن مع الكراهة عند الشافعية والحنابلة أما المالكية قالوا : إنها تصح بدون كراهة مطلقا و
الحنفية قالوا : إن إمامتهما كإمامة الألثغ فلا تصح إلا لمثلهما بالشرط المتقدم وقد ذكرنا مذهب المالكية في ذلك كله تحت الخط




المالكية قالوا : الألثغ والتمتام والفأفاء والأرت وهو الذي يدغم حرفا في آخر خطأ ونحوهم من كل ما لا يستطيع النطق ببعض الحروف . تصح إمامته وصلاته لمثله ولغير مثله من الأصحاء الذين لا اعوجاج في ألسنتهم ولو وجد من يعلمه وقبل التعليم واتسع الوقت له ولا يجب عليه الاجتهاد في إصلاح لسانه على الراجح ومن هذا تعلم أن المالكية لا يشترطون لصحة الإمامة أن يكون لسان الإمام سليما



إمامة المقتدي بإمام آخر

من شروط صحة الإمامة أن لا يكون الإمام مقتديا بإمام غيره مثلا إذا أدرك شخص إمام المسجد في الركعتين الأخيرتين من صلاة العصر ثم سلم الإمام وقام ذلك الشخص ليقضي الركعتين فجاء شخص آخر ونوى صلاة العصر مقتديا بذلك الشخص الذي يقضي ما فاته فهل تصح صلاة المقتدي الثاني أو لا ؟ وأيضا إذا كان المسجد مزدحما بالمصلين وجاء شخص في آخر الصفوف ولم يسمع حركات الإمام فاقتدى بأحد المصلين الذين يصلون خلفه فهل يصح اقتداؤه أو لا ؟ في ذلك كله تفصيل فانظره تحت الخط




المالكية قالوا : من اقتدى بمسبوق أدرك مع إمامه ركعة بطلت صلاته سواء كان المقتدي مسبوقا مثله أو لا . أما إذا حاكى المسبوق مسبوقا آخر في صورة إتمام الصلاة بعد سلام الإمام من غير أن ينوي الاقتداء به فصلاته صحيحة وكذا إن كان المسبوق لم يدرك مع إمامه ركعة كأن دخل مع الإمام في التشهد الأخير فيصح الاقتداء به لأنه منفرد لم يثبت له حكم الاقتدار
الحنفية قالوا : لا يصح الاقتداء بالمسبوق سواء أدرك مع إمامه ركعة أو أقل منها فلو اقتدى اثنان بالإمام وكانا مسبوقين وبعد سلام الإمام نوى أحدهما الاقتداء بالآخر بطلت صلاة المقتدي أما إن تابع أحدهما الآخر ليتذكر ما سبقه من غير نية الاقتداء فإن صلاتهما صحيحة لارتباطهما بإمامهما السابق
الشافعية قالوا : لا يصح الاقتداء بالمأموم ما دام مأموما فإن اقتدى به بعد أن سلم الإمام أو بعد أن نوى مفارقته - ونية المفارقة جائزة عندهم صح الاقتداء به وذلك في غير الجمعة أما في صلاتها فلا يصح الاقتداء
الحنابلة قالوا : لا يصح الاقتداء بالمأموم ما دام مأموما فإن سلم إمامه وكان مسبوقا صح اقتداء مسبوق مثله به إلا في صلاة الجمعة فإنه لا يصح اقتداء المسبوق بمثله



الصلاة وراء المخالف في المذاهب

من شروط الإمامة أن تكون صلاة الإمام صحيحة في مذهب المأموم فلو صلى حنفي خلف شافعي وسال منه دم ولم يتوضأ بعده أو صلى شافعي خلف حنفي لمس امرأة مثلا فصلاة المأموم باطلة لأنه يرى بطلان صلاة إمامه باتفاق الحنفية والشافعية وخالف المالكية والحنابلة فانظر مذهبهم تحت الخط




المالكية و الحنابلة قالوا : ما كان شرطا في صحة الصلاة فالعبرة فيه بمذهب الإمام فقط فلو اقتدى مالكي أو حنبلي بحنفي أو شافعي لم يمسح جميع الرأس في الوضوء فصلاته صحيحة لصحة صلاة الإمام في مذهبه وأما ما كان شرطا في سحة الاقتداء فالعبرة فيه بمذهب المأموم فلو اقتدى مالكي أو حنبلي في صلاة فرض بشافعي يصلي نفلا فصلاته باطلة لأن شرط الاقتداء اتحاد صلاة الإمام والمأموم



تقدم المأموم على إمامه وتمكن المأموم من ضبط أفعال الإمام

ومن شروط صحة الإمامة أن لا يتقدم المأموم على إمامه فإذا تقدم المأموم بطلت الإمامة والصلاة وهذا الحكم متفق عليه بين ثلاثة من الأئمة وخالف المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط




المالكية قالوا : لا يشترط في الاقتداء عدم تقدم المأموم على الإمام فلو تقدم المأموم على إمامه - ولو كان المتقدم جميع المأمومين - صحت الصلاة على المعتمد على أنه يكره التقدم لغير ضرورة



على أن الذين اشترطوا عدم تقدم المأموم على إمامه استثنوا من هذا الحكم الصلاة حول الكعبة فقالوا : إن تقدم المأموم على إمامه جائز فيها إلا أن الشافعية لهم في الصلاة حول الكعبة فقالوا : إن تقدم المأموم على إمامه جائز فيها إلا أن الشافعية لهم في هذا تفصيل مذكور تحت الخط




الشافعية قالوا : لا يصح تقدم المأموم على الإمام حول الكعبة إذا كانا في جهة واحدة أما إذا كان المأموم في غير جهة إمامه فإنه يصح تقدمه عليه ويكره التقدم لغير ضرورة كضيق المسجد وإلا فلا كراهة



ثم إن كانت الصلاة من قيام فالعبرة في حصة صلاة المقتدي بأن لا يتقدم مؤخر قدمه على مؤخر قدم الإمام وإن كانت من جلوس . فالعبرة بعدم تقدم عجزه على عجز الإمام فإن تقدم المأموم في ذلك لم تصح صلاته أما إذا حاذاه فصلاته صحيحة بلا كراهة عند الأئمة الثلاثة وخالف الشافعية فانظر مذهبهم تحت الخط




الشافعية قالوا : تكره محاذاة المأموم لإمامه



ومنها تمكن المأموم منضبط أفعال إمامه برؤية أو سماع ولو بمبلغ فمتى تمكن المأموم من ضبط أفعال إمامه صحت صلاته : إلا إذا اختلف مكانهما فإن صلاتهتبطل على تفصيل في المذاهب فانظره تحت الخط




الشافعية قالوا : إذا كان الإمام والمأموم في المسجد فهما في مكان واحد غير مختل سواء كانت المسافة بين الإمام والمأموم تزيد على ثلاثمائة ذراع أو لا فلو صلى الإمام في آخر المسجد والمأموم في أوله صح الاقتداء بشرط أن لا يكون بين الإمام والمأموم حائل يمنع وصول المأموم إليه - كباب مسمر - قبل دخوله في الصلاة فلو سدت الطريق بينهما في أثناء الصلاة لا يضر كما لا يضر الباب المغلق بينهما ولا فرق في ذلك بين أن يكون إمكان وصول المأموم إلى الإمام مستقبلا أو مستديرا للقبلة وفي حكم المسجد رحبته ونحوها . أما إذا كانت صلاتهما خارج المسجد فإن كانت المسافة بينهما لا تزيد على ثلاثمائة ذراع الآدمي صحت الصلاة ولو كان بينهما فاصل : كنهر تجري فيه السفن أو طريق يكثر مرور الناس فيه على المعتمد بشرط أن لا يكون بينهما حائل يمنع المأموم من الوصول إلى الإمام لو أراد ذلك بحيث يمكنه الوصول إليه غير مستدبر للقبلة ولا منحرف ولا فرق في الحائل الضار بين أن يكون بابا مسمرا أو مغلقا أو غير ذلك فإن كان أحدهما في المسجد والآخر خارجه فإن كانت المسافة بين من كان خارجا عن المسجد وبين طرف المسجد الذي يليه أكثر من ثلاثمائة ذراع بطل الاقتداء وإلا فيصح بشرط أن لا يكون بينهما الحائل الذي مر ذكره في صلاتهما خارج المسجد
الحنفية قالوا : اختلاف المكان بين الإمام والمأموم مفسد للإقتداء سواء اشتبه على المأموم حال إمامه أو لم يشتبه على الصحيح فلو اقتدى رجل في داره بإمام المسجد وكانت داره منفصلة عن المسجد بطريق ونحوه فإن الاقتداء لا يصح لاختلاف المكان أما إذا كانت ملاصقة للمسجد بحيث لم يفصل بينهما إلا حائط المسجد فإن صلاة المقتدي تصح إذا لم يشتبه عليه حال الإمام ومثل ذلك ما إذا صلى المقتدي على سطح داره الملاصق لسطح المسجد لأنه في هاتين الحالتين لا يكون المكان مختلفا فإن اتحد المكان وكان واسعا كالمساجد الكبيرة فإن الاقتداء يكون به صحيحا لما دام لا يشتبه على المأموم حال إمامه إما بسماعه أو بسماع المبلغ أو برؤيته أو برؤية المقتدين يه إلا أنه لا يصح اتباع المبلغ إذا قصد بتكبيرة الإحرام مجرد التبليغ لأن صلاته تكون باطلة حينئذ فتبطل صلاة من يقتدي بتبليغه وإنما يصح الاقتداء في المسجد الواسع إذا لم يفصل بين الإمام وبين المقتدي طريق نافذ تمر فيه العجلة - العربة - أو نهر يسع زورقا يمر فيه . فإن فصل بينهما ذلك لم يصح الاقتداء أما الصحراء فإن الاقتداء فيها لا يصح إذا كان بين الإمام والمأموم خلاء يسع صفين ومثل الصحراء المساجد الكبيرة جدا كبيت المقدس
المالكية قالوا : اختلاف مكان الإمام والمأموم لا يمنع صحة الاقتداء فإذا حال بين الإمام والمأموم نهر أو طريق أو جدار فصلاة المأموم صحيحة متى كان متمكنا من ضبط أفعال الإمام ولو بمن يسمعه نعم لو صلى المأموم الجمعة في بيت مجاور للمسجد مقتديا بإمامه فصلاته باطلة لأن الجامع شرط في الجمعة كما تقدم
الحنابلة قالوا : اختلاف مكان الإمام والمأموم يمنع صحة الاقتداء على التفصيل الآتي وهو إن حال بين الإمام والمأموم نهر تجري فيه السفن بطلت صلاة المأموم وتبطل صلاة الإمام أيضا لأنه ربط صلاته بصلاة من لا يصح الاقتداء به وإن حال بينهما طريق فإن كانت الصلاة مما لا تصح في الطريق عند الزحمة لم يصح الاقتداء ولو اتصلت الصفوف بالطريق وإن كانت الصلاة مما لا تصح في الطريق عند الزحمة كالجمعة ونحوها مما يكثر فيه الاجتماع فإن اتصلت الصفوف بالطريق صح الاقتداء مع الفصل بين الإمام والمأموم وإن لم تتصل الصفوف فلا يصح الاقتداء وإن كان الإمام والمأموم بالمسجد صح الاقتداء ولو كان بينهما حائل متى سمع تكبيرة الإحرام أما إذا كان خارج المسجد أو المأموم خارجه والإمام فيه فيصح الاقتداء بشرط أن يرى المأموم الإمام أو يرى من وراءه ولو في بعض الصلاة أو من شباك ومتى تحققت الرؤية المذكورة صح الاقتداء ولو كان بينهما أكثر من ثلاثمائة ذراع



نية المأموم الاقتداء ونية الإمام الإمامة

ومن شروط صحة الإمامة : نية المأموم الاقتداء بإمامه في جميع الصلوات باتفاق ثلاثة من الأئمة وخالف الحنفية فانظر مذهبهم تحت الخط




الحنفية قالوا : نية الاقتداء شرط في غير الجمعة والعيد على المختار لأن الجماعة شرط في صحتهما فلا حاجة إلى نية الاقتداء



وتكون النية من أول صلاته بحيث تقارن تكبيرة الإحرام من المأموم حقيقة أو حكما على ما تقدم في بحث " النية " فلو شرع في الصلاة بنية الانفراد ثم وجد إماما في أثنائها فنوى متابعته فلا تصح صلاته لعدم وجود النية من أول الصلاة فالمنفرد لا يجوز انتقاله للجماعة كما لا يجوز لمن بدأ صلاته في جماعة أن ينتقل للانفراد بأن ينوي مفارقة الإمام إلا لضورة كأن أطال عليه الإمام وهذا كله متفق عليه بين ثلاثة من الأئمة وخالف الشافعية فانظر مذهبهم تحت الخط




الشافعية قالوا : لا تشترط نية الاقتداء في أول الصلاة فلو نوى الاقتداء في أثناء صلاته صحت مع الكراهة إلا في الجمعة ونحوها مما تشترط فيه الجماعة فإنه لا بد فيها من نية الاقتداء من أول الصلاة بحيث تكون مقارنة لتكبيرة الإحرام وكذا يصح للمأموم أن ينوي مفارقة إمامه ولو من غير عذر لكن يكره إن لم يكن هناك عذر ويستثنى من ذلك الصلاة التي تشترط فيها الجماعة كالجمعة فلا تصح نية المفارقة في الركعة الأولى منها ومثلها الصلاة التي يريد إعادتها جماعة فلا تصح نية المفارقة في شيء منها وكذا الصلاة المجموعة تقديما ونحوها
الحنفية قالوا : تبطل الصلاة بانتقال المأموم للانفراد إلا إذا جلس مع إمام الجلوس الأخير بقدر التشهد ثم عرضت ضرورة فإنه يسلم ويتركه وإذا تركه بدون عذر صحت الصلاة مع الإثم كما سيأتي في مبحث " أحوال المقتدي "



أما نية الإمام الإمامة كأن ينوي صلاة الظهر أو العصر إماما فإنها ليست بشرط في الإمامة إلا في أحوال مفصلة في المذاهب فانظرها تحت الخط




الحنابلة قالوا : يشترط في صحة الاقتداء نية الإمام الإمامة في كل صلاة فلا تصح صلاة المأموم إذا لم ينو الإمام الإمامة
الشافعية قالوا : يشترط في صحة الاقتداء أن ينوي نية الإمام الجماعة في الصلوات التي تتوقف صحتها على الجماعة كالجمعة والمجموعة للمطر والمعادة
الحنفية قالوا : نية الإمامة شرط لصحة صلاة المأموم إذا كان إماما لنساء فتفسد صلاة النساء إذا لم ينو إمامهن الإمامة وأما صلاته هو فصحيحة ولو حاذته امرأة كما تقدم في المحاذاة
المالكية قالوا : نية الإمامة ليست بشرط في صحة المأموم ولا في صحة صلاة الإمام إلا في مواضع : أولا : صلاة الجمعة فإذا لم ينو الإمامة بطلت صلاته وصلاة المأموم ثانيا : الجمع ليلة المطر ولا بد من نية الإمامة في افتتاح كل من الصلاتين فإذا تركت في واحدة منهما بطلت على الإمام والمأموم لاشتراط الجماعة فيها وصحت ما نوى فيها الإمامة إلا إذا ترك النية في الأولى فتبطل الثانية أيضا تبعا لها ولو نوى الإمامة وقال بعض المالكية : إن الأولى لا تبطل على أي حال لأنها وقعت في محلها ثالثها : صلاة الخوف على الكيفية الآتية : وهي أن يقسم الإمام الجيش نصفين يصلي بكل قسم جزءا من الصلاة فإذا ترك الإمام الإمامة بطلت الصلاة على الطائفة الأولى فقط وصحت للإمام والطائفة الثانية رابعا المستخلف الذي قام مقام الإمام لعذر فيشترط في صحة صلاة من اقتدى به أن ينوي هو الإمامة فإذا لم ينوه فصلاة من اقتدى به باطلة وأما صلاته هو فصحيحة ولا تشترط نية الإمامة لحصول فضل الجماعة على المعتمد فلو أم شخص قوما ولم ينو الإمامة حصل له فضل الجماعة والمراد بكون نية الإمام شرطا في المواضع السابقة أن لا ينوي الانفراد



اقتداء المفترض بالمتنفل

ومن شروط الإمامة أن لا يكون الإمام أدنى حالا من المأموم فلا يصح اقتداء مفترض بمتنفل إلا عند الشافعية فانظر مذهبهم تحت الخط




الشافعية قالوا : يصح اقتداء المفترض بالمتنفل مع الكراهة



وكذا لا يجوز اقتداء قادر على الركوع مثلا بالعاجز عنه ولا كاس بعار لم يجد ما يستتر به باتفاق الحنفية والحنابلة وخالف الشافعية والمالكية فانظر مذهبيهما تحت الخط




الشافعية قالوا : يصح اقتداء الكاسي بالعاري الذي لم يجد ما يستتر به إلا أن

المالكية قالوا : إنه يكره والشافعية لم يقولوا بالكراهة



لا متطهر بمتنجس عجز عن الطهارة باتفاق ثلاثة من الأئمة وخالف المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط




المالكية قالوا : يصح اقتداء المتطهر بالمتنجس العاجز عن الطهارة مع الكراهة
المالكية قالوا : لا يصح اقتداء القائئم بالقاعد العاجز عن القيام ولو كانت الصلاة نفلا إلا إذا جلس المأموم اختيارا في النفل فتصح صلاته خلف الجالس فيه أما إذا كان المأموم عاجزا عن الأركان فيصح أن يقتدي بعاجز عنها إذا استويا في العجز بأن يكونا عاجزين معا عن القيام ويستثنى من ذلك من يصلي بإيماء فلا يصح أن يكون إماما لمثله لأن الإيماء لا ينضبط فقد يكون إيماء الإمام أقل من إيماء المأموم فإن لم يستويا في العجز كأن يكون الإمام عاجزا عن السجود والمأموم عاجزا عن الركوع فلا تصح الإمامة
الحنفية قالوا : يصح اقتداء القائم بالقاعد الذي يستطيع أن يركع ويسجد أما العاجز عن الركوع والسجود فلا يصح اقتداء القائم به إذا كان قادرا فإن عجز كل من الإمام والمأموم وكانت صلاتهما بالإيماء صح الاقتداء سواء كانا قاعدين أو مضطجعين أو مستلقيين أو مختلفين بشرط أن تكون حالة الإمام أقوى من حالة المقتدي كأن يكون مضطجعا والإمام قاعدا
الشافعية قالوا : تصح صلاة القائم خلف القاعد والمضطجع العاجزين عن القيام والقعود والقادر على الركوع والسجود بالعاجز عنهما
الحنابلة قالوا : لا يصح اقتداء القائم بالقاعد الذي عجز عن القيام إلا إذا كان العاجز عن القيام إماما راتبا وكان عجزه عن القيام بسبب علة يرجى زوالها



وكذا لا يجوز اقتداء القارئ بالأمي كما تقدم نعم يصح اقتداء القائم بالقاعد الذي عجز عن القيام على تفصيل في المذاهب


متابعة المأموم لإمامه في أفعال الصلاة

ومن شروط الإمامة متابعة المأموم لإمامه في أفعال الصلاة على تفصيل في المذاهب فانظره تحت الخط




الحنفية قالوا : متابعة المأموم لإمامه تشمل أنواعا ثلاثة : أحدها : مقارنة فعل المأموم لفعل إمامه كأن يقارن إحرامه إحرام إمام وركوعه ركوعه وسلامه سلامه ويدخل في هذا القسم ما لو ركع قبل إمامه وبقي راكعا حتى ركع إمامه فتابعه فيه فإنه يعتبر في هذه الحالة مقارنا له في الركوع ثانيها : تعقيب فعل المأموم لفعل إمامه بأن يأتي به عقب فعل الإمام مباشرة ثم يشاركه في باقية ثالثها : التراخي في الفعل بأن يأتي بعد إتيان الإمام بفعله متراخيا عنه ولكنه يدركه فيه قبل الدخول في الركن الذي بعده فهذه الأنواع الثلاثة يصدق عليها أنها متابعة في أفعال الصلاة فلو ركع إمامه فركع معه مقارنا أو عقبه مباشرة وشاركه فيه أو ركع بعد رفع إمامه من الركوع وقبل أن يهبط للسجود فإنه يكون متابعا له في الركوع وهذه المتابعة بأنواعها تكون فرضا فيما هو فرض من أعمال الصلاة وواجبة في الواجب وسنة في السنة فلو ترك المتابعة في الركوع مثلا بأن ركع ورفع قبل ركوع الإمام ولم يركع معه أو بعده في ركعة جديدة بطل صلاته لكونه لم يتابع في الفرض وكذا لو ركع وسجد قبل الإمام فإن الركعة التي يفعل فيها ذلك تلغى وينتقل ما في الركعة الثانية إلى الركعة الأولى وينتقل ما في الثالثة إلى الثانية وما في الرابعة إلى الثالثة فتبقى عليه ركعة يجب عليه قضاؤها بعد سلام الإمام : وإلا بطلت صلاته وسيأتي لهذا إيضاح في مبحث " صلاة المسبوق " ولو ترك المتابعة في القنوت إثم لأنه ترك واجبا ولو ترك المتابعة في تسبيح الركوع مثلا فقد ترك السنة وهناك أمور لا يلزم المقتدي أن يتابع فيها إمامه وهي أربعة أشياء : الأول : إذا زاد الإمام في صلاته سجدة عمدا فإن لا يتباعه الثاني : أن يزيد عما ورد عن الصحابة رضي الله عنهم في تكبيرات العيد فإنه لا يتابعه الثالث : أن يزيد عن الوارد في تكبيرات صلاة الجنازة بأن يكبر لها خمسا فإنه لا يتابعه الرابع : أن يقوم ساهيا إلى ركعة زائدة عن الفرض بعد القعود الأخير فإن فعل وقيد ما قام لها بسجدة سلم المقتدي وحده وإن لم يقيدها بسجدة وعاد إلى القعود الأخير وسلم سلم المقتدي معه أما إن قام الإمام إلى الزائدة قبل القعود الأخير وقيدها بسجدة فإن صلاتهم جميعا تبطل وهناك أمور تسعة إذا تركها الإمام يأتي بها المقتدي ولا يتابعه في تركها وهي : رفع اليدين في التحريمة وقراءة الثناء وتكبيرات الركوع وتكبيرات السجود والتسبيح فيهما والتسميع وقراءة التشهد والسلام وتكبير التشريق فهذه الأشياء التسعة إذا ترك الإمام شيئا منها لم يتابعه المقتدي في تركها بل يأتي بها وحده وهناك أمور مطلوبة إذا تركها المقتدي وهي خمسة أشياء : تكبيرات العيد والقعدة الأولى وسجدة التلاوة وسجود السهو والقنوت إذا خاف فوات الركوع أما إن لم يخف ذلك فعليه القنوت
هذا وقد تقدم أن القراءة خلف الإمام مكروهة تحريما فلا تجوز المتابعة فيها وسيأتي الكلام في المتابعة في السلام والتحريمة في مبحث " إذا فات المقتدي بعض الركعات أو كلها " أنه يجب على المأموم أن يتبع إمامه في السلام متى فرغ المأموم من قراءة التشهد فإذا أتم المأموم تشهده قبل إمامه ثم سلم قبله فإن صلاته تصح مع كراهة التحريم إن وقع ذلك بغير عذر والأفضل في المتابعة في السلام أن يسلم المأموم مع إمامه لا قبله ولا بعده وقد عرفت حكم ما إذا سلم قبله أما إذا سلم بعده فقد ترك الأفضل أما إن كبر تكبيرة الإحرام قبله فلا تصح صلاته وإن كبر معه فإن صلاته لا تصح وإن كبر بعده فقد فاته إدراك وقت فضيلة تكبيرة الإحرام وسيأتي بيان هذا في مبحث " إذا فات المقتدي بعض الركعات " . . . الخ
المالكية قالوا : متابعة المأموم لإمامه هي عبارة عن أن يكون فعل المأموم في صلاته واقعا عقب فعل الإمام فلا يسبقه ولا يتأخر عنه ولا يساويه وتنقسم هذه المتابعة إلى أربعة أقسام : الأول : المتابعة في تكبيرة الإحرام وحكم هذه المتابعة أنها شرط لصحة صلاة المأموم فلو كبر المأموم تكبيرة احرام قبل إمامه أو معه بطلت صلاته بل يشترط أن يكبر المأموم بعد أن يفرغ إمامه من التكبير بحيث لو كبر بعد شروع إمامه ولكن فرغ من التكبير قبل فراغ الإمام أو معه بطلت صلاته الثاني : المتابعة في السلام فيشترط فيها أن يسلم المأموم بعد سلام إمامه فلو سلم قبله سهوا فإنه ينتظر حتى يسلم الإمام ويعيد السلام بعده وتكون الصلاة صحيحة فإذا بدأ المأموم بالسلام بعد الإمام وختم معه أو بعده فإن صلاته تصح أما إذا ختم قبله بطلت صلاته فيحسن أن يسرع الإمام بالسلام كي لا يسبقه أحد من المأمومين بالفراغ من السلام قبله فتبطل صلاته وكذلك تكبيرة الإحرام وإذا ترك الإمام السلام وطال الزمن عرفا بطلت صلاة الجميع ولو أتى به المأموم لما عرفت من أن السلام ركن لكل مصل فلو تركه الإمام بطلت صلاته وتبطل صلاة المأمومين تبعا الثالث : المتابعة في الركوع والسجود ولهذه المتابعة ثلاث صور : الصورة الأولى : أن يركع أو يسجد قبل إمامه سهوا أو خطأ وفي هذه الحالة يجب أن ينتظر إمامه حتى يركع أو يسجد ثم يشاركه في ركوعه مطمئنا ولا شيء عليه فإن لم ينتظر إمامه بل رفع من ركوعه عمدا أو جهلا بطلت صلاته أما إذا رفع سهوا فإنه عليه أن يرجع ثانيا إلى الاشتراك مع الإمام في ركوعه وسجوده وتصح صلاته الصورة الثانية : أن يركع أو يسجد قبل إمامه عمدا وفي هذه الحالة إن انتظر الإمام وشاركه في ركوعه وسجوده فإن صلاته تصح ولكنه يأثم لتعمد سبق الإمام أما إذا لم ينتظره ورفع من ركوعه أو سجوده قبل الإمام فإن كان ذلك عمدا فإن صلاته تبطل . وإن كان سهوا فإنه ينبغي له أن يرجع إلى الاشتراك مع الإمام ثانيا ولا شيء عليه الصورة الثالثة : أن يتأخر المأموم عن إمامه حتى ينتهي من الركن كأن ينتظر حتى يركع إمامه ويرفع من الركوع وهو واقف يقرأ مثلا وفي هذه الصورة تبطل صلاة المأموم بشرطين : الأول : أن يفعل ذلك في الركعة الأولى أما إذا وقع منه ذلك في غير الركعة الأولى فإن صلاته تصح ولكنه يأثم بذلك الثاني : أن يصدر منه ذلك الفعل عمدا لا سهوا أما إذا وقع منه سهوا فإن عليه أن يلغي هذه الركعة ويعيدها بعد فراغ الإمام من صلاته القسم الرابع : ما لا تلزم فيه المتابعة وله حالات ثلاث : الحالة الأولى : ما يطلب من المأموم . وإن لم يأت به الإمام وذلك في أمور : منها ما هو سنة وذلك كما في تكبيرات الصلاة سوى تكبيرة الإحرام والتشهد . فيسن للمأموم أن يأتي بها وإن لم يأت بها الإمام ومثلها تكبيرات العيد فإنها يأت بها المأموم ولو تركها الإمام ومنها ما هو مندوب كالتكبير في أيام التشريق عقب الصلوات المفروضة المتقدم بيانه في مباحث " العيدين " فإنه يندب أن يأتي به المأموم فلو تركه الإمام فإنه يندب المأموم أن يأتي به الحالة الثانية : ما لا تصح متابعة الإمام فيه وذلك فيما إذا وقع من الإمام عمل غير مشروع في الصلاة من زيادة أو نقصان أو نحو ذلك فإذا زاد في صلاته ركعة أو سجدة أو نحوهما من الأركان فإن المأموم لا يتبعه في ذلك بل يسبح له وإن زاد الإمام ذلك عمدا بطلت صلاته وصلاة المأموم طبعا وكذا لا يتبع المأموم إمامه إذا زاد في تكبيرات العيد على ما يراه المالكي كما تقدم في العيد ومثل ذلك ما إذا زاد الإمام في تكبير صلاة الجنازة على أربع فإن المأموم لا يتبعه في هذه الزيادة ومثل ذلك ما إذا زاد الإمام في تكبير صلاة الجنازة على أربع فإن المأموم لا يتبعه في هذه الزيادة ومثل ذلك ما إذا زاد الإمام ركنا في صلاته كما إذا صلى الظهر أربع ركعات ثم سها وقام للخامسة فإن المأموم لا يتبعه في ذلك القيام بل يجلس ويسبح له وإن تابعه المأموم فيها عمدا بطلت صلاته إلا إذا تبين أن المأموم مخطئ والإمام مصيب بعد الصلاة
هذا وإذا ترك الإمام الجلوس الأول وهم للقيام للركعة الثالثة فإذا لم يفارق الأرض بيديه وركبتيه ورجع فلا شيء عليه أما إذا فارق الأرض بيديه وركبتيه ثم رجع فإن صلاته لا تبطل على الصحيح ويسجد بعد السلام لأن المفروض أنه رجع قبل أن يقوم ويقرأ الفاتحة وعلى المأموم أن يتابعه في كل ذلك والحنفية يقولون : إذا فعل ذلك وكان للقيام أقرب بطلت صلاته وكذا يتبع المأموم إمامه إن سجد للتلاوة في الصلاة فإذا ترك المأموم السجود كما إذا كان حنفيا يرى أن سجود التلاوة يحصل ضمن الركوع فإن المأموم يتركه أيضا
الحنابلة قالوا : متابعة المأموم لإمامه هي أن لا يسبق المأموم إمامه بتكبيرة الإحرام أو السلام أو فعل من أفعال الصلاة فإذا سبقه بتكبيرة الإحرام فإن صلاته لم تنعقد سواء فعل ذلك عمدا أو سهوا . ومثل ذلك ما إذا ساواه في تكبيرة الإحرام بأن كبر مع إمامه فإن صلاته لم تنعقد فالمقارنة في تكبيرة الإحرام مفسدة للصلاة بخلاف غيرها من باقي الأركان فإنها مكروهة فقط وإذا سبق المأموم إمامه بالسلام فإن كان ذلك عمدا بطلت صلاته فإذا سلم قبله ولم يأت بالسلام بعده بطلت صلاته هذا ما إذا سبق المأموم إمامه بتكبيرة الإحرام أو السلام . أما إذا سبقه في فعل غير ذلك فلا يخلو إما أن يسبقه بالركوع أو بالهوي للسجود أو بالسجود أو بالقيام ولكل منها أحكام : فإذا سبقه بالركوع عمدا بأن ركع ورفع من الركوع قبل إمامه متعمدا بطلت صلاته أما إذا ركع قبل إمامه وظل راكعا حتى ركع إمامه وشاركه في ركوعه فإن صلاته لا تبطل إذا رجع وركع بعد ركوع إمامه أو ركع ورفع قبل إمامه سهوا أو خطا فإنه يجب عليه أن يرجع ويركع ويرفع بعد إمامه ويلغو ما فعله أولا في الحالتين فإن ركع ورفع وحده عمدا أو سهوا قبل الإمام وظل واقفا حتى فرغ الإمام من الركوع والرفع منه ثم شاركه في الهوي للسجود بطلت صلاته
هذا إذا ركع ورفع قبل إمامه : أما إذا ركع قبله ورفع ولم يتبعه في ذلك عمدا فإن صلاته تبطل أما إذا تخلف عن متابعة الإمام في ركوعه ورفعه سهوا أو لعذر فإن صلاته لا تبطل وفي هذه الحالة يجب عليه أن يركع ويرفع وحده إذا لم يخف فوات الركعة الثانية مع الإمام فإن خاف ذلك فإنه يجب عليه أن يتبع الإمام في أفعاله ويلغي الركعة التي فاتته مع الإمام وعلي قضاؤها بعد سلام إمامه ومثل الركوع في هذا الحكم غيره من أفعال الصلاة سواء كان سجودا أو قياما أو غيرهما فإنه إذا لم يتبع الإمام فيه سهوا أو لعذر فإن عليه أن يقضيه وحده إن لم يخف فوت ما بعده مع إمامه وإلا تبع الإمام فيما بعده وأتى بركعة بعد سلام إمامه
هذا إذا لم يتبع إمامه في الركوع أما إذا لم يتبعه في الهوي للسجود فإن هوى الإمام للسجود وهو واقف حتى سجد الإمام ثم هوى وحده وأدرك الإمام في سجوده أو سبق الإمام في القيام للركعة التالي بأن سجد مع الإمام ثم قام قبل أن يقوم الإمام فإن صلاته لا تبطل بذلك ولكن يجب عليه أن يرجع ليتبع الإمام في ذلك وإذا وقع منه ذلك سهوا فإنه لا يضر من باب أولى ولكن يجب عليه أن يرجع أيضا ويتابع فيه إمامه ويلغي ما فعله وحده فإذا لم يأت به فإن الركعة لا تحسب له وعليه أن يأتي بها بعد سلام الإمام وإذا لم يتبع إمامه في ركنين كأن ركع إمامه وسجد ورفع من سجوده وهو قائم فإن كان ذلك عمدا فإن صلاته تبطل على أي حال وإن كان سهوا فإن أمكنه أن يأتي بهما ويدرك إمامه في باقي أفعال الصلاة فذاك وإلا ألغيت الركعة وعليه الإتيان بها بعد السلام وإذا تخلف بركعة كاملة أو أكثر عن الإمام لعذر كنوم يسير حال الجلوس ثم تنبه فإنه يجب عليه عند تنبهه أن يتبع الإمام فيما بقي من الصلاة ثم يقضي ما فاته بعد سلام إمامه لأنه يكون كالمسبوق )يتبع . . . ( تابع . . . 1 : ومن شروط الإمامة متابعة المأموم لإمامه في أفعال الصلاة على تفصيل
الشافعية قالوا : متابعة المأموم لإمامه لازمة في أمور يعبر عنها بعضهم - بشروط القدوة - الأول : أن يتبع المأموم إمامه في تكبيرة الإحرام فلو تقدم المأموم على إمامه أو ساواه في حرف من تكبيرة الإحرام لم تنعقد صلاته أصلا وإذا شك في تقدمه على إمامه بتكبيرة الإحرام فإن صلاته تبطل بشرط أن يحصل له هذا الشك أثناء الصلاة أما إذا شك في ذلك بعد الفراغ من الصلاة فإن شكه لا يعتبر ولا تجب عليه الإعادة الثاني : ان لا يسلم المأموم قبل سلام إمامه فلو وقع منه ذلك بطلت صلاته أما إذا سلم معه فإن صلاته تصح مع الكراهة وإذا شك في أنه سلم قبل الإمام بطلت صلاته الثالث : أن لا يسبق المأموم إمامه ركنين من أركان الصلاة ولهذا المأموم حالتان : أن يكون المأموم مسبوقا وهو الذي لم يدرك مع إمامه ذلك الزمن فإذا كان مدركا وسبق إمامه بركنين كأن ترك إمامه قائما ثم ركع وحده ورفع من الركوع وهوى للسجود ولم يشترك مع إمامه فإن صلاته تبطل بشروط : الأول : أن يسبقه بركنين كما ذكرنا فلو سبق المأموم إمامه بركن واحد كأن ترك إمامه يقرأ ثم ركع وحده ولم يرفع من ركوعه حتى ركع إمامه وشاركه في ركوعه فإن صلاة المأموم لا تبطل بذلك السبق ولكن يحرم على المأموم أن يسبق إمامه بركن واحد فعلي بغير عذر الثاني : أن لا يكون الركنان فعليان لا قوليان فإذا سبق المأموم إمامه بركنين قوليين كأن قرأ التشهد وصلى على النبي قبل إمامه فإن ذلك لا يضر سواء كان عمدا أو جهلا أو نسيانا وإذا سبق إمامه بركنين : أحدهما قولي والآخر فعلي كأن قرأ الفاتحة قبل إمامه ثم ركع قبله فإنه يحرم عليه سبقه بالركوع أما سبقه بقراءة الفاتحة فإنه لا شيء فيه . الشرط الثالث : أن يسبقه بالركنين عمدا أما إذا ركع قبل إمامه ورفع جهلا فإن صلاته لا تبطل وكذا لو فعل ذلك نسيانا ولكن يجب عليه في هذه الحالة أن يرجع ويتبع إمامه متى ذكر ويلغي ما عمله وحده ومثل ذلك ما إذا لو فرض وتعلم الجاهل وهو في الصلاة فإنه يجب عليه أن يرجع ويتبع إمامه وإلا بطلت صلاتهما هذا حكم ما إذا كان المأموم مدركا وسبق إمامه بركنين فعليين عمدا أو جهلا أو نسيانا أو سبقه بركنين قوليين أو بركن قولي وركن فعلي أما إذا كان المأموم مدركا وتخلف عن إمامه بأن سبقه إمامه كما إذا كان المأموم بطيء القراءة والإمام معتدل القراءة فإنه في هذا الحال يغتفر للمأموم أن يتخلف عن إمامه ولا يتبعه في ثلاثة أركان طويلة وهي الركوع والسجدتان أما الاعتدال من الركوع أو من السجود والجلوس بين السجدتين فهما ركنان قصيران فلا يحسبان في تخلف المأموم عن إمامه فإذا سبقه الإمام بأكثر من ذلك كأن لم يفرغ المأموم من قراءته إلا بعد شروع الإمام في الركن الرابع فإن عليه في هذه الحالة أن يتبع إمامه فيما هو فيه من أفعال الصلاة ثم يقضي ما فاته منها بعد سلام الإمام فإن لم يتبع إمامه قبل شروعه في الركن الخامس فإن صلاته تبطل ولا فرق في هذا الحكم بين أن يكون المأموم المدرك مشغولا بقراءة مفروضة أو بقراءة مسنونة كدعاء الافتتاح
هذا حكم المأموم المدرك وهو الذي ذكرناه في الحالة الأولى أما الحالة الثانية للمأموم المسبوق وهو الذي لم يدرك مع إمامه زمنا يسع قراءة الفاتحة فهي أنه يسن له أن لا يشتغل بسنة بل عليه أن يشتغل بقراءة السنة ثم ركع إمامه وهو يقرأ الفاتحة فإنه يجب عليه أن يتبع إمامه في الركوع ويسقط عنه في هذه الحالة ما بقي عليه من قراءة الفاتحة فإن لم يتبع الإمام في الركوع في هذه الحالة حتى رفع الإمام فاتته الركعة ولا تبطل صلاته إلا إذا تخلف عن الإمام بركنين فعليين كأن يترك إمامه يركع ويرفع من الركوع ويهوي للسجود وهو واقف يقرأ الفاتحة فإذا اشتغل المسبوق بسنة كقراءة دعاء الافتتاح فإنه يجب عليه في هذه الحالة أن يتخلف عن الإمام ويقرأ بقدر هذا الدعاء من الفاتحة فإذا فرغ من ذلك وأدرك الركوع مع الإمام احتسبت له الركعة أما إذا رفع الإمام من الركوع وأدركه في هذا الرفع فإنه يجب عليه أن يتبع إمامه في الرفع من الركوع ولا يركع هو وتفوته الركعة فإذا لم يفرغ من قراءة ما عليه وأراد الإمام الهوي للسجود فيجب على المأموم في هذه الحالة أن ينوي مفارقة إمامه ويصلي وحده فإن لم ينو المفارقة عند هوي الإمام للسجود في هذه الحالة بطلت صلاته سواء هوى معه للسجود أو لا
هذذا حكم المأموم المسبوق وبقي في الموضوع أمور : منها إذا سها المأموم عن قراءة الفاتحة ثم ذكرها قبل ركوع الإمام وجب عليه التخلف عن الإمام لقراءة الفاتحة ويغفر له مفارقة الإمام بثلاثة أركان طويلة كما تقدم أما إذا تذكرها بعد ركوعه مع الإمام فلا يعود لقراءتها ثم يأتي بعد سلام الإمام بركعة وإذا لم يقرأ الفاتحة انتظارا لسكوت إمامه بعد الفاتحة فلم يسكت الإمام وركع قبل أن يقرأ المأموم الفاتحة فإنه يكون في هذه الحالة معذورا ويلزمه أن لا يتبع إمامه في ركوعه بل عليه أن يقرأ الفاتحة ويغتفر له عدم المتابعة في ثلاثة أركان طويلة وهي الركوع والسجودان وعليه أن يتم الصلاة خلف الإمام حسب الحالة التي هو عليها سواء أدرك الإمام في أفعاله أو لا هذذا حكم المأموم المسبوق وبقي في الموضوع أمور : منها إذا سها المأموم عن قراءة الفاتحة ثم ذكرها قبل ركوع الإمام وجب عليه التخلف عن الإمام لقراءة الفاتحة ويغفر له مفارقة الإمام بثلاثة أركان طويلة كما تقدم أما إذا تذكرها بعد ركوعه مع الإمام فلا يعود لقراءتها ثم يأتي بعد سلام الإمام بركعة وإذا لم يقرأ الفاتحة انتظارا لسكوت إمامه بعد الفاتحة فلم يسكت الإمام وركع قبل أن يقرأ المأموم الفاتحة فإنه يكون في هذه الحالة معذورا ويلزمه أن لا يتبع إمامه في ركوعه بل عليه أن يقرأ الفاتحة ويغتفر له عدم المتابعة في ثلاثة أركان طويلة وهي الركوع والسجودان وعليه أن يتم الصلاة خلف الإمام حسب الحالة التي هو عليها سواء أدرك الإمام في أفعاله أو لا هذا إذا كان الإمام معتدل القراءة أما إن كان سريع القراءة وكان المأموم موافقا لإمامه فإنه يقرأ ما يمكنه من الفاتحة ويتحمل عنه الإمام الباقي ولا يغتفر له التخلف عن إمامه بثلاثة أركان طويلة



اقتداء مستقيم الظهر بالمنحني

ومن شروط صحة الإمامة أن لا يكون ظهر الإمام منحنيا إلى الركوع فإن وصل انحناؤه إلى حد الركوع فلا يصح اقتداء الصحيح به ولكن يصح لمثله أن يقتدي به وهذا متفق عليه بين ثلاثة من الأئمة وخالف الشافعية فقالوا : إن إمامته تصح لمثله ولغيره ولو وصل انحناؤه إلى حد الركوع


اتحاد فرض الإمام والمأموم

ومنها اتحاد فرض الإمام والمأموم فلا تصح صلاة ظهر مثلا خلف عصر ولا ظهر أداء خلف ظهر قضاء ولا عكسه ولا ظهر يوم السبت خلف ظهر يوم الأحد وإن كان كل منهما قضاء هذا متفق عليه بين المالكية والحنفية أما الشافعية والحنابلة فانظر مذهبهم تحت الخط




الشافعية و الحنابلة قالوا : يصح الاقتداء في كل ما ذكر إلا أن
الحنابلة قالوا : لا يصح ظهر خلف عصر ولا عكسه ونحو ذلك و
الشافعية قالوا : يشترط اتحاد صلاة المأموم وصلاة الإمام في الهيئة والنظام فلا يصح صلاة ظهر مثلا خلف صلاة جنازة لاختلاف الهيئة ولا صلاة صبح مثلا خلف صلاة كسوف لأن صلاة الكسوف ذات قيامين وركوعين



نعم يصح اقتداء المتنفل بالمفترض وناذر نفل بناذر آخر والحالف أن يصلي نفلا بحالف آخر والناذر بالحالف ولو لم يتحد المنذور أو المحلوف عليه كأن نذر شخص صلاة ركعتين عقب الزوال ونذر الآخر صلاة ركعتين مطلقا كما يصح اقتداء المسافر بالمقيم في الوقت وخارجه ويلزم إتمام الصلاة أربعا وهذا متفق عليه إلا عند الحنفية فانظر مذهبهم تحت الخط




الحنفية قالوا : لا يصخ اقتداء ناذر بناذر لم ينذر عين ما نذر الإمام أما إذا نذر المأموم عين ما نذره الإمام كأن يقول : نذرت أن أصلي الركعتين اللتين نذرهما فلان فيصح الاقتداء وكذا لا يصح اقتداء الناذر بالحالف أما اقتداء الحالف بالناذر . والحالف بالحالف فصحيح كذا قالوا : ولا يصح اقتداء المسافر بالمقيم في الرباعية خارج الوقت : لأن المأموم بعد الوقت فرضه الركعتان فتكون الجلسة الأولى فرضا بالنسبة له والإمام فرضه الأربع لأنه مقيم فتكون الجلسة الأولى سنة بالسنة له فيلزم اقتداء مفترض بمتنفل وهو لا يصح وسيأتي في " صلاة المسافر "



هذا وللإمامة شروط أخرى مبينة في المذاهب في أسفل الصحيفة




الحنفية : زادوا في شروط صحة الاقتداء أن لا يفصل بين المأموم والإمام صف من النساء فإن كن ثلاثة فسدت صلاة ثلاثة رجال خلفهن من كل صف إلى آخر الصفوف وإن كانتا اثنتين فسدت صلاة اثنين من الرجال خلفهما إلى آخر الصفوف وإن كانت واحدة فسدت صلاة من كانت محاذية له عن يمينها ويسارها ومن كان خلفها وقد تقدمت شروط فساد الصلاة بمحاذاة المرأة في " مفسدات الصلاة " الحنابلة : زادوا في شروط الاقتداء أن يقف المأموم إن كان واحدا عن يمين الإمام فإن وقف عن يساره أو خلفه بطلت إن كان ذكرا أو خنثى أما المرأة فلا تبطل صلاتها بالوقوف خلفه لأنه موقفها المشروع وكذا بالوقوف عن يمين الإمام نعم تبطل صلاتها بالوقوف عن يساره وهذا كله فيما إذا صلى المأموم المخالف لموقفه الشرعي ركعة مع الإمام أما إذا صلى بعض ركعة ثم عاد إلى موقفه الشرعي وركع مع الإمام فإن صلاته لا تبطل وأن يكون الإمام عدلا فلا تصح إمامة الفاسق ولو كان بمثله ولو كان فسقه مستورا فلو صلى خلف من يجهل فسقه ثم علم بذلك بعد فراغ صلاته وجبت عليه إعادتها إلا في صلاة الجمعة والعيدين فإنهما تصحان خلف الفاسق بلا إعادة إن لم تتيسر صلاتهما خلف عدل والفاسق هو من اقترف كبيرة أو دوام على صغيرة الشافعية : زادوا في شروط صحة الاقتداء موافقة المأموم لإمامه في سنة تفحش المخالفة فيها وهي محصورة في ثلاث سنن : الأولى سجدة التلاوة في صبح يوم الجمعة فيجب على المقتدي أن يتابع إمامه إذا فعلها وكذا يجب عليه موافقته في تركها الثانية : سجود السهو فيجب على المأموم متابعة إمامه في فعله فقط أما إذا تركه الإمام فيسن للمأموم فعله بعد سلام إمامه الثالثة : التشهد الأول فيجب على المأموم أن يتركه إذا تركه إمامه ولا يجب عليه أن يفعله إذا فعله الإمام بل يسن له فعله عند ذلك أما القنوت فلا يجب على المقتدي متابعة إمامه فيه فعلا ولا تركا وأن يكون الإمام في صلاة لا تجب إعادتها فلا يصح الاقتداء بفاقد الطهورين لأن صلاته تجب إعادتها المالكية : زادوا في شروط صحة الإمامة أن لا يكون الإمام معيدا صلاته لتحصيل فضل الجماعة فلا يصح اقتداء مفترض بمعيد لأن صلاة المعيد نفل ولا يصح فرض خلف نفل وأن يكون الإمام عالما بكيفية الصلاة على الوجه الذي تصح به وعالما بكيفية شرائطها كالوضوء والغسل على الوجه الصحيح وإن لم يميز الأركان من غيرها وأن يكون الإمام سليما من الفسق المتعلق بالصلاة كأن يتهاون في شرائطها أو فرائضها فلا تصح إمامة من يظن فيه أن يصلي بدون وضوء أو يترك قراءة الفاتحة أما إذا كان فسقه غير متعلق بالصلاة كالزاني وشارب الخمر فإن إمامته تصح مع الكراهة على الراجح



الأعذار التي تسقط بها الجماعة

تسقط الجماعة بعذر من الأعذار الآتية : المطر الشديد والبرد الشديد والوحل الذي يتأذى به والمرض والخوف من ظالم والخوف من الحبس لدين إن كان معسرا والعمى إن لم يجد الأعمى قائدا ولم يهتد بنفسه وغير ذلك مما تقدم في الأعذار التي تسقط بها الجمعة


من له التقدم في الإمامة

قد ذكرنا من له التقدم على غيره في الإمامة عند كل مذهب تحت الخط




الحنفية قالوا : الأحق بالإمامة الأعلم بأحكام الصلاة صحة وفسادا بشرط أن يجتنب الفواحش الظاهرة ثم الأحسن تلاوة وتجويدا للقراءة ثم الأورع ثم الأقدم إسلاما ثم الأكبر سنا إن كانا مسلمين أصليين ثم الأحسن خلقا ثم الأحسن وجها ثم الأشرف نسبا ثم الأنظف ثوبا فإن استووا في ذلك كله أقرع بينهم إن تزاحموا على الإمامة وإلا قدموا من شاؤوا فإن اختلفوا ولم يرضوا بالقرعة قدم من اختاره أكثرهم فإن اختار أكثرهم غير الأحق بها أساؤوا بدون إثم وهذا كله إذا لم يكن بين القوم سلطان أو صاحب منزل اجتمعوا فيه أو صاحب وظيفة وإلا قدم السلطان ثم صاحب البيت مطلقا ومثله الإمام الراتب في المسجد وإذا وجد في البيت مالكه ومستأجره فالأحق بها المستأجر
الشافعية قالوا : يقدم ندبا في الإمامة الوالي بمحل ولايته ثم الإمام الراتب ثم الساكن بحق إن كان أهلا لها فإن لم يكن فيهم من ذكر قدم الأفقه فالأقرأ : فالأزهد فالأورع فالأقدم هجرة . فالأسن في الإسلام فالأفضل نسبا فالأحسن سيرة فالأنظف ثوبا وبدنا وصنعة فالأحسن صوتا فالأحسن صورة فالمتزوج فإن تساووا في كل ما ذكر أقرع بينهم ويجوز للأحق بالإمامة أن يقدم غيره لها ما لم يكن تقدمه بالصفة كالأفقه فليس له ذلك
المالكية قالوا : إذا اجتمع جماعة كل واحد منهم صالح للإمامة يندب تقديم السلطان أو نائبه ولو كان غيرهما أفقه وأفضل ثم الإمام الراتب في المسجد ورب المنزل ويقدم المستأجر له على المالك . فإن كان رب المنزل امرأة كانت هي صاحبة الحق ويجب عليها أن تنيب عنها لأن إمامتها لا تصح ثم الأعلم بأحكام الصلاة ثم الأعلم بفن الحديث رواية وحفظا ثم العدل على مجهول الحال ثم الأعلم بالقراءة ثم الزائد في العبادة ثم الأقدم إسلاما ثم الأرقى نسبا ثم الأحسن في الخلق ثم الأحسن لباسا وهو لابس الجديد المباح فإن يتساوى أهل رتبة قدم أورعهم وحرم على عبدهم فإن استووا في كل شيء أقرع بينهم إلا إذا رضوا بتقديم أحدهم فإذا كان تزاحمهم بقصد العلو والكبر سقط حقهم جميعا
الحنابلة قالوا : الأحق بالإمامة الأفقه الأجود قراءة ثم الفقيه الأجود قراءة ثم الأجود قراءة فقط وإن لم يكن فقيها إذا كان يعلم أحكام الصلاة ثم الحافظ لما يجب للصلاة الأفقه ثم الحافظ لما يجب لها الفقيه ثم الحافظ لما يجب العالم فقد صلاته ثم قارئ لا يعلم فقه صلاته فإن استووا في عدم القراءة قدم الأعلم بأحكام الصلاة فإن استووا في القراءة والفقه قدم أكبرهم سنا ثم الأشرف نسبا فالأقدم هجرة بنفسه والسابق بالإسلام كالسابق بالهجرة ثم الأتقى ثم الأورع فإن استووا فيما تقدم أقرع بينهم وأحق الناس بالإمامة في البيت صاحبه إن كان صالحا للإمامة وفي المسجد الإمام الراتب ولو عبدا فيهما وهذا إذا لم يحضر البيت أو المسجد ذو سلطان وإلا فهو الأحق



مبحث مكروهات الإمامة : إمامه الفاسق والأعمى

تكره إمامة الفاسق إلا إذا كان إماما لمثله باتفاق الحنفية والشافعية أما الحنابلة والمالكية فانظر مذهبيهما تحت الخط




الحنابلة قالوا : إمامة الفاسق ولو لمثله غير صحيحة إلا في صلاة الجمعة والعيد إذا تعذرت صلاتهما خلف غيره فتجوز إمامته للضرورة
المالكية قالوا : إمامة الفاسق مكروهة ولو لمثله



وكذا تكره إمامة المبتدع إذا كانت بدعته غير مكفرة باتفاق ويكره تنزيها للإمام إطالة الصلاة إلا إذا كان إمام قوم محصورين ورضوا بذلك فإنه لا يكره كما تقدم باتفاق ثلاثة وخالف الحنفية فانظر مذهبهم تحت الخط




الحنفية قالوا : يكره للإمام تحريما التطويل في الصلاة إلا إذا كان إمام قوم محصورين ورضوا بالتطويل لقوله صلى الله عليه و سلم : " من أم فليخفف " والمكروه تحريما إنما هو الزيادة عن الإتيان بالسنن



اقتداء المتوضئ بالمتيمم وغير ذلك

هذا ويصح اقتداء متوضئ بمتيمم وغاسل بماسح على خف أو جبيرة بلا كراهة باتفاق الحنفية والحنابلة أما الشافعية والمالكية فانظر مذهبيهما تحت الخط




الشافعية قالوا : إنما يصح ذلك بشرط أن لا تلزم الإمام إعادة الصلاة التي يصليها فإذا مسح شخص على جبيرة وكان ذلك المسح غير كاف في صحة الصلاة بدون إعادة فإنه يصح أن يكون إماما وغلا فلا
المالكية قالوا : اقتداء المتوضء بالمتيمم والغاسل بالماسح على خف أو جبيرة مكروه فهو من مكروهات الإمامة عندهم



وللإمامة مكروهات أخرى مبينة في المذاهب فانظرها تحت الخط




الحنفية قالوا : يكره تنزيها إمامة الأعمى إلا إذا كان أفضل القوم ومثله ولد الزنا وكذا تكره إمامة الجاهل سواء كان بدويا أو حضريا مع وجود العالم وتكره أيضا إمامة الأمرد الصبيح الوجه وإن كان أعلم القوم إن كان يخشى من إمامته الفتنة وإلا فلا وتكره إمامة السفيه الذي لا يحسن التصرف والمفلوج والأبرص الذي انتشر برصه والمجذوم والمجبوب والأعرج الذي يقوم ببعض قدمه ومقطوع اليد ويكره أيضا إمامة من يؤم الناس بأجر إلا إذا شرط الواقف له أجرا فلا تكره إمامته لأنه يأخذه كصدقة ومعونة وتكره أيضا إمامة من خالف مذهب المقتدي في الفروع إن شك في كونه لا يرعى الخلاف فيما يبطل الصلاة أو الوضوء أما إذا لم يشك في ذلك بأن علم أنه يرعى الخلاف أو لم يعلم من أمره شيئا فلا يكره ويكره أيضا ارتفاع مكان الإمام عن سائر المقتدين بقدر ذراع فأكثر فإن كان أقل من ذلك فلا كراهة كما يكره أيضا ارتفاع المقتدين عن مكانه بمثل هذا القدر والكراهة في كلتا الحالتين مقيدة بما إذا لم يكن مع الإمام في موقفه أحد منهم ولو واحدا فإن كان معه واحد فأكثر فلا كراهة وتكره إمامة من يكره الناس إذا كان ينفرهم من الصلاة خلفه لنقص فيه ويكره تحريما جماعة النساء ولو في التراويح إلا في صلاة الجنازة فإن فعلن تقف المرأة فيه ويكره تحريما جماعة النساء ولو في التراويح إلا في صلاة الجنازة فإن فعلن تقف المرأة وسطهن كما يصلي العراة ويكره حضورهن الجماعة ولو الجمعة والعيد والوعظ بالليل أما بالنهار فجائز إذا أمنت الفتنة وكذا تكره إمامة الرجل لهن في بيت ليس معهن رجل غيره ولا محرم منه كزوجه وأخته
الشافعية قالوا : تكره إمامة من تغلب على الإمامة ولا يستحقها ومن لا يتحرز عن النجاسة ومن يحترف حرفة ذيئة كالحجام ومن يكهه أكثر القوم لأمر مذموم كإكثار الضحك ومن لا يعرف له أب وكذا ولد الزنا إلا لمثله وتكره إمامة الأقلف ولو بالغا كما تكره إمامة الصبي ولو أفقه من البالغ وكذا الفأفاء والوأواء ولا تكره إمامة الأعمى وتكره إمامة من كان يلحن لحنا لا يغير المعنى وتكره أيضا إمامة من يخالف مذهب المقتدير في الفروع كالحنفي الذي يعتقد أن التسمية ليست فرضا ويكره ارتفاع مكان الإمام عن مكان المأموم وعكسه من غير حاجة كأن كان وضع المسجد يقتضي ذلك فإنه لا يكره الارتفاع حينئذ
الحنابلة قالوا : تكره إمامة الأعمى والأصم والأقلف ولو بالغا ومن كان مقطوع اليدين أو الرجلين أو إحداهما إذا أمكنه القيام وإلا فلا تصح إمامته إلا لمثله وتكره إمامة مقطوع الأنف ومن يصرع أحيانا وتكره إمامة الفأفاء والتمتام ومن لا يفصح ببعض الحروف ومن يحلن لحنا لا يغير المعنى كأن يجردال الحمد لله ويكره أيضا ارتفاع مكان الإمام عن المأموم ذراعا فأكثر أما المأموم فلا كراهة في ارتفاع مكانه وتكره إمامة من يكرهه أكثر القوم بحق لخلل في دينه أو فضله ولا يكره الاقتداء به وتكره إمامة الرجل للنساء ولو واحدة إن كن أجنبيات ولم يكن معهن رجل
المالكية قالوا : تكره إمامة البدوي - وهو ساكن البادية - للحضري - ساكن الحاضرة - ولو كان البدوي أكثر قراءة من الحضري أو أشد إتقانا للقراءة منه لما فيه من الجفاء والغلظة والإمام شافع فينبغي أن يكون ذا لين ورحمة وكذا تكره إمامة من يكرهه بعض الناس لتقصير في دينه غير ذوي الفضل من الناس وأما من يكرهه أكثر الناس أو ذو الفضل فتحرم إمامته ويكره أن يكون الخصي إماما راتبا وكذلك من يتكسر في كلامه كالنساء وولد الزنا . وأما إمامتهم من غير أن يكونوا مرتبين فلا تكره ويكره أن يكون العبد إماما راتبا : والكراهة في الخصي وما بعده مخصوصة بالفرائض والسنن وأما النوافل فلا يكره أن يكون واحد من هؤلاء إماما راتبا فيها وتكره إمامة الأقلف - وهو الذي لم يختن - ومجهول الحال الذي لا يدري هل هو عدل أو فاسق ومجهول النسب وهو الذي لا يعرف أبوه ويكره اقتداء من بأسفل السفينة بمن في أعلاها لئلا تدور السفينة فلا يتمكنون من ضبط أعمال الإمام واقتداء من عل جبل أبي قبيس بمن في المسجد الحرام وتكره صلاة رجل بين نساء أو امرأة بين رجال وصلاة الإمام بدون رداء يلقيه على كتفه إن كان في المسجد وتنفل الإمام بمحرابه والجلوس به على هيئته وهو في الصلاة وأما إمامة الأعمى فهو جائزة ولكن البصير أفضل وكذلك يجوز علو المأموم على إمامه ما لم يقصد به الكبر وإلا حرم وبطلت به الصلاة ولو كان المأموم بسطح المسجد وهذا في غير الجمعة أما صلاة الجمعة على سطح المسجد فباطلة كما تقدم وأما علو الإمام على مأمومه فهو مكروه إلا أن يكون العلو بشيء يسير كالشبر والذراع أو كان لضرورة كتعليم الناس كيفية الصلاة فيجوز ويكره اقتداء البالغ بالصبي في النفل ويكره اقتداء المسافر بالمقيم وبالعكس إلا أن الكراهة في الأول آكد



كيف يقف المأموم مع إمامه

إذا كان مع الإمام رجل واحد أو صبي مميز قام ندبا عن يمين الإمام مع تأخره قليلا فتكره مساواته




الحنفية قالوا : لا تكره المساواة



ووقوفه عن يساره أو خلفه إذا كان معه رجلان قاما خلفه ندبا وكذلك إذا كان خلفه رجل وصبي وإن كان معه رجل وامرأة قام الرجل عن يمينه والمرأة خلف الرجل ومثل الرجل في هذه الصورة الصبي وإذا اجتمع رجال وصبيان وخناثى وإناث قدم الرجال ثم الصبيان ثم الخناثى ثم الإناث وهذه الأحكام متفق عليها بين الأئمة إلا الحنابلة فإنهم قالوا : إذا صلى رجل واحد مع إمام واقف عن يسار الإمام ركعة كاملة بطلت صلاته وإذا صلى رجل وصبي فإنه يجب أن يكون الرجل عن يمين الإمام وللصبي أن يصلي عن يمينه أو يساره لا خلفه وينبغي للإمام أن يقف وسط القوم فإن وقف عن يمينهم أو يسارهم فقد أساء بمخالفته السنة وينبغي أن يقف أفضل القوم في الصف الأول حتى يكونوا متأهلين للإمامة عند سبق الحدث ونحوه والصف الأول أفضل من الثاني والثاني أفضل من الثالث وهكذا وينبغي أيضا لمن يسد الفرج أن يكون أهلا للوقوف في الصف الذي به الفرجة فليس للمرأة أن تنتقل من مكانها المشروع لسد فرجة في صف لم يشرع لها الوقوف فيه أما الصبيان فإنهم في مرتبة الرجال إذا كان الصف ناقصا فيندب أن يكملوه إذا لم يوجد من يكمله من الرجال باتفاق ثلاثة وخالف الحنفية فانظر مذهبهم تحت الخط




الحنفية قالوا : إذا لم يكن في القوم غير صبي واحد دخل في صف الرجال فإن تعدد الصبيان جعلوا صفا وحدهم خلف الرجال ولا تكمل بهم صفوف الرجال



وينبغي للقوم إذا قاموا إلى الصلاة أن يتراصوا ويسدوا الفرج ويسووا بين مناكبهم في الصفوف فإذا جاء أحد للصلاة فوجد الإمام راكعا أو وجد فرجة بعد أن كبر تكبيرة الإحرام ففيما يفعله في هاتين الحالتين تفصيل المذاهب فانظره تحت الخط




الحنفية قالوا : إذا جاء الصلاة أحد فوجد الإمام راكعا فإن كان في الصف الأخير فرجة فلا يكبر للإحرام خارج الصف بل يحرم فيه ولو فاتته الركعة ويكره له أن يحرم خارج الصف أما إذا لم يكن في الصف الأخير فرجة فإن كان في غيره من الصفوف الأخرى فرج لا يكبر خارجها أيضا وإن لم يكن بها فرج كبر خلف الصفوف وله أن يجذب إليه واحدا ممن أمامه في الصف بشرط أن لا يعمل عملا كثيرا مفسدا للصلاة ليكون له صفا جديدا فإن صلى وحده خلف الصفوف كره وأما إذا دخل المقتدي في الصلاة ثم رأى فرجة في الصفوف التي أمامه مما يلي المحراب فيندب له أن يمشي لسد هذه الفرجة بمقدار صف واحد فإذا كان المقتدي المذكور في الصف الثاني ورأى الفرجة في الصف الأول جاز له الانتقال إليه أما إذا كان في الثالث والفرجة في الأول فلا يمشي إليها ولا يسدها فإن فعل ذلك بطلت صلاته لأنه عمل كثير
الحنابلة قالوا : إذا جاء إلى الصلاة فوجد الإمام راكعا . وكان في الصف الأخير فرجة جاز له أن يكبر خارج الصف محافظة على الركعة وأن يمشي إلى الفرجة فيسدها وهو راكع أو بعد رفعه من الركوع إذا لم يسجد الإمام فإن لم يدخل الصف قبل سجود الإمام ولم يجد واحدا يكون معه صفا جديدا بطلت صلاته أما إذا كبر خلف الصف لا لخوف فوات الركعة ولم يدخل في الصف إلا بعد الرفع من السجود فإن صلاته تبطل وإذا أحرم المقتدي ثم وجد فرجة في الصف الذي أمامه ندب له أن يمشي لسدها إن لم يؤد ذلك إلى عمل كثير عرفا وإلا بطلت صلاته أما إذا جاء ليصلي مع الجماعة فلم يجد فرجة في الصف ولا يمكنه أن يقف عن يمين الإمام فيجب عليه أن ينبه رجلا من الصف يقف معه خلف الصف بكلام أو بنحنحة ويكره له أن ينبهه بجذبه ولو كان عبده أو ابنه فإن صلى ركعة كاملة خلف الصف وحده بطلت صلاته
المالكية قالوا : إذا جاء المأموم فوجد الإمام في الصلاة فإن ظن أنه يدرك الركعة إذا أخر الدخول معه حتى يصل إلى الصف أخر الإحرام ندبا حتى يصل إليه وإن ظن أن الركعة تفوته إذا أخر الإحرام حتى يصل إلى الصف ندب له الإحرام إن ظن أنه يدرك الصف قبل رفع الإمام رأسه من الركوع لو مشى إليه بعد الدخول في الصلاة وإن لم يظن ذلك آخر الإحرام حتى يدخل في الصف ولو فاتته الركعة إلا إذا كان الإمام في الركعة الأخيرة فإنه يحرم خارج الصف للمحافظة على إدراك الجماعة وإذا مشى في الصلاة لسد الفرجة فإنه يرخص له في المشي مقدار صفين سوى الذي خرج منه والذي دخل فيه فإذا تعددت الفرج مشى للأول من جهة المحراب حيث كانت المسافة لا تزيد على ما ذكر وإذا مشى وهو جالس أو ساجد أو رافع من الركوع فإن فعل ذلك كره ولا تبطل على المعتمد وإذا جاء المأموم ولم يجد في الصف فرجة فإنه يحرم خارجه ويكره له أن يجذب أحدا من الصف ليقف معه ولو جذب أحدا كره له أن يوافقهز
الشافعية قالوا : إذا جاء المأموم فوجد الإمام راكعا وفي الصف فرجة ندب له أن يؤخر الدخول معه حتى يصل إلى الصف ولو فاتته الركعة . وأما إذا دخل في الصلاة ثم وجد بعد ذلك فرجة في صف من الصفوف جاز له أن يخترق الصفوف حتى يصل إلى الفرجة بشرط أن لا يمشي ثلاث خطوات متوالية وبشرط أن يكون مشيه في حال قيامة وغلا بطلت صلاته وإنما يمشي في الصلاة لسد الفرجة إذا كانت موجودة قبل دخوله في الصلاة أما إذا حدثت الفرجة بعد دخوله في الصلاة فليس له أن يخترق الصفوف وأما إذا جاء إلى الصلاة ولم يجد فرجة في الصف فإنه يحرم خارجه وليس له بعد إحرامه أن يجذب في حال قيامه رجلا من الأحرار يرجو أن يوافقه في القيام معه بشرط أن يكون الصف المجذوب منه أكثر من اثنين وإلا فلا يسن الجذب



إعادة صلاة الجماعة

إذا صلى الظهر أو المغرب أو العشاء وحده أو في جماعة ثم وجد جماعة أخرى تصلي ذلك الفرض الذي صلاه . فهل له أن يعيده مع هذه الجماعة ؟ في هذا الحكم تفصيل المذاهب فانظره تحت الخط




الشافعية قالوا : تسن إعادة الصلاة في الوقت مطلقا سواء صلى الأولى منفردا أو بجماعة بشرط أن تكون الصلاة الثانية كلها في جماعة وأن ينوي إعادة الصلاة المفروضة وأن تقع الثانية في الوقت ولو ركعة فيه على الراجح وأن يعيدها الإمام مع من يرى جواز إعادتها أو ندبها وأن تكون الأولى مكتوبة أو نفلا تسن فيه الجماعة وأن تعاد مرة واحدة على الراجح وأن تكون غير صلاة الجنازة وأن تكون الثانية صحيحة وإن لم تغن عن القضاء وأن لا ينفرد وقت الإحرام بالصلاة الثانية عن الصف مع إمكان دخوله فيه فإن انفرد فلا تصح الإعادة أما إذا انفرد بعد إحرامه فإنها تصح وأن تكون الصلاة الثانية من قيام لقادر وأن تكون الجماعة مطلوبة في حق من يعيدها الصلاة في جماعة إذا أقيمت الجماعة وهو في المسجد سواء كان وقت الإعادة وقت نهي أو لا وسواء كان الذي يعيد معه هو الإمام الراتب أو غيره أما إذا دخل المسجد فوجد الجماعة مقامة فإن كان الوقت وقت نهي حرمت عليه الإعادة ولم تصح سواء قصد بدخوله المسجد تحصيل الجماعة أو لا أما إذا لم يكن الوقت وقت نهي وقصد المسجد للإعادة فلا يسن له الإعادة وإن لم يقصد ذلك كانت الإعادة مسنونة وهذا كله في غير المغرب أما المغرب فلا تسن إعادته مطلقا ومن أعاد الصلاة ففرضه الأولى والثانية نافلة فينويها معادة أو نافلة
المالكية قالوا : من أدى الصلاة وحده أو صلاها إماما لصبي يندب له أن يعيدها ما دام الوقت باقيا في جماعة أخرى منعقدة بدونه بأن تكون مركبة من اثنين سواه ولا يعيدها مع واحد إلا أن يكون إماما راتبا فيعيد معه ويستثنى من الصلاة التي تعاد المغرب والعشاء بعد الوتر فتحرم إعادتهما لتحصيل فضل الجماعة ويستثنى أيضا من صلى منفردا بأحد المساجد الثلاثة وهي : مسجد مكة والمدينة وبيت المقدس فلا يندب له إعادتها جماعة خارجها ويندب إعادتها جماعة فيها وإذا أعاد المصلي منفردا صلاته لتحصيل فضل الجماعة تعين أن يكون مأموما ولا يصح أن يكون إماما لمن لم يصل هذه الصلاة كما تقدم وينوي المعيد الفرض مفوضا الأمر لله تعالى في قبول أي الصلاتين فإذا نوى النفل بالصلاة المعادةن ثم تبين بطلان الأولى فلا تجزئه الثانية وأما من أدى الصلاة في جماعة فيكره له صلاتها في جماعة مرة أخرى إلا إذا كانت الجماعة الأولى خارج المساجد الثلاثة ثم دخل أحدها فيندب له إعادتها به جماعة لا فرادى
الحنفية قالوا : إذا صلى منفردا ثم أعاد صلاته مع إمام جماعة جاز له ذلك وكانت صلاته الثانية نفلا وإنما تجوز إذا كان إمامه يصلي فرضا لا نفلا لأن صلاة النافلة خلف الفرض غير مكروهة وإنما المكروه صلاة نفل خلف نفل إذا كانت الجماعة أكثر من ثلاثة كما تقدم فإن صلوا جماعة ثم أعادوا الصلاة ثانيا بجماعتهم كره إن كانوا أكثر من ثلاثة . وإلا فلا يكره إذا أعادوها بغير أذان فإن أعادوها بأذان كرهت مطلقا ومتى علم أن الصلاة الثانية تكون نفلا أعطيت حكم الصلاة النافلة في الأوقات المكروهة فلا تجوز إعادة صلاة العصر لأن النفل ممنوع بعد العصر وإذا شرع في صلاته منفردا أو كانت الصلاة أداء لا قضاء ولا منذورة ولا نافلة ثم أقيمت بجماعة فيستحب له أن يقطعها واقفا بتسليمة واحدة ليدرك فضل الجماعة وهذا إذا لم يسجد أما إعادة الصلاة لخلل فيها كترك واجب ونحوه فسيأتي بيانه في قضاء الفوائت . بعيدا عنه فلا يكره وإلا كره تحريما كما لا يكره مطلقا تكرار الجماعة في مسجد المحلة بلا أذان وإقامة



تكرار الجماعة في المسجد الواحد


يكره تكرار الجماعة في المسجد الواحد بأن يصلي فيه جماعة بعد أخرى وفيه تفصيل في المذاهب




الحنفية قالوا : لا يكره تكرار الجماعة في مساجد الطرق وهي ما ليس لها إمام وجماعة معينون أما مسجد المحلة - وهي ما لها إمام وجماعة ميعنون - فلا يكره تكرار الجماعة فيها أيضا إن كانت على غير الهيئة الأولى فلو صليت الأولى في المحراب والثانية صليت بعد ذلك
الحنابلة قالوا : إذا كان الإمام الراتب يصلي بجماعة فيحرم على غيره أن يصلي بجماعة أخرى وقت صلاته كما يحرم أن تقوم جماعة قبل صلاة الإمام الراتب بل لا تصح صلاة جماعة غير الإمام الراتب في كلتا الحالتين ومحل ذلك إذا كان بغير إذن الإمام الراتب أما إذا كان بإذنه فلا تحرم كما لا تحرم صلاة غيره إذا تأخر الإمام الراتب لعذر أو ظن عدم حضوره أو ظن حضوره ولكن كان الإمام لا يكره أن يصلي غيره في حال غيبته ففي هذه الأحوال لا تكره إمامة غيره وأما إمامة غير الراتب بعد إتمام صلاته فجائزة من غير كراهة إلا في المسجد الحرام والمسجد النبوي فإن إعادة الجماعة فيهما مكروهة إلا لعذر كمن نام عن صلاة الإمام الراتب بالحرمين فله أن يصلي جماعة بعد ذلك بلا كراهة ويكره للإمام أن يؤم بالناس مرتين في صلاة واحدة بأن ينوي بالثانية فائتة وبالأولى فرض الوقت مثلا
الشافعية قالوا : يكره إقامة الجماعة في مسجد بغير إذن إمامه الراتب مطلقا قبله أو بعده أو معه إلا إذا كان المسجد مطروقا أو ليس له إمام راتب أو له وضاق المسجد عن الجميع أو خيف خروج الوقت وإلا فلا كراهة
المالكية قالوا : يكره تكرار الجماعة مرة أخرى بعد صلاة الإمام الراتب في كل مسجد أو موضع جرت العادة باجتماع الناس للصلاة فيه وله إمام راتب ولو أذن الإمام في ذلك وكذلك تكره إقامة الجماعة قبل الإمام الراتب إذا صلى في وقته المعتاد له وإلا فلا كراهة وأما إقامة جماعة مع جماعة الإمام الراتب فهي محرمة والقاعدة عندهم أنه متى أقيمت الصلاة للإمام الراتب فلا يجوز أن تصلي صلاة أخرى فرضا أو نفلا لا جماعة ولا فرادى ويتعين على من في المسجد الدخول مع الإمام إذا كان لم يصل هذه الصلاة المقامة أو صلاها منفردا أما إذا كان قد صلاها جماعة فيتعين عليه الخروج من المسجد لئلا يطعن على الإمام وإذا كان على من بالمسجد فرض غير الفرض الذي يريد الإمام أن من يصليه كأن كان عليه الظهر وأقيمت صلاة العصر للراتب فإنه يتابع الإمام في الصورة فقط وينوي الظهر وهو منفرد فيها وعليه أن يحافظ على ما يجب على المنفرد وإذا وجد بمسجد أئمة متعددة مرتبون فإن صلوا في وقت واحد حرم لما فيه من " التشويش " وإذا ترتبوا أن يصلي أحدهم فإذا انتهى صلى الآخر وهكذا فهو مكروه على الراجح وأما المساجد أو الموضع التي ليس لها إمام راتب فلا يكره تكرار الجماعة فيها بأن يصلي جماعة جماعة ثم يحضر آخرون فيصلون جماعة وهكذا



ما تدرك به الجماعة والجماعة في البيت

تدرك الجماعة إذا شارك المأموم إمامه في جزء من صلاته ولو آخر القعدة الأخيرة قبل السلام فلو كبر قبل سلام إمامه فقد أدرك الجماعة ولو لم يقعد معه وهذا الحكم متفق عليه بين الحنفية والحنابلة والشافعية إلا أن الشافعية استثنوا من ذلك صلاة الجمعة فقالوا : إنها لاتدرك إلا بإدراك ركعة كاملة مع الإما كما تقدم " في الجمعة " أما المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط




المالكية قالوا : تدرك الجماعة ويحصل فضلها الوارد في الحديث السابق بإدراك ركعة كاملة مع الإمام بأن ينحني المأموم في الركوع قبل أن يرفع الإمام رأسه منه وإن لم يطمئن في الركوع إلا بعد رفع الإمام ثم يدرك السجدتين أيضا مع الإمام ومتى أدرك الركعة على هذا النحو حصل له الفضل وثبتت له أحكام الاقتداء فلا يصح أن يكون إماما في هذه الصلاة ولا يعيدها في جماعة أخرى ويلزمه أن يسجد لسهو الإمام قبليا كان أو بعديا ويسلم على الإمام وعلى من على يساره وغير ذلك من أحكام المأموم أما إذا دخل مع الإمام بعد الرفع من الركوع أو ادرك الركوع معه ولم يتمكن من السجود معه لعذر كزحمة ونحوها مما تقدم فلا يحصل له فضل الجماعة ولا يثبت له أحكام الاقتداء فيصح أن يكون إماما في هذه الصلاة ويستحب أن يعيدها في جماعة أخرى لإدراك فضل الجماعة ولا يسلم على الإمام ولا على المأموم الذي على يساره ونحو ذلك وإنما قالوا : إن الفضل الوارد في الحديث هو الذي يتوقف على إدراك ركعة كاملة لأن مطلق الأجر لا يتوقف على ذلك فمن أدرك التشهد فقط مع الإمام لا يحرم من الثواب والأجر وإن كان لا يحصل له الفضل الوارد في قوله عليه السلام : صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بسبعة وعشرين درجة وهذا هو الحديث السابق



هذا ولا فرق في إدراك فضل الجماعة بين أن تكون في المسجد أو في البيت ولكنها في المسجد أفضل إلا للنساء


إذا فات المقتدي بعض الركعات أو كلها

من لا يدرك إمامه في جميع صلاته لا يخلو حاله عن أمرين : أحدهما : أن يفوته ركعة من ركعات الصلاة أو أكثر بسبب عذر أو زحمة ونحوها بعد الدخول في الصلاة ثانيهما : أن يفوته شيء من ذلك قبل الدخول فيها مع الإمام كأن يدرك الإمام في الركعة الثانية أو الثالثة أو الأخيرة وفي كل هذا تفصيل في المذاهب فانظره تحت الخط




الحنفية قالوا : إن الأول يسمى لاحقا والثاني يسمى مسبوقا فاللاحق هو من دخل الصلاة مع الإمام ثم فاته كل الركعات أو بعضها لعذر كزحام والمسبوق هو من سبقه إمامه بكل الركعات أو بعضها وحكم اللاحق كحكم المؤتم حقيقة فيما فاته فلا تنقطع تبعيته للإمام فلا يقرأ في قضاء ما فاته من الركعات ولا يسجد للسهو فيما يسهو فيه حال قضائه لأن لا سجود على المأموم فيما يسهو فيه خلف إمامه ولا يتغير فرضه أربعا بنية الإقامة إن كان مسافرا وكيفية قضاء ما فاته أن يقضيه في أثناء صلاة الإمام ثم يتابعه فيما بقي إن أدركه فإن لم يدركه مضى في صلاته إلى النهاية ولا يقرأ شيئا في قيامه حال القضاء لأنه معتبر خلف الإمام وإذا كان على الإمام سجود سهو فلا يأتي به اللاحق إلا بعد قضاء ما فاته وقد يكون اللاحق مسبوقا بأن يدخل مع الإمام في الركعة الثانية ثم تفوته ركعة أو أكثر وهو خلف الإمام وفي هذه الحالة يقضي ما سبق به بعد أن يفرغ من قضاء ما فاته بعددخوله مع الإمام وعليه القراءة في قضاء ما سبق به فاللاحق إذا كان مسبوقا عليه أن يقضي ما فاته بعد دخوله في الصلاة بدون قراءة ثم يتابع الإمام فيما بقي من الصلاة ان أدركه فيها ثم يقصي ما سبق به بقراءة فإن كان على الإمام سجود سهو في هذه الحالة أتى به بعد قضاء ما سبق به فإن قضى ما سبق به قبل أن يقتضي ما فاته صحت صلاته مع الإثم لترك الترتيب المشروع . أما المسبوق له أحكام كثيرة : منها أنه إن أدرك الإمام في ركعة سرية أتى بالثناء بعد تكبيرة الإحرام وإن أدركه في صلاة ركعة جهرية لا يأتي به على الصحيح مع الإمام وإنما يأتي به عند قضاء ما فاته وحينئذ يتعوذ ويبسمل للقراءة كالمنفرد . فإن أدرك الإمام وهو راكع أو ساجد تحرى فإن غلب على ظنه أنه لو أتى بالثناء أدركه في جزء من ركوعه أو سجوده أتى به وإلا فلا وإن أدركه في القعود لا يأتي بالثناء بل يكبر ويقعد قدر التشهد إلا في مواضع :
الأول : إذا خاف المسبوق الماسح زوال مدته إذا انتظر سلام الإمام الثاني : إذا خاف خروج الوقت وكان صاحب عذر لأنه إذا انتظره في هذه الحالة ينتقض وضوءه الثالث : إذا خاف في الجمعة دخول وقت العصر إذا انتظر سلام الإمام الرابع إذا خاف المسبوق دخول وقت العصر في العيدين أو خاف طلوع الشمس إذا انتظر سلام الإمام الخامس إذا خاف المسبوق أن يسبقه الحدث السادس : إذا خاف أن يمر الناس بين يديه إذا انتظر سلام الإمام فهذه المواضع كلها يقوم فيها المسبوق قبل أن يسلم إمامه ويقضي ما فاته متى كان الإمام قد قعد قدر التشهد أما إذا قام قبل أن يتم الإمام القعود بقدر التشهد فإن صلاة المسبوق تبطل وكما أن المسبوق لا تجب عليه متابعة إمامه في سلام عند وجود عذر من هذه الأعذار فكذلك المدرك لا تجب عليه المتابعة عند وجود ذلك العذر فإن لم يوجد عذر وجب على المأموم أن يتابع إمامه في السلام إن كان قد أتم التشهد فإن سلم إمامه قبل ذلك لا يسلم معه بل يتم تشهده ثم يسلم فإذا أتم المأموم تشهده قبل إمامه ثم سلم قبله صحت صلاته مع الكراهة إن كانت بغير عذر من تلك الأعذار والأفضل في المتابعة في السلام أن يسلم المأموم مع إمامه لا قبله ولا بعده فإن سلم قبله كان الحكم ما تقدم وإن سلم بعده فقد ترك الأفضل وكذلك المتابعة في تكبيرة الإحرام فإن المقارنة فيها أفضل أما إن كبر قبله فلا تصح صلاته وإن كبر بعده فقد فاته إدراك وقت فضيلة تكبيرة الإحرام ومنها أن يقضي أول صلاته بالنسبة للقراءة وآخرها بالنسبة للتشهد فلو أدرك ركعة من المغرب قضى ركعتين وقرأ في كل واحدة منهما الفاتحة وسورة لأن الركعتين اللتين يقضيهما هما الأولى والثانية بالنسبة للقراءة ويقعد على رأس الأولى منهما ويتشهد لأنها الثانية بالنسبة لها فيكون قد صلى المغرب في هذه الحالة بثلاث قعدات ولو أدرك ركعة من العصر مثلا قضى ركعة يقرأ فيها الفاتحة والسورة ويتشهد ثم يقضي ركعة أخرى يقرأ فيها الفاتحة والسورة ولا يتشهد ثم يقوم لقضاء الأخيرة وهو مخير في القراءة فيها وعدمها والقراءة أفضل ولو أدرك ركعتين من العصر مثلا قضى ركعتين يقرأ فيهما الفاتحة والسورة ويتشهد فلو ترك القراءة في إحداهما بطلت صلاته ومنها أنه في حكم المنفرد فيما يقضيه إلا في مواضع أربعة أحدها : أنه لا يجوز له أن يقتدي بمسبوق مثله ولا أن يقتدي به غيره فلو اقتدى مسبوق بمسبوق فسدت صلاة المقتدي دون الإمام ولو اقتدى هو بغيره بطلت صلاته ثانيها : أنه لو كبر ناويا لاستثناف صلاة جديدة من أولها وقطع الصلاة الأولى تصح بخلاف المنفرد ثالثها : أنه لو سها الإمام إلى سجود التلاوة فإن صلاته وصلاة المسبوق صحيحة
المالكية قالوا : المقتدي إن فاتته ركعة أو أكثر قبل الدخول مع الإمام فهو مسبوق وحكمه أنه يجب عليه أن يقضي بعد سلام الإمام ما فاته من الصلاة إلا أن يكون بالنسبة للقول قاضيا وبالنسبة للفعل بانيا ومعنى كونه قاضيا أن يجعل ما فاته أول صلاته فيأتي به على الهيئة التي فات عليها بالنسبة للقراءة فيأتي بالفاتحة وسورة أو بالفاتحة فقط سرا أو جهرا على حسب ما فاته ومعنى كونه بانيا أن يجعل ما أدركه أو صلاته وما فاته آخر صلاته لإيضاح ذلك نقول : دخل المأموم مع الإمام في الركعة الرابعة من العشاء وفاتته ثلاث ركعات قبل الدخول فإذا سلم الإمام يقوم المأموم فيأتي بركعة يقرأ فيها بالفاتحة وسورة جهرا لأنها أولى صلاته بالنسبة للقراءة ثم يجلس على رأسها للتشهد نها ثانية له بالنسبة للجلوس ثم يقوم بعد التشهد فيأتي بركعة بالفاتحة وسورة جهرا لأنها ثانية له بالنسبة للقراءة ولا يجلس للتشهد على رأسها لأنها ثالثة له بالنسبة للجلوس ثم يقوم فيأتي بركعة يقرأ فيها بالفاتحة فقط سرا : لأنها ثالثة له بالنسبة للقراءة ويجلس على رأسها للتشهد لأنها رابعة له بالنسبة للأفعال ثم يسلم ومن القول الذي يكون قاضيا فيه القنوت فإذا دخل مع الإمام في ثانية الصبح يقنت فيها تبعا مامه فإذا سلم الإمام قام بركعة القضاء ولا يقنت فيها لأنها أولى بالنسبة للقنوت ولا قنوت في أولى الصبح فالقول الذي يكون قاضيا فيه هو القراءة والقنوت ثم إذا ترتب على الإمام سجود سهو فإن كان قبليا سجده مع الإمام قبل قيامه للقضاء وإن كان بعيدا أخره حتى يفرغ من قضاء ما عليه والمسبوق يقوم بالقضاء بتكبير إن أدرك مع الإمام ركعتين أو أدرك أقل من ركعة وإلا فلا يكبر حال القيام بل يقوم ساكتا وأما إذا فات المأموم شيء من الصلاة بعد الدخول مع الإمام لعذر كزحمة أو نعاس لا ينقض الوضوء فله ثلاث أحوال : الأولى أن يفوته ركوع أو رفع منه الثانية : أن تفوته سجدة أو السجدتان : الثالثة : أن تفوته ركعة أو أكثر فالحالة الأولى أنه إذا فات المأموم الركوع أو الرفع منه مع الإمام فإما أن يكون ذلك في الركعة الأولى أو غيره فإن كانت في الركعة الأولى تبع الإمام فيما هو فيه من الصلاة وألغى هذه الركعة لعدم انسحاب المأمومية عليه بفوات الركوع مع الإمام . ولعدم عقد الركعة مع الإمام في حالة فوات الرفع معه بناء على أن عقد الركوع برفع الرأس منه مع الإمام وعليه أن يقضي ركعة بعد سلام الإمام بدل الركعة التي ألغاها وإن كان ذلك الفوات في غير الركعة الأولى فإن ظن أنه لو ركع أو رفع يمكنه أن يسجد مع الإمام ولو سجدة واحدة فعل ما فاته ليدرك الإمام ثم إن تحقق ظنه فالأمر واضح وإن تخلف ظنه كأن كان بمجرد ركوعه رفع الإمام رأسه من السجدة الثانية فإنه يلغي ما فعله ويتبع الإمام فيما هو فيه ويقضي ركعة بعد سلامه : وإن لم يظن إدراك شيء من السجود مع الإمام ألغى هذه الركعة وقضى ركعة بعد سلام الإمام فإن خالف ما أمر به وأتي بما فاته فإن أدرك مع الإمام شيئا من السجود صحت صلاته وحسبت له الركعة وإلا بطلت لمخالفة ما أمر به مع قضاء ما فاته من طلب إمامه الحالة الثانية : أن يفوته سجدة أو سجدتان وحكم ذلك أن المأموم إما أن يظن أن يدرك الإمام قبل رفع رأسه من ركوع الركعة التالية أو لا ففي الحالة الأولى يفعل ما فاته ويلحق الإمام وتحسب له الركعة وفي الحالة الثانية يلغي الركعة ويتبع الإمام فيما هو فيه ويأتي بركعة بعد سلام الإمام ولا سجود عليه بعد السلام لزيادة الركعة التي ألغاها لأن الإمام يحمل مثل ذلك عنه الحالة الثالثة : أن تفوته ركعة أو أكثر بعد الدخول مع الإمام وحكم ذلك أنه يقضي ما فاته بعد سلام الإمام على نحو ما فاته بالنسبة للقراءة والقنوت ويكون بانيا في الأفعال على ما تقدم وقد يفوت المأموم جزء من الصلاة قبل الدخول مع الإمام ثم يفوته ركعة أيضا أو أكثر بعد الدخول لزحمة ونحوها مثال ذلك : أن يدخل المأموم مع الإمام في الركعة الثانية الرباعية فيدرك معه الثانية والثالثة وتفوته الرابعة فقد فاته الآن ركعتان : إحداهما : قبل الدخول مع الإمام والثانية بعد الدخول معه وحكم ذلك أنه يقدم في القضاء الركعة الثانية التي هي رابعة الإمام فيأتي بها بالفاتحة فقط سرا ولو كانت الصلاة جهرية لم يجلس عليها لأنها أخيرة الإمام ثم يقوم فيأتي بركعة بدل الأول ويقرأ فيها بالفاتحة وسورة لأنها أولى ويجهر إن كانت الصلاة جهرية ويجلس عليها لأنها أخيرته هو ثم يسلم
الحنابلة قالوا : من اقتدى بالإمام من أول الصلاة أو بعد ركعة فأكثر وفاته شيء منها فهو في الحالتين مسبوق فمن دخل مع إمامه من أول صلاته وتخلف عنه بركن بعذر كغفلة أو نوم لا ينقض الوضوء وجب عليه أن يأتي بما فاته متى زال عذره إذا لم يخش فوت الركعة التالية بعدم إدراك ركوعها مع الإمام وصارت الركعة معتدا بها فإن خشي فوت الركعة التالية مع الإمام على صفتها وإن تخلف عن إمامه بركعة فأكثر لعذر من الأعذار السابقة تابعه وقضى ما تخلف به عن إمامه بعد فراغه على صفته ومعنى قضاء ما فاته على صفته أنه لو كان ما فاته الركعة الأولى أتى عند قضائها بما يطلب فعله فيها من استفتاح وتعوذ وقراءة سورة بعد الفاتحة وإن كانت الثانية قرأ سورة بعد الفاتحة وإن كانت الثالثة أو الرابعة قرأ الفاتحة فقطن وإن دخل مع إمامه وأدرك ركوع الأولى ثم تخلف عن السجود معه لعذر وزوال عذره بعد رفع إمامه من ركوع الثانية تابع إمامه في سجود الثانية وتمت له بذلك ركعة ملفقة من ركوع الأولى وسجود الثانية ويقضي ما فاته بعد سلام إمامه على صفته . كما تقدم وهذا كله إذا كان المقتدي قد دخل مع إمامه من أول صلاته أما إذا دخل معه بعد ركعة فأكثر فيجب عليه قضاء ما فاته بعد فراغ إمامه من الصلاة ويكون ما يقضيه أول صلاته وما أداه مع إمامه آخر صلاته فمن أدرك الإمام في الظهر في الركعة الثالثة وجب عليه قضاء الركعتين بعد فراغ إمامه فيسفتح ويتعوذ ويقرأ الفاتحة وسورة في أولاهما ويقرأ الفاتحة وسورة في الثانية لما علمت ويخير في الجهر إن كانت الصلاة جهرية غير جمعة فإنه لا يجهر فيها ويجب على المسبوق أن يقوم للقضاء قبل تسليمة الإمام الثانية فإن قام فيها بلا عذر ويبيح المفارقة وجب عليه أن يعود ليقوم بعدها وإلا انقلبت صلاته نفلا ووجبت عليه إعادة الفرض الذي صلاه مع الإمام وإنما يكون ما يقصيه المسبوق أول صلاته فيما عدا التشهد أما التشهد فإنه إذا أدرك إمامه في ركعة من رباعية أو من المغرب فإنه يتشهد بعد قضاء ركعة أخرى لئلا يغير هيئة الصلاة وينبغي للمسبوق أن يتورك في تشهد إمامه الأخير إذا كانت الصلاة مغربا أو رباعية تبعا لإمامه وإذا سلم المسبوق مع إمامه سهوا وجب عليه أن يسجد للسهو في آخر صلاته وكذا يسجد للسهو إن سها فيما يصليه مع الإمام وفيما انفرد بقضائه ولو شارك الإمام في سجوده لسهوه وإذا سها الإمام ولم يسجد لسهوه وجب على المسبوق سجود السهو بعد قضاء ما فاته ويعتبر المسبوق مدركا للجماعة متى أدرك تكبيرة الإحرام قبل سلام الإمام التسليمة الأولى ولا يكون المسبوق مدركا للركعة إلا إذا أدرك ركوعها مع الإمام ولو لم يطمئن معه وعليه أن يطمئن وحده ثم يتابعه يتبع . . . تابع . . . 1 : من لا يدرك إمامه في جميع صلاته لا يخلو حاله عن أمرين : أحدهما : أن
الشافعية قالوا : ينقسم المقتدي إلى قسمين : مسبوق وموافق فالمسبوق هو الذي لم يدرك مع الإمام زمنا يسع قراءة الفاتحة من قارئ معتدل ولو أدرك الركعة الأولى والموافق هو الذي أدرك مع الإمام بعد إحرامه وقبل ركوع إمامه زمنا يسع الفاتحة ولو في آخر ركعة من الصلاة فالعبرة في السبق وعدمه بإدراك الزمن الذي يسع قراءة الفاتحة بعد إحرامه وقبل ركوع الإمام وعدم إدراكه ولكل حكم أما المسبوق فله ثلاثة أحوال : الحالة الأولى : أن يدخل مع الإمام وهو راكع الحالة الثانية : أن يدخل مع الإمام وهو قائم ولكنه بمجرد إحرامه ركع مع الإمام الحالة الثالثة : أن يدخل مع الإمام وهو قائم ولكنه قريب من الركوع بحيث يتمكن المأموم من قراءة شيء من الفاتحة وحكم المأموم في الحالتين الأوليين أنه يجب عليه الركوع مع الإمام من قراءة شيء من الفاتحة وتحسب له الركعة إن اطمأن مع الإمام يقينا في الركوع وغلا فلا يعتد بها ويأتي بركعة بدلها بعد سلام الإمام وفي الحالة ويندب له ترك دعاء الاستفتاح والتعوذ فإن اشتغل بشيء منهما وجب عليه أن يستمر قائما بدون ركوع حتى يقرأ من الفاتحة بقدر الزمن الذي صرفه في دعاء الاستفتاح أو التعوذ ثم إن اطمأن مع الإمام في الركوع يقينا حسبت له الركعة وإلا فلا وتصح صلاته ولا تجب عليه نية المفارقة إلا إذا استمر في القراءة الواجبة عليه حتى هوى الإمام للسجود فحينئذ تجب عليه نية المفارقة وإلا بطلت صلاته لتأخره عن إمامه بركنين فعليين بلا عذر وأما الموافق فقد تقدمت أحكامه في مبحث " المتابعة " ثم إن كلا من المسبوق والموافق بالمعنى المتقدم قد يكون مسبوقا بمعنى أنه فاته بعض ركعات الصلاة مع الإمام وحكم هذا أن أول صلاة المأموم في هذه الحالة هو ما أدركه مع الإمام فلو أدرك مع الإما الركعة الثانية ثم قام للإتيان بما فاته تحسب له الركعة التي أداها مع الإمام الأولى وإن كانت ثانية بالنسبة للإمام فيسن له أن يقنت في الركعة التي يأتي بها لأنها ثانية له وإن كان قد قنت في الركعة التي أداها مع الإمام متابعة له . وينبغي للمسبوق الذي لم يتحمل عنه الإمام الفاتحة أن يجعل صلاته غير خالية من السورة بعد الفاتحة فمثلا إذا أدرك الإمام في ثالثة الظهر ثم فعل ما فاته بعد فراغه يسن له أن يأتي بآية أو سورة بعد الفاتحة فيهما لئلا تخلو صلاته من سورة