الفقه على المذاهب الأربعة

الصلوة

مباحث قضاء الصلاة الفائتة

حكمه

قضاء الصلاة المفروضة التي فاتت واجب على الفور سواء فاتت بعذر غير مسقط لها أو فاتت بغير عذر أصلا باتفاق ثلاثة من الأئمة




الشافعية قالوا : إن كان التأخير بغير عذر وجب القضاء على الفور وإن كان بعذر وجب على التراخي : ويستثنى من القسم الأول أمور لا يجب فيها القضاء على الفور : منها تذكر الفائتة وقت خطبة الجمعة فإنه يجب تأخيرها حتى يصلي الجمعة ومنها ضيق وقت الحاضرة عن أن يسع الفائتة الت فاتت بغير عذر وركعة من الحاضرة ففي هذه الحالة يجب عليه تقديم الحاضرة لئلا يخرج وقتها ومنها لو تذكر فائتة بعد شروعه في الصلاة الحاضرة فإنه يتمها سواء ضاق الوقت أو اتسع



. ولا يجوز تأخير القضاء إلا لعذر كالسعي لتحصيل الرزق وتحصيل العلم الواجب عليه وجوبا عينيا وكالأكل والنوم ولا يرتفع الإثم بمجرد القضاء بل لا بد من التوبة كما لا ترتفع الصلاة بالتوبة بل لا بد من القضاء لأن من شروط التوبة الإقلاع عن الذنب والتائب بدون قضاء غير مقلع عن ذنبه ومما ينافي القضاء فورا الاشتغال بصلاة النوافل على تفصيل في المذاهب




الحنفية قالوا : الاشتغال بصلاة النوافل لا ينافي القضاء فورا وإنما الأولى أن يشتغل بقضاء الفوائت ويترك النوافل إلا السنن الرواتب وصلاة الضحى وصلاة التسبيح وتحية المسجد والأربع قبل الظهر والست بعد المغرب
المالكية قالوا : يحرم على من عليه فوائت أن يصلي شيئا من النوافل إلا فجر يومه والشفع والوتر إلا السنة كصلاة العيد فإذا صلى نافلة غير هذه كالتراويح كان مأجورا من جهة كون الصلاة في نفسها طاعة وآثما من جهة تأخير القضاء ورخصوا في يسير النوافل كتحية المسجد والسنن الرواتب
الشافعية قالوا : يحرم على من عليه فوائت يجب عليه قضاؤها فورا وقد تقدم ما يجب فيه الفور - أن يشتغل بصلاة التطوع مطلقا سواء كانت راتبة أو غيرها حتى تبرأ ذمته من الفوائت
الحنابلة قالوا : يحرم على من عليه فوائت أن يصلي النفل المطلق فلو صلاه لا ينعقد وأما النفل المقيد كالسنن الرواتب والوتر فيجوز له أن يصليه في هذه الحالة ولكن الأولى له تركه إن كانت الفوائت كبيرة ويستثنى من ذلك سنة الفجر فإنه يطلب قضاؤها ولو كثرت الفوائت لتأكدها وحث الشارع عليها



كيف تقضى الفائتة ؟

من فاتته صلاة قضاها على الصفة التي فاتت عليها فإن كان مسافرا سفر قصر وفاتته صلاة رباعية قضاها ركعتين ولو كان القضاء في الحضر عند الحنفية والمالكية وخالف الشافعية والحنابلة فانظر مذهبيهما تحت الخط




الحنابلة و الشافعية قالوا : إن كان مسافرا وفاتته صلاة رباعية قضاها ركعتين إن كان القضاء في السفر أما إن كان في الحضر فيجب قضاؤها أربعا لأن الأصل الإتمام فيجب الرجوع إليه في الحضر



وإن كان مقيما وفاتته تلك الصلاة قضاها أربعا ولو كان القضاء في السفر وإذا فاتته صلاة سرية كالظهر مثلا فإنه يقرأ في قضائها سرا ولو كان القضاء ليلا وإذا فاتته جهرية كالمغرب مثلا فإنه يقرأ في قضائها جهرا ولو كان القضاء نهارا عند الحنفية والمالكية وخالف الشافعية والحنابلة فانظر مذهبيهما تحت الخط




الشافعية قالوا : العبرة بوقت القضاء سرا أو جهرا فمن صلى الظهر قضاء ليلا جهر ومن صلى المغرب قضاء نهارا أسر
الحنابلة قالوا : إذا كان القضاء نهارا فإنه يسر مطلقا سواء أكانت الصلاة سرية أم جهرية وسواء أكان إماما أو منفردا وإن كان القضاء ليلا فإنه يجهر في الجهرية إذا كان إماما لشبه القضاء الأداء في هذه الحالة أما إذا كانت سرية فإنه يسر مطلقا وكذا إذا كانت جهرية وهو يصلي منفردا فإنه يسر



مراعاة الترتيب في قضاء الفوائت

ينبغي مراعاة الترتيب في قضاء الفوائت بعضها مع بعض فيقضي الصبح قبل الظهر والظهر قبل قضاء العصر وهكذا كما ينبغي مراعاة الترتيب بين الفوائت والحاضرة وبين الحاضرتين كالصلاتين المجموعتين في وقت واحد وفي ذلك تفصيل المذاهب فانظره تحت الخط




الحنفية قالوا : الترتيب بين الفوائت بعضها مع بعض وبين الفائتة والوقتية لازم فلا يجوز أداء الوقتية قبل قضاء الفائتة ولا قضاء فائتة الظهر قبل قضاء فائتة الصبح مثلا وكذلك الترتيب بين الفرائض والوتر فلا يجوز أداء الصبح قبل قضاء فائتة الصبح مثلا وكذلك الترتيب بين الفرائض والوتر فلا يجوز أداء الصبح قبل قضاء فائتة الوتر كما لا يجوز أداء الوتر قبل أداء العشاء وإنما يجب الترتيب إذا لم تبلغ الفوائت ستا غير الوتر فلو كانت عليه فوائت أقل من ست صلوات وأراد قضاءها يلزمه أن يقضيها مرتبة فيصلي الصبح قبل الظهر والظهر قبل العصر وهكذا فلو صلى الظهر قبل الصبح فسدت صلاة الظهر ووجبت عليه إعادتها بعد قضاء فائتة الصبح وكذا إذا صلى العصر قبل الظهر وهلم جرا أما إذا بلغت الفوائت ستا غير الوتر فإنه يسقط عنه حينئذ الترتيب كما سنذكره وكذا لو كان عليه فوائت أقل من ست وأراد قضاءها والخامسة ومتى خرج وقت الخامسة ولم يقض الفائتة الأولى صحت الصلوات التي صلاها جميعا وعليه أن يقضي الفائتة فقط لأنها صارت كالفوائت يسقط بها الترتيب لأن مراعاة الترتيب بين الفائتة والوقتية كما يسقط بكثرة الفوائت يسقط بكثرة المؤدى أما إذا قضى الفائتة قبل خروج وقت الخامسة انقلبت الصلوات التي صلاها كلها نفلا ولزمه قضاؤها فلو فاتته صلاة الصبح ثم صلى الظهر بعدها وهو ذاكر فسدت صلاة الظهر فسادا موقوفا فلو صلى العصر قبل قضاء الصبح وقعت صلاة العصر اليوم الأول قبل ذلك فسدت فرضية كل ما صلاه وانقلب نفلا ولزمه إعادته وإلا صح كل ما صلاه ولزمه فقط إعادة الفائتة التي عليه وحدها ومن تذكر فائتة أو أكثر في أثناء أداء صلاته انقلبت صلاته نفلا وأتمها ركعتين ثم يقضي ما فاته مراعيا الترتيب بين الفوائت وبينها وبين الوقتية أما إذا تذكر صلاة الصبح وهو يصلي الجمعة فإن لم يخف فوت وقت الجمعة أتى بصلاة الفائتة ثم صلى الوقتية جمعة أو ظهرا وإن خاف فوت وقت الجمعة أتمها ثم أتى بالفائتة ويسقط الترتيب بثلاثة أمور : الأول : أن تصير الفوائت ستا كما ذكر ولا يدخل الوتر في العدد المذكور الثاني : ضيق الوقت عن أن يسع الوقتية الفائتة الثالث : نسيان الفائتة وقت الأداء لأن الظهر إنما يجيء من حلول وقتها قبل الوقتية والفائتة عند نسيانها لم يوجد وقتها لعدم تذكرها فلا تزاحم الوقتية وقد قال صلى الله عليه و سلم : " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه "
المالكية قالوا : يجب ترتيب الفوائت في نفسها سواء كانت قليلة أو كثيرة بشرطين : أن يكون متذكرا للسابقة وأن يكون قادرا على الترتيب بأن لا يكره على عدمه وهذا الوجوب غير شرطي فلو خالفه لا تبطل المقدمة على محلها ولكنه يأثم ولا إعادة عليه للصلاة المقدمة لخروج وقتها بمجرد فعلها : ويجب أيضا بالشرطين السابقين ترتيب الفوائت اليسيرة مع الصلاة الحاضرة والفوائت اليسيرة ما كان عددها خمسا فأقل فيصليها قبل الحاضرة ولو ضاق وقتها فإن قدم الحاضرة عمدا صحت مع الإثم ويندب له إعادتها بعد قضاء الفوائت إذا كان وقتها باقيا ولو الوقت الضروري وقد تقدم بيانه في مبحث " أوقات الصلاة " أما إن قدمها ناسيا أن عليه فوائت ولم يتذكر حتى فرغ منها فإنها تصخ ولا إثم وأعاد الحاضرة ندبا كما تقدم وأما لو تذكر الفوائت اليسيرة في أثناء المحاضرة فإن كان تذكره قبل تمام ركعة منها بسجدتيها قطعها وجوبا ورجع للفوائت سواء كان منفردا أو إماما ويقطع مأمومه تبعا له فإن كان مأموما وتذكر في الحاضرة أن عليه فوائت يسيرة فلا تقطع صلاته نظرا لححق الإمام وندب له أن يعيدها بعد قضاء الفوائت إن كان وقتها باقيا ولو الضروري وإن كان التذكر بعد تمام ركعة بسجدتيها ضم إليها ركعة أخرى ندبا وجعلها نافلة وسلم ورجع للفوائت وإن كان التذكر بعد صلاة ركعتين من الثنائية أو الثلاثية أو بعد ثلاث من الرباعية أتمها ثم يصلي الفوائت ثم يعيد الحاضرة ندبا في الوقت إن كان باقيا وإذا تذكر يسير الفوائت وهو في نفل أتمه مطلقا إلا إذا خاف خروج وقت حاضرة لم يكن صلاها ولم يعقد من النفل ركعة فيقطعه حينئذ وأما إذا كانت الفوائت أكثر من خمس فلا يجب تقديمها على الحاضرة بل يندب تقديم الحاضرة عليها إن اتسع وقتها فإن ضاق قدمها وجوبا ويجب وجوبا شرطيا ترتيب الحاضرتين المشتركتي الوقت وهما الظهر والعصر والمغرب والعشاء سواء كانتا مجموعتين أولا بأن يصلي الظهر قبل العصر والمغرب قبل العشاء فإن خالف بطلت المقدمة على محلها إلا إذا أكره على التقديم أو كان التقديم نسيانا فإنها تصح إن لم يتذكر الأولى حتى فرغ من الثانية وأعادها ندبا بعد أن يصلي الأولى إن كان الوقت باقيا ولو الضروري أما إذا تذكر الأولى في أثناء الثانية فحكمه حكم من تذكر يسير الفوائت في الصلاة الحاضرة على المعتمد فيقطع إن عقد ركعة ويندب له أن يضم إليها أخرى ويجعلها نفلا إن عقدها إلى آخر ما تقدم تفصيله
الحنابلة قالوا : ترتيب الفوائت في نفسها واجب سواء كانت قليلة أو كثيرة فإذا خالف الترتيب كأن صلى العصر الفائتة قل الظهر الفائتة لم تصح المتقدمة على محلها كالعصر في المثال السابق إن خالف وهو متذكر للسابقة فإن كان ناسيا أن عليه الأولى فصلى الثانية ولم يتذكر الأولى حتى فرغ منها صحت الثانية أما إذا تذكر الأولى في أثناء الثانية كانت الثانية باطلة . وترتيب الفوائت مع الصلاة الحاضرة واجب إلا إذا خاف فوات وقت الحاضرة ولو الاختياري فيجب تقديمها على الفوائت وتكون صحيحة كما تصح إذا قدمها على الفوائت ناسيا أن عليه فوائت ولم يتذكر حتى فرغ من الحاضرة وترتيب الصلاتين الحاضرتين واجب أيضا بشرط التذكر للأولى على ما تقدم من التفصيل بتمامه فإذا كان مسافرا وأراد أن يجمع بين الظهر والعصر في وقت العصر مثلا وجب عليه أن يقدم الظهر على العصر فإذا خالف وكان متذكرا للظهر ولو في اثناء العصر بطلت وإن استمر ناسيا للظهر حتى فرغ من صلاة العصر صحت ولا يسقط الترتيب بجهل وجوبه ولا بخوف فوت الجماعة فمن فاتته صلاة الصبح وصلاة العصر فصلى الظهر قبل الصبح جاهلا وجوب الترتيب بينهما ثم صلى العصر في وقتها صحت صلاة العصر لاعتقاده عدم وجوب الترتيب بينهما ثم صلى العصر في وقتها صحت صلاة العصر لاعتقاده عدم وجوب الترتيب بينهما ثم صلى العصر في وقتها صحت صلاة العصر لاعتقاده عدم وجوب صلاة عليه حال صلاة العصر ويجب عليه إعادة الظهر
الشافعية قالوا : ترتيب الفوائت في نفسها سنة سواء كانت قليلة أو كثيرة فلو قدم بعضها على بعض صح المقدم على محله وخالف الستة والأولى إعادته فمن صلى العصر قبل الظهر أو صلى ظهر الخميس القضاء قبل ظهر يوم الأربعاء الذي قبله صح وترتيب الفوائت مع الحاضرة سنة أيضا بشرطين : الأول : أن لا يخشى فوات الحاضرة - وفواتها يكون بعدم إدراك ركعة منها في الوقت الثاني : أن يكون متذكرا للفوائت قبل الشروع في الحاضرة فإن لم يتذكرها حتى شرع فيها أتمها ولا يقطعها للفوائت ولو كان وقتها متسعا وإذا شرع في الفائتة قبل الحاضرة معتقدا سعة الوقت فظهر له بعد الشروع فيها أنه لو أتم الفائتة خرج وقت الحاضرة فإما أن يقطعها وإما أن يقلبها نفلا ويسلم ليدرك الحاضرة في الصلاتين وهو الأفضل وترتيب الحاضرتين المجموعتين تقديما واجب وفي المجموعتين تأخيرا سنة كما تقدم



إذا كان على المكلف فوائت لا يدري عددها

من عليه فوائت لا يدري عددها يجب عليه أن يقضي حتى يتيقن براءة ذمته عند الشافعية والحنابلة وقال المالكية والحنفية : يكفي أن يغلب على ظنه براءة ذمته ولا يلزم عند القضاء تعيين الزمن بل يكفي تعيين المنوي كالظهر أو العصر مثلا وخالف الحنفية فانظر مذهبهم تحت الخط




الحنفية قالوا : لا بد من تعيين الزمن فينوي أول ظهر عليه أدرك وقته ولم يصله وهكذا أو ينوي آخر ظهر عليه كذلك



هل تقضى الفائتة في وقت النهي عن النافلة ؟

تقضي الفائتة في جميع الأوقات ولو في وقت النهي عن صلاة النافلة على تفصيل في المذاهب فانظره تحت الخط




الحنفية قالوا : لا يجوز قضاء الفوائت في ثلاثة أوقات : وقت طلوع الشمس ووقت الزوال ووقت الغروب وما عدا ذلك يجوز فيه القضاء ولو بعد العصر
المالكية قالوا : إن كانت الفائتة في ذمته يقينا أو ظنا قضاها ولو في وقت النهي عن صلاة النافلة فيقضيها عند طلوع الشمس وعند غروبها وغير ذلك من أوقات النهي عن النافلة وتقدم بيانها وإن شك في شغل ذمته بها وعدمه قضاها في غير أوقات النهي عن النافلة أما في أوقات النهي فيحرم قضاؤها في أوقات حرمة النافلة ويكره في أوقات كراهة النافلة
الشافعية قالوا : يجوز قضاء الفوائت في جميع أوقات النهي إلا إذا قصد قضاء الفوائت فيها بخصوصها فإنه لا يجوز ولا تنعقد الصلاة أما الوقت المشغول بخطبة خطيب الجمعة فإنه لا يجوز فيه قضاء الفوائت ولا تنعقد بمجرد جلوس الخطيب على المنبر وإن لم يشرع في الخطبة إلى أن تتم الخطبتان بتوابعهما
الحنابلة قالوا : يجوز قضاء الفوائت في جميع أوقات النهي بلا تفصيل